ستيف ويتكوف المبعوث الخاص للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى الشرق الأوسط (أ ف ب)
في خطوة تعكس تحولات مهمة في السياسة الإقليمية، أفاد تقرير نشره موقع "أكسيوس" بأن ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى الشرق الأوسط، زار السعودية الأربعاء الماضي، واجتمع مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. هذه الزيارة، التي تعد أول تواصل مباشر بين ولي العهد وأحد أعضاء إدارة ترمب القادمة منذ انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، تأتي في وقت حساس للمنطقة، إذ تناقش ملفات مثل العلاقات الثنائية، وحرب غزة، وإمكانية تطبيع العلاقات مع إسرائيل، بينما تفرض التغيرات في سوريا نفسها على طاولة الأحداث الكبرى في المنطقة.
اللقاء يحمل دلالات عميقة، إذ يعكس رغبة إدارة ترمب المقبلة في إعادة تشكيل العلاقة الأميركية - السعودية بما يتجاوز السياق التقليدي. وفقاً للمصادر، فإن ترمب يسعى إلى "صفقة ضخمة" مع السعودية تشمل اتفاق سلام تاريخياً مع إسرائيل، إلى جانب إحراز تقدم ملموس على مسار إنهاء الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي. هذه الصفقة، التي بدأ العمل عليها خلال إدارة الرئيس الحالي جو بايدن، تمثل جزءاً من استراتيجية أوسع تسعى إلى إعادة ترتيب الأولويات في الشرق الأوسط.
تعقيدات متزايدة
لكن المشهد الإقليمي يعقد هذه الطموحات، فقبل هجمات "حماس" على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، كانت إدارة بايدن تخوض مفاوضات حساسة مع السعودية وإسرائيل، لكن الحرب المستمرة في غزة ولبنان، إضافة إلى مطالب السعودية بضرورة تحديد جدول زمني لإنشاء دولة فلسطينية، أدتا إلى توقف المحادثات. ومع ذلك، يبدو أن السعودية لا تزال مهتمة بالمضي قدماً، لكنها تصر على تحقيق تقدم حقيقي على المسار الفلسطيني كشرط رئيس.
من جهة أخرى، يعتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الظروف الحالية قد تدفع السعودية إلى التنازل ولو جزئياً عن مطلبها الفلسطيني، بخاصة مع تغير القيادة الأميركية. يرى نتنياهو ومستشاروه أن إدارة ترمب، بتركيبتها الجديدة واستراتيجيتها الحادة، قد تكون قادرة على تجاوز العراقيل التي أوقفت المفاوضات السابقة.
زيارة ويتكوف إلى المنطقة، التي تضمنت لقاءات مع قادة في السعودية والإمارات وقطر، تؤكد أن إدارة ترمب تعمل على بناء شبكة واسعة من الشراكات الإقليمية. الاجتماعات مع الشيخ طحنون بن زايد في أبوظبي، ورئيس وزراء قطر في الدوحة، تعكس رغبة الإدارة الجديدة في صياغة تحالفات أكثر تنسيقاً لمواجهة التحديات المشتركة.
وتثير التصريحات الأميركية التساؤل حول قدرة إدارة ترمب على تحقيق اختراق حقيقي في هذه الملفات الشائكة. وعلى رغم التصريحات المتفائلة من بعض المصادر، فإن الوضع الحالي في الشرق الأوسط، بما فيه من تعقيدات سياسية وأمنية، يجعل تحقيق "الصفقة الضخمة" أمراً صعب المنال. ومع ذلك، فإن التحركات السعودية الأخيرة، التي تعكس رغبة في الانفتاح على اتفاق شامل، قد تمنح إدارة ترمب فرصة لإعادة تشكيل معادلات المنطقة.
وقال مصدر مطلع على الاجتماع لـ"أكسيوس" إن مسعد بولس، مستشار ترمب في الشرق الأوسط وصهره الذي عينه ترمب مستشاراً كبيراً لشؤون المنطقة العربية والشرق الأوسط، كان أيضاً في المنطقة هذا الأسبوع واجتمع في الدوحة مع رئيس وزراء قطر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وصرح مصدر آخر بأن بولس التقى الأربعاء الماضي في واشنطن العاصمة مع الملك عبدالله ملك الأردن.
وفي اليوم نفسه، التقى بولس مع ويتكوف في واشنطن العاصمة مع وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، وهو أقرب المقربين إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بحسب مسؤول إسرائيلي.
ولم تعلق سفارتا السعودية والإمارات في واشنطن العاصمة، وويتكوف وبولس وفريق ترمب الانتقالي، وفق الموقع الأميركي على ما كشفت عنه مصادره.
قبل هجمات "حماس" على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 كانت إدارة بايدن تتفاوض مع السعودية وإسرائيل في شأن صفقة ضخمة تتضمن اتفاق سلام بين إسرائيل والسعودية. وأراد البيت الأبيض أيضاً أن تتضمن الصفقة الضخمة معاهدة دفاع أميركية - سعودية واتفاقاً في شأن التعاون النووي المدني بين البلدين.
لكن هجمات السابع من أكتوبر أخرجت المفاوضات عن مسارها، فقد أدت الحرب المستمرة في غزة ولبنان، والمطالبة الناتجة من السعوديين بأن يتضمن الاتفاق خطوات نحو إنشاء دولة فلسطينية، إلى تحويل الصفقة إلى أمر غير قابل للتنفيذ لكل من إسرائيل والسعودية في الأمد القريب.
وكشف "أكسيوس"، "في الوضع الحالي، قال ولي العهد السعودي ومستشاروه الكبار في السر والعلن في الأشهر الأخيرة إنهم ما زالوا مهتمين بالتوصل إلى مثل هذا الاتفاق، لكنهم أكدوا الشرط الرئيس الوحيد للمملكة هو التزام إسرائيل مساراً لا رجعة فيه ومحدداً زمنياً لإنشاء دولة فلسطينية".
ورفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حتى الآن الموافقة على هذا المطلب، ويعتقد رئيس الوزراء ومستشاروه الكبار أنه في ظل ترمب ومع الانتصارات العسكرية الإسرائيلية الأخيرة على إيران ووكلائها، سيتخلى السعوديون عن "شرطهم الفلسطيني"، وقال مصدران، لكن الرياض كثفت جهودها الدبلوماسية في سبيل ضمان الحقوق الفلسطينية، ولا سيما عبر تشكيلها أخيراً تحالفاً دولياً للاعتراف بدولة فلسطين، عقد أول اجتماعاته في الرياض الشهر الماضي.
الملف الفلسطيني محوري
ومن المتوقع أن يزور المبعوث الخاص الجديد لترمب لشؤون الرهائن، آدم بوهلر، إسرائيل الأسبوع المقبل للمرة الأولى منذ تعيينه، بحسب مسؤول إسرائيلي ثان.
وعلى رغم اتجاه الأنظار إلى سوريا إثر سقوط نظام بشار الأسد فيها، لم ينس الحراك العربي والدولي جوهر الصراع في فلسطين، إذ جددت أميركا والكويت أمس تأكيد تسوية القضية الفلسطينية وفق حل الدولتين، من خلال دعم إقامة دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة على طول حدود عام 1967، مع تبادل الأراضي المتفق عليه بين الطرفين، وفقاً للمعايير المعترف بها دولياً، وطالبا بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، والإفراج عن المعتقلين والرهائن، وزيادة تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة، ودعم كل الجهود الدولية والإقليمية لتحقيق هذه الأهداف، وذلك في سياق اجتماع الشراكة الدوري بين الطرفين، برئاسة وزيري الخارجية.
وأعربت دولة الكويت عن تقديرها العميق للجهود الأميركية التي أدت إلى وقف الأعمال العدائية في لبنان، وأعربت عن أملها في أن تمهد هذه الجهود الطريق لوقف إطلاق النار في غزة والسلام في المنطقة.
هموم داخلية
وشدد البلدان على أهمية التزام العراق سيادة دولة الكويت وسلامة أراضيها واحترام الاتفاقات الدولية وقرارات الأمم المتحدة وبخاصة قرار مجلس الأمن رقم 833 في شأن ترسيم الحدود بين دولة الكويت والعراق، ودعا العراق إلى استكمال ترسيم الحدود البحرية بين دولة الكويت والعراق بالكامل بعد النقطة الحدودية 162، وفقاً لقواعد القانون الدولي واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (1982).
وحثا حكومة العراق على ضمان بقاء اتفاقية دولة الكويت والعراق لعام 2012 لتنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله سارية المفعول، كما أعربا عن دعمهما ما تضمنه قرار مجلس الأمن رقم 2732 لعام 2024، بتكليف الأمين العام للأمم المتحدة بتسهيل التقدم نحو حل جميع القضايا العالقة بين الكويت والعراق، بما في ذلك إعادة جميع الكويتيين ورعايا الدول الثالثة أو رفاتهم وإعادة الممتلكات الكويتية والأرشيف الوطني، وشددا على الدور المهم الذي تقوم به الأمم المتحدة حالياً ومستقبلاً في تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1284، وضمان التقدم المستمر في حل هذه القضايا تحت إشراف مجلس الأمن.