الإدانة الخليجية للهجمة الإسرائيلية على إيران: أبعاد ودلالات

آخر تحديث 2024-11-01 02:00:05 - المصدر: اندبندنت عربية

جزء من أفق مدينة طهران عند الفجر بعد سماع عدة انفجارات في 26 أكتوبر 2024 (أ ف ب)

عبّرت دول الخليج العربية الست، الكويت والسعودية والبحرين والإمارات وقطر، عن إدانتها للهجوم الإسرائيلي الأخير على إيران الذي وقع الأسبوع الماضي.

الموقف الجماعي الخليجي بإدانة الهجوم تكمن وراءه أسباب ويحمل في طياته معاني ودلالات إقليمية مهمة.

أولا، بإدانتها الجماعية للهجوم، عكست دول الخليج العربية موقفاً موحداً من حدث مهم في المنطقة، وهو من المواقف الخليجية الموحدة النادرة خلال الأعوام الأخيرة، فقد تعرضت المواقف الخليجية لهزات وتشتت حيال كثير من القضايا وأهمها حرب اليمن والعلاقة مع إسرائيل، وأخذ هذا التشتت وجوهاً عدة لعل أشهرها كان الأزمة التي عصفت بدول المجلس عام 2017 حين قاطعت ثلاث دول خليجية دولة قطر.

بموقفها الموحد من الهجوم على إيران، استشعرت دول المجلس أهمية تنسيق المواقف، وعكست شعوراً بالمسؤولية بضرورة رص الصفوف وتوحيد الكلمة، إدراكاً للأخطار التي تحيق بالمنطقة وتستهدف دول مجلس التعاون الخليجي.

ثانياً، عكست الإدانة الجماعية صدقاً وثباتاً في الموقف الخليجي العربي بعدم توسعة الحرب في الإقليم كله لأنها ستكتوي بنارها لو أنها شملت المنطقة برمتها.

ثالثاً، أثبتت دول المجلس أنها عند موقفها بعدم السماح باستخدام أي من القواعد الأميركية على أراضيها لاستهداف أي من جيرانها، وعلى رأسهم الجارة إيران.

رابعاً، لم تسمح أي من دول المجلس للطيران الحربي الإسرائيلي بالمرور في أجوائها للهجوم على إيران.

خامساً، أرسلت دول الخليج العربية رسالة سلام للشعوب الإيرانية بأنها تنشد مبادئ التعايش واحترام حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وهي مبادئ ليست في قاموس السياسة الإيرانية الرسمية مع الأسف الشديد.

كما يدرك الخليجيون العرب أن هناك زوايا متغطرسة في طهران تترجم الإدانة الخليجية للهجوم عليها على أنه ضعف وخوف منها، وهذا غير مهم ما دام أن هذه الدول ملتزمة مبادئ حسن الجوار واستراتيجية التعاون والتعايش، بدلاً من استراتيجيات الهدم والتدمير.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لعل واحدة من أهم الملاحظات على الهجوم الإسرائيلي على إيران أن الطيران الحربي الإسرائيلي استخدم الأجواء السورية والعراقية لتنفيذ العملية، وهذا أمر مدعاة للغرابة، فلِمَ لم تمنع أي من الدولتين الحليفتين لإيران والواقعتين تحت نفوذها وتأثيرها الهجوم أو تعترضه؟. والسبب هنا يكمن في الاحتمالات أدناه:

- أن هاتين الدولتين لا تستطيعان ولم تكتشفا الطائرات التي نفذت الهجوم.

- أن هاتين الدولتين خافتا من أن تعترض الطيران الإسرائيلي كي لا تنالهما ضربات مشابهة.

- أن هاتين الدولتين متواطئتان مع إسرائيل لضرب إيران.

اعترف الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان بأن الطيران الحربي الإسرائيلي الذي قام بالهجوم على بلاده استخدم ممراً جوياً "رصفته" الولايات المتحدة الأميركية، وكأنه بهذا التصريح يعفي السلطات السورية من المسؤولية، وينحي باللائمة على العراق الذي بادر بدوره بتقديم شكوى إلى الأمم المتحدة لخرق إسرائيل أجواءه.

وهي شكوى في الغالب لذر الرماد بالعيون ولا تغني ولا تسمن من جوع. لكن التساؤل الآن حول رد فعل "الحشد الشعبي" الموالي لإيران الذي يتوعد إسرائيل وأميركا ليل نهار بالويل والثبور، فهل سيقف محايداً جراء انتهاك أجواء بلاده لضرب "معازيبه" في إيران؟. هذا ما ستكشف عنه الأيام.

هناك شعور خفي لدى المواطنين الخليجيين بأن دولهم مستهدفة، وأن ما يجري في المنطقة اليوم سيتطاير شرره عليهم غداً، وانعكس هذا الشعور بأهمية تنسيق المواقف الخليجية درءاً لتقلبات الأيام وحروب المنطقة.

ولعل الكويتيين هم الأكثر استشعاراً لأخطار المنطقة وهزاتها السياسية، فهم الأقرب جغرافياً لإيران، بل يمكن القول مجازاً إن إيران أصبحت على حدودهم الشمالية بحكم تحكمها بالشأن العراقي، كما أن الكويت خبرت الحروب بأسوأ أشكالها يوم احتلها العراق عام 1990، ولولا "الفزعة الخليجية" لها، لما عادت الكويت حرة مستقلة لأهلها، لذا فهم حريصون جداً على تضامن المجلس الخليجي ووحدة مواقفه.

 تنسيق المواقف الخليجية وتوحيد الصفوف تحسباً لأخطار تالية، مسألة مصيرية لمستقبل دول مجلس التعاون الخليجي العربية وأمنها.