استراتيجية إسرائيل تجاه سوريا تتغير بعد رحيل الأسد

آخر تحديث 2024-12-10 18:00:06 - المصدر: اندبندنت عربية

الجيش الإسرائيلي لديه رغبة للتعمق في سوريا (أ ف ب)

مع تعمق الجيش الإسرائيلي ومدرعاته جنوب سوريا، تضمن تل أبيب ورقة مساومة لشروطها في أي ترتيب مستقبلي مع دمشق.

ولضمان عدم نقل أسلحة غير تقليدية ومتطورة من مخازن وقواعد في سوريا، كثفت إسرائيل القصف الجوي الإسرائيلي على سوريا لتدمير كافة ما كان في حوزة الجيش السوري من أسلحة وصواريخ، قبل انتقالها إلى التنظيمات المسلحة التي تعتبرها تل أبيب، بحسب أمنيين وسياسيين، معادية لها.

وحتى صباح اليوم الثلاثاء أعلن الجيش الإسرائيلي تنفيذ ما لا يقل عن 300 غارة جوية استهدفت معظم أسلحة الجيش السوري، وأكد أن القصف لن يتوقف قبل التدمير الكامل لهذه الأسلحة.

وأكد مسؤولون أمنيون، في أعقاب جلسة مشاورات أمنية، أن توغل وحدات الجيش والمدرعات سيتم وفق ما تراه أجهزة الاستخبارات العسكرية من حاجة إلى ضمان منطقة أمنية واسعة، وفيما صودق على توسيع الجيش قواته العسكرية ليشارك، إلى جانب لواءي المظليين "شلداغ" و"الكوماندو"، وحدة سلاح الهندسة والجو والمدرعات، أشار الجيش الإسرائيلي إلى أن احتلال قمة جبل الشيخ السورية "يتيح إمكان رؤية واسعة لطريق دمشق - بيروت، والسيطرة على طرق تهريب وتوغلات في هذه المناطق".

أما في المساحة الأقرب للحدود الإسرائيلية في الجولان المحتل، فيواصل الجيش إقامة العوائق والخنادق ضمن الاستعداد لمواجهة أية عمليات هجوم أو تسلل من سوريا.

شرق أوسط جديد

رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الذي امتثل اليوم الثلاثاء أمام المحكمة الإسرائيلية في أولى جلسات محاكمته للإداء بشهادته في تهم الفساد الموجهة ضده، استبق هذا الحدث الدراماتيكي في إسرائيل، الذي تصدر أجندة السياسيين ووسائل الإعلام بمؤتمر صحافي أظهر خلاله غضبه من توجه وسائل الإعلام والسياسيين ضده بسبب المحاكمة والتأثير فيها، الذي انعكس برفض طلبه تأجيل جلسات المحكمة، بسبب الأوضاع الأمنية الخطرة التي تشهدها المنطقة الشمالية تجاه سوريا.

 

 

لكن في الوقت نفسه اتخذ نتنياهو من منصة الهجوم هذه أداة لإظهار قدراته وإنجازاته في حرب "طوفان الأقصى"، وإلى جانب صفقة الأسرى المتوقع أن تشهد تقدماً مع وصول مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان إلى إسرائيل الخميس المقبل، اعتبر ما نفذه الجيش في غضون أيام قليلة في سوريا وسيطرته على مناطق واسعة في العمق السوري تشكل حاجة أساسية وضرورية لضمان أمن وسيادة بلاده، مشدداً على أن إسرائيل لن تتنازل عن الجولان السوري المحتل. 

وعاد نتنياهو ليذكر من خلاله تقديم شكره للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، أنه في فترة وجوده في الحكم تمكن من الحصول على اعتراف الإدارة الأميركية برئاسة ترمب بسيادة إسرائيل على الجولان.

واعتبر نتنياهو سوريا اليوم لم تعد كما كانت "نقطة انطلاق للإرهاب الإيراني وقناة لتهريب الأسلحة لـ’حزب الله‘ في لبنان"، وفق تعبيره، مضيفاً "الكل يفهم أهمية وجودنا في هضبة الجولان، الذي يضمن أمننا وسيادتنا في هذه المنطقة المهمة من مختلف النواحي التي لم نتنازل عنها".

وخرج من غضبه الذي انتقده عليه كثيرون عندما توجه للإسرائيليين، مؤكداً أنه وعد وأوفى بوعده في أن يكون إصراره على استمرار الحرب بهدف شرق أوسط جديد، وقال "بعد يومين من السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 قلت إننا سنغير الشرق الأوسط وها نحن اليوم ننجح في لبنان وسوريا وغزة بتفكيك محور الشر تدريجاً"، متابعاً "إسرائيل هي مركز القوة في المنطقة، من يتعاون معنا يربح بصورة كبيرة، ومن يعادينا يخسر بصورة كبيرة".

بكاء على رحيل الأسد

في ذروة التفاخر الإسرائيلي بما اعتبرته المؤسستان العسكرية والسياسية إنجازا كبيراً لإسرائيل في بسط سيطرتها على منطقة واسعة في سوريا وتدمير أخطر تهديد لها من الأسلحة، التي كانت في حوزة الجيش السوري، هناك من حذر من شعور نشوة النصر التي لم يخفها رئيس الحكومة في مؤتمره الصحافي، مساء أمس الإثنين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

عقيد احتياط موشيه العاد أكد أن إسرائيل ومنذ بداية حرب "طوفان الأقصى" نجحت في تحسين مكانتها الاستراتيجية في أعقاب التغييرات في سوريا، لكنه حذر من استمرار نشوة الفرح والنصر خصوصاً تجاه التنظيمات التي تسيطر على سوريا، قائلاً "من غير المستبعد أن نبكي على رحيل الأسد إذا ما سادت هناك فوضى كتلك التي نشهدها في ليبيا وفي العراق".

وبحسب اللواء احتياط فإن مسألة تحسين مكانة إسرائيل الاستراتيجية تتجاوز كثيراً استيلاءها على جبل الشيخ السوري، إذ إن "الداعمتين الأساسيتين في سوريا، إيران وروسيا، تختفيان موقتاً من الساحة وتحسنان قدرة إسرائيل على التحكم في المنطقة"، مشيراً إلى أن "حزب الله" مضروب ومعزول مثل "حماس" و"الجهاد".

ويضيف العاد قائلاً "بات أسهل على إسرائيل التصدي للنووي الإيراني ولمنظمات إرهاب جديدة، إذا ما قامت خارج الغلاف السوري، ولكن من غير المستبعد أن نبكي على رحيل الأسد الابن إذا ما سادت فوضى في سوريا تشبه تلك التي في العراق أو ليبيا، لكن يوجد أيضاً إمكان أن ينتظم هناك حكم مرتب برعاية الولايات المتحدة ودول في أوروبا، وعندها، من يدري، فإن سفارة إسرائيلية في دمشق أيضاً لن تكون مثابة حلم".

وبرأيه من السابق لأوانه معرفة إذا كان ما حصل في سوريا "بسيطرة الجماعات الـ18 من الثوار الذين احتلوا سوريا، بمن فيهم إسلاميون ومتطرفون، هو بشرى طيبة أم سيئة للعالم وللشرق الأوسط".

فتح ملف المفقودين

عائلات المفقودين الإسرائيليين كانت أكثر سرعة لاستغلال الوضع لمعرفة مصير مفقوديها، وتوجهت إلى رئيس الموساد ديفيد برنياع بطلب تحريك ملف المفقودين، وكانت أول من بادرت لهذه الخطوة ناديا كوهين، زوجة الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين، الذي أعدم في دمشق عام 1965، ولم يعرف مكان دفن جثته.

 

 

إلى جانب كوهين اختفى في سوريا قبل 27 عاماً جاي هيفر خلال وجوده في الجولان، وبحسب عائلته فقد تلقت معلومات أنه ما زال على قيد الحياة، وهناك أيضاً الجنديان يهودا كاتس وتسفي فيلدمان المختفيان منذ معركة السلطان يعقوب في عام 1982.

وباستثناء كوهين الذي أعدم في الساحة المركزية في دمشق، فإن عائلات الثلاثة الآخرين تعيش على أمل أن يكونوا بين المعتقلين الذين سيفرج عنهم، واجتمعت العائلات مع مسؤولين في الموساد وقدموا طلباً لرئيس الجهاز بالعمل لمعرفة ولو مؤشرات أولية عن مصيرهم، فيما تأمل عائلة كوهين العثور على مكان دفنه، على رغم أن الموساد بذل جهوداً كبيرة على مدار سنوات طويلة لمعرفة مكان دفنه، إلا أن الرد كان في كل مرة أنه لا أحد لا يعرف مكان دفن جثته، وربما اختفت أيضاً جراء العوامل الطبيعية أو نقلت خارج سوريا.