في عالم الإعلام المتخم بالأصوات المتداخلة والمتشابكة، يطفو على السطح برنامج عراقي غريب يدعى "مقص"، برنامجٌ يسبح في دائرةٍ مفرغة من التقليد والتكرار، وكأنما هو مجرد نسخة مكررة لما سبق. يُقدَّم هذا البرنامج من قبل شخصٍ ساذج يفتقر إلى أبسط مقومات الثقافة الإعلامية، ولا يمتلك من العلم والإحاطة ما يجعل منه مقدماً لبرنامج يطمح إلى التأثير. وكأنما وُجد في هذا الفضاء الإعلامي عن قصدٍ، رغم أنه بعيد كل البعد عن القدرة على الفهم أو التأثير.
طردوه من فضائية، فوجد في الفضاء الافتراضي متنفساً له، وعندما بات يلفظ أنفاسه الأخيرة تحوّل البرنامج إلى مجرد سلاحٍ عابر للهجوم غير المبرر على شخصية سياسية بارزة، السيد مسرور البارزاني. ولكن السؤال لا يكمن في النقد الصادق أو الفكر الراقي، بل في محاولاتٍ يائسة لإثارة الجدل، والشهرة على حساب رجالٍ ذوي مكانة راسخة. فالمقدم لا يعرض سوى كلماتٍ فارغة، محاولًا تسويق نفسه عبر هجومٍ غير مدروس على قائدٍ سياسي، دون أن يقدم أي تحليلٍ منطقي أو رؤية واضحة تدعم كلامه. في سباقٍ محموم مع الوقت، يذهب المقدم إلى أبعد حدٍ في ترويج أفكار متناقضة في مواقعٍ مفتوحة المصدر مثل ويكيبيديا، محاولًا تعبئة فراغه الفكري بأوهامٍ لا تسمن ولا تغني من جوع. لكن حتى هذه المحاولات باءت بالفشل، فلم يذكر في تعريف البرنامج سوى اسم السيد مسعود البارزاني، في مسعى ساذج لخلق شهرةٍ وهمية.
أما عن السيد البارزاني، فكلنا يعلم أن مثل هذه الهجمات لن تهز في قناعاته شيئًا، إذ لا يزعجه مثل هذا الهراء، سواء كان من برامج رخيصة مثل "مقص" أو حتى من برامج مشهورة. فكل البرامج الجادة، سواء كانت ساخرة أو غير ساخرة، تدرك تمامًا أن السيد البارزاني هو شخصية لا تقارن بمن يسعى للمنافسة عبر الهجوم البسيط. ولو أن هذا المقدم أتاح لنفسه، كأي إنسان آخر، الفرصة لزيارة أربيل أو حتى إحدى القرى الصغيرة في كردستان أو كما يسميه "شمال العراق"، لربما شعر بالحرج وانكفى، وربما قدم اعتذاراً فورياً عما تفوه به.
لا يعد برنامج "مقص" سوى سراب إعلامي، يقدمه شخصٍ لا يبدو أنه مقتنع بما يقدمه، حاله حال الكثيرين، بل يتشبث بما يدر عليه قوت يومه، مهما كانت الوسائل. يُنادي المقدم بأن برنامجه هو "كوميدي ساخر من وحي الخيال"، وهو ما يكفي ليدل على عجزه في تقديم شيءٍ ذي قيمة. لكنه في الواقع ليس سوى هروبٍ من الحقيقة، إذ أن الواقع هو أن هذا البرنامج لا يمت للحقيقة بصلة، بل هو محاولةٌ لتمثيل واقعٍ بعيد عن جوهر الإعلام الحقيقي. وفي الوقت الذي يزعم فيه هذا البرنامج أنه يمثل الواقع، يبقى الحلم الحقيقي لهذا المقدم هو أن يكون جزءاً من ثقافة ناضجة ومزدهرة، مثل تلك التي تحتضنها مدينة أربيل، وقراها التي تنبض بالحياة والتقدم، ولكن هيهات!.. فـ"الحرية لا تُكتسب عبر الهجوم على الآخرين، بل بالتقدم والارتقاء بذاتك"!
ملاحظة: المقال يعبّر عن رأي كاتبه ولا يمثل "هذا اليوم"، وحق الرد مكفول للطرفين.