شفق نيوز/ تواجه محافظة السليمانية أزمة طاقة نتيجة مزيج من موجات البرد القارسة وارتفاع أسعار الوقود، مما يعمق معاناة السكان الذين يجدون أنفسهم مضطرين للاعتماد بشكل أكبر على شبكة الكهرباء الوطنية للتدفئة.
طلب مرتفع على الكهرباء
في تصريح خاص لوكالة شفق نيوز، أكد سيروان محمد، مدير إعلام كهرباء السليمانية، أن الطلب على الكهرباء الوطنية في المحافظة تجاوز حاجز 2000 ميغاواط خلال الأيام الماضية، بسبب انخفاض درجات الحرارة الشديدة، مما أدى إلى زيادة غير مسبوقة في استهلاك الكهرباء.
وأوضح أن هذا الارتفاع الكبير في الطلب جاء نتيجة اعتماد العديد من الأسر على الكهرباء للتدفئة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وارتفاع أسعار الوقود، الذي جعل من الصعب على المواطنين استخدام البدائل الأخرى.
وقال: "منذ بداية فصل الشتاء، نشهد زيادة ملحوظة في استهلاك الكهرباء، وهذا يتسبب في ضغط كبير على منظومة التوزيع نتيجة لهذا تم تقليص ساعات تزويد الكهرباء في بعض المناطق".
ارتفاع أسعار الوقود وزيادة استهلاك الطاقة
أدت الزيادة الكبيرة في أسعار الوقود إلى تغيير عادات الاستهلاك في السليمانية، ففي وقت كان يعتمد فيه السكان على الوقود لتلبية احتياجات التدفئة، أصبح استخدام الكهرباء بديلاً مرغوباً نظراً للأسعار المرتفعة للوقود، ما جعل المواطنين يفضلون الاعتماد على الكهرباء كخيار أكثر اقتصادية.
سيروان محمد أضاف في تصريحه أن "ارتفاع أسعار الوقود جعل العديد من الأسر في السليمانية يفضلون الاعتماد على الكهرباء للتدفئة بدلاً من الغاز أو السولار، وهذا ساهم في زيادة استهلاك الكهرباء".
المعاناة اليومية للسكان
في جولة ميدانية، التقت وكالة شفق نيوز بعدد من المواطنين الذين تحدثوا عن معاناتهم اليومية بسبب نقص الكهرباء والارتفاع الكبير في أسعار الوقود.
علي كريم، أحد سكان السليمانية، قال في حديثه لمراسلنا: "الشتاء هذا العام مختلف عن الأعوام السابقة، و في ظل البرد الشديد، نعتمد على الكهرباء للتدفئة، ولكن لا يمكننا الحصول على كهرباء كافية، الكهرباء الوطنية لا تكفي وتقطع لساعات و أسعار الوقود مرتفعة للغاية، فبرميل النفط الأبيض سعره 200 الف دينار واسطوانات الغاز السائل بـ8 آلاف و500 دينار وهذا يضاعف من معاناتنا، في وقت نحن نعاني من أزمة تأخير صرف الرواتب لأكثر من شهرين".
أما سوزان أحمد، ربة بيت من السليمانية، فأوضحت أن أسرتها تعتمد على الكهرباء بشكل أساسي في التدفئة، وتواجه صعوبة في تدبير تكاليف الوقود: "المولدات تكاليفها باهظة، وشراء الوقود أصبح باهظاً جداً، والآن لم نعد نملك خياراً سوى الاعتماد على الكهرباء، لكننا لا نحصل عليها بشكل مستمر".
الطلب على الطاقة يزداد في اقليم كوردستان
إن الوضع في السليمانية ليس استثنائياً، بل يشمل معظم مدن إقليم كوردستان، حيث يشهد الإقليم سنوياً زيادة كبيرة في الطلب على الكهرباء خلال فصلي الصيف والشتاء. ففي الصيف، يتزايد الطلب على الكهرباء بسبب الاحتياج للتبريد، وفي الشتاء يزداد الاستهلاك بسبب الحاجة للتدفئة.
فاخر عز الدين ، خبير اقتصادي من السليمانية، أكد في حديثه لوكالة شفق نيوز أن "زيادة الاستهلاك في فصلي الصيف والشتاء تجعل من الصعب على شبكة الكهرباء الوطنية تلبية احتياجات المواطنين كافة".
وأضاف: "من الضروري العمل على تطوير البنية التحتية للطاقة، والبحث عن حلول مستدامة لتحسين القدرة الإنتاجية للطاقة".
حلول وتوصيات
و دعا عز الدين ، إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتحسين وضع الكهرباء في الإقليم، قائلا إن كوردستان "بحاجة إلى حلول طويلة الأمد تتضمن الاستثمار في مصادر الطاقة البديلة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح".
وفي السياق نفسه، طالب عز الدين بضرورة زيادة إنتاج الكهرباء عبر تطوير محطات توليد جديدة وتحسين البنية التحتية للكهرباء في مناطق إقليم كوردستان. كما أوصى الخبير، بضرورة زيادة الدعم الحكومي للوقود البديل بأسعار مدعومة، فضلاً عن تشجيع المواطنين على ترشيد استهلاك الطاقة، خاصة في الفترات التي تشهد زيادة الطلب.
الرؤية المستقبلية
بينما تبذل الحكومة جهوداً لتحسين الكهرباء وتلبية احتياجات المواطنين، يبقى التحدي الأكبر هو تطوير بنية الطاقة التحتية في الإقليم بشكل يتناسب مع النمو السكاني والاقتصادي. ولكن في ظل الواقع الحالي، يتعين على السكان التكيف مع التقنين المستمر للكهرباء وتحمل ارتفاع الأسعار.
و تبقى الأسئلة مفتوحة حول كيفية مواجهة إقليم كوردستان لهذه التحديات المستمرة في توفير الكهرباء، وما إذا كانت الحلول قصيرة المدى ستنجح في تخفيف الأعباء عن المواطنين خلال أشهر الشتاء القاسية.