مؤيدو المعارضة السورية يقفون فوق دبابة لجيش النظام السوري تم الاستيلاء عليها في بلدة معرة النعمان، جنوب غرب حلب، السبت 30 نوفمبر 2024 (أ ب)
أكد رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني مساء اليوم السبت لرئيس النظام السوري بشار الأسد أن "أمن سوريا واستقرارها يرتبطان بالأمن القومي للعراق" و"الأمن الإقليمي عموماً ومساعي ترسيخ الاستقرار في الشرق الأوسط".
كذك شدد المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية يحيى رسول أمس الجمعة على أن "الحدود مع سوريا محصنة بإحكام ومؤمنة بصورة كبيرة"، مضيفاً أن "أي إرهابي يحاول دخول الحدود العراقية سيواجه رداً حازماً وقوياً".
وجاء تصريح رسول في وقت تشهد سوريا منذ أيام هجوماً للفصائل المسلحة على محافظتي إدلب وحلب حيث شنّت "هيئة تحرير الشام" وفصائل حليفة لها هذا الأسبوع، أكبر عملية عسكرية منذ أعوام ضد مناطق يسيطر عليها الجيش السوري في شمال البلاد وشمال غربها، في هجوم مباغت أتاح لها السيطرة على معظم مدينة حلب، ثاني كبرى مدن سوريا.
ويبدو أن القوات الأمنية العراقية أعدت العدة بصورة كبيرة في الأعوام الماضية من خلال بناء عدد من السواتر الترابية والسياجات الكونكريتية، ونصب عدد كبير من الكاميرات الحرارية، وشرعت مطلع هذا الشهر في بناء سياج حدودي بطول 100 كيلومتر على طول الحدود العراقية- السورية تحسباً لأي أحداث أمنية متوقعة في سوريا أو أي عمليات تسلل من قبل مسلحين.
وتفقد وزير الدفاع العراقي ثابت محمد العباسي اليوم القوات المسلحة المنتشرة على الشريط الحدودي مع سوريا برفقة معاون رئيس أركان الجيش للعمليات وقائد القوات البرية للاطلاع على الأوضاع الأمنية في تلك المنطقة، مما يشير إلى حجم الاستعدادات والتأهب على الجانب العراقي.
ويتخوف العراق من تكرار سيناريو عام 2014 بعد أن سيطر تنظيم "داعش" على ثلث مساحة البلاد قبل طرده عام 2017، لتقوم القوات الأمنية العراقية بعمليات كر وفر ضد فلول التنظيم المتطرف المتحصنين في بعض الوديان والكهوف.
السياج الأمني
وصرح مدير مركز الجمهوري للدراسات الأمنية والاستراتيجية معتز محيي عبدالحميد بأن "منع تسلل الفصائل المسلحة في سوريا إلى العراق يعتمد على حسن إدارة السياج الأمني مع سوريا"، معرباً عن تخوفه من "المجموعات المسلحة لأنها سريعة الحركة وتملك أسلحة وعلاقات مع عناصر 'داعش' داخل العراق، ويجب أن تكون القوات الأمنية العراقية حذرة، وتجري عمليات استطلاع دورية عبر المسيّرات. والعراق من جانبه يراقب الحدود خوفاً من لجوء بعض العناصر إلى حدوده".
وبيّن أن "ما قامت به القوات الأمنية العراقية من تشييد سياجات ونصب كاميرات مراقبة حرارية أمر جيد، إلا أن فاعلية هذا السياج تعتمد على الإدارة الفنية، فمن الممكن حدوث اختراقات في حال لم تكُن هناك قوات متمركزة قريبة من بعضها".
الأودية والعوائق
ولفت إلى أن "قوات الحدود تستخدم طائرات الاستطلاع وهي تصوّر المنطقة وتعطيها إلى القيادات المتمركزة في المناطق الحدودية لأخذ الحيطة والحذر للحيلولة دون تسلل هذه العناصر، لا سيما أنها تستغل الأجواء المناخية السيئة وانعدام الرؤيا، فضلاً عن أن العناصر المسلحة تستخدم أسلوب الأنفاق للتسلل عبر الحدود مستغلة أن المنطقة تضم كثيراً من الأودية والعوائق الطبيعية التي تحول دون الكشف عن المتسللين".
وأكد أن "عمليات التسلل وخرق الحدود مبرمجة وتمت بواسطة طرق بدائية، خصوصاً في حفر الخنادق والأودية العميقة تتيح للمسلحين البقاء فترة لمنع رصدهم من الطائرات واستغلال الطقس".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
سوريا وأميركا
وأوضح عبدالحميد أن "هناك ميليشيات عدة تحارب في تلك المناطق في سوريا، هي مرتبطة بدول الجوار وهناك رصداً أميركياً للمنطقة. فلدى الولايات المتحدة قاعدتان في سوريا وهي تراقب ما يجري"، لافتاً إلى أن "القوات الأمنية السورية تعتمد على الميليشيات التابعة لإيران لحماية الطرق المؤدية إلى المدن في سوريا، لا سيما أن نصف حلب قد سقط بيد الميليشيات الإسلامية".
صفيح ساخن
من جهة أخرى، قال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية عصام الفيلي إن "المنطقة تسير على صفيح ساخن بعد أحداث سيطرة المجموعات المسلحة على مدن سورية"، داعياً العراق إلى إعادة التفاوض مع واشنطن. وأضاف أن "كل المحاذير والمخاوف التي لدى الحكومة العراقية والقوات المسلحة من الأحداث في سوريا طبيعية بفعل ما اكتوى به العراق من تنظيم 'داعش' عام 2014"، مشيراً إلى أن "قيام التنظيمات الإرهابية في سوريا بهذه الأعمال يحفز التنظيمات الإرهابية الموجودة في العراق مثل تنظيم 'داعش' الإرهابي للذهاب باتجاه خلخلة الوضع العراقي الداخلي".
العراق عام 2024
وأكد الفيلي أن "العراق عام 2024 ليس كالعراق عام 2014، ولذلك اتخذت بغداد إجراءات وقائية، لا سيما في ظل المخاوف من تمدد تنظيمات ’هيئة تحرير الشام‘ باتجاهات أخرى، بخاصة العراق، وتستقطب كثيراً من صغار السن الذين نشأوا في مخيم الهول ليقوموا بعمليات عسكرية داخل الأراضي العراقية".
العراق والتفاهم الأميركي
وبحسب الفيلي "يجب أن تتفاهم الحكومة العراقية مع الإدارة الأميركية لمواجهة هذه التحديات لأن العراق بحاجة إلى جهد استخباراتي ودعم على أعلى المستويات من قبل القوة الجوية الأميركية وقوات التحالف في حال حدوث أي خرق للتصدي للتنظيمات الإرهابية"، ودعا إلى "عقد اجتماعات دورية وتعزيز الاتفاق مع الولايات المتحدة بمذكرة تفاهم جديدة تكون واضحة المعالم لتقديم الدعم، لا سيما أن الأخطار كبيرة في حال خروج القوات الأميركية من العراق العام المقبل، مما يشكل تحدياً للحكومة العراقية في موضوع الأمن وإثبات قدراتها".
وبيّن الفيلي أن "’هيئة تحرير الشام‘ كانت انبثقت من تنظيم ’القاعدة‘ والتحقت بـ’داعش‘، ثم عادت وانفصلت لتشكل قوة مسلحة داخل الأراضي السورية بعيداً من قيادة أبو بكر البغدادي"، لافتاً إلى أن كل احتمالات الولوج داخل الأراضي العراقية واردة وممكنة بالتعاون مع الجهات الراديكالية المتعاطفة معها".
وخلص الفيلي إلى القول إن "المنطقة تسير على مرجل ساخن وتنبغي إعادة قراءة طبيعة التحديات الأمنية بالنسبة إلى العراق والمنطقة".