الشرع مستقبلاً الشطري في دمشق (مواقع التواصل)
زار وفد عراقي برئاسة رئيس جهاز الاستخبارات العراقي حميد الشطري، دمشق، والتقى خلال الزيارة مع الإدارة السورية الجديدة، وبحث التطورات على الساحة السورية ومتطلبات الحفاظ على الأمن والاستقرار على الحدود المشتركة.
وتُعد هذه الزيارة الأولى لوفد عراقي رسمي إلى سوريا بعد إسقاط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الجاري.
وعلى رغم عودة العلاقات الدبلوماسية بين العراق وسوريا، واستئناف البعثة الدبلوماسية العراقية عملها في دمشق، وفتح أبوابها بعد انتقال طاقمها إلى لبنان عقب سقوط نظام الأسد، فإن المخاوف العراقية من تغلغل "داعش" لا تزال مستمرة خوفاً من تكرار سيناريو عام 2014 بعد سيطرة التنظيم المتطرف على ثلث مساحة البلاد، إذ ظلت الحشود العسكرية العراقية منتشرة على طول الحدود تحسباً لأي خرق أمني محتمل.
أمن الحدود والسجون
ونقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية عن مصدر لم تسمه، وصفته بأنه "رفيع المستوى"، قوله إن "المحادثات التي أجراها الوفد العراقي برئاسة رئيس جهاز الاستخبارات حميد الشطري، كانت أمنية، وركزت على الملفات المرتبطة بالأمن". وأضاف المصدر أن "الوفد العراقي ناقش مع الإدارة السورية الجديدة حماية الحدود، والتعاون في شأن منع عودة نشاط عصابات ’داعش‘ الإرهابية، وكذلك حماية السجون التي تضمها داخل الأراضي السورية".
وأكد المصدر أن الوفد "عرض أيضاً تصورات وطلبات العراق حول احترام الأقليات والمراقد المقدسة".
ويبدو أن العراق بات يخطو خطوات للأمام نحو تحسين علاقاته بالإدارة الجديدة، تاركاً خلفه علاقاته الجيدة التي ربطته بنظام الأسد بعد انتهاء تلك الحقبة. وبحسب باحثين في الشأن السياسي، فإن الزيارة تعكس رغبة العراق بتحسين العلاقات السياسية بالإدارة الجديدة وتأمين ضمانات متبادلة بعدم المساس بأمن البلدين.
ملفات ساخنة
واعتبر مدير مركز العراق للدراسات الإستراتيجية غازي فيصل أن "زيارة الوفد العراقي سوريا هدفها بحث ملفات ساخنة لخدمة الأمن القومي المشترك بين البلدين". وأضاف فيصل أن "زيارة رئيس جهاز الاستخبارات العراقي دمشق مهمة، لأنها بحثت ملفات ساخنة وقضايا تنسيق مشترك بين الاستخبارات العراقية والسورية قبل الثورة السورية وهذه الاتفاقات تخدم الأمن القومي المشترك بين البلدين"، مشيراً إلى أن "هذه الزيارة بحثت التعاون الأمني بين البلدين لضمان الأمن المتبادل عبر زيارة على أرفع المستويات الأمنية، لرئيس الاستخبارات الأمنية للتنسيق مع النظام السوري الجديد".
المعتقلون العراقيون
ولفت فيصل إلى أنه من الممكن أن تكون الزيارة بحثت موضوع المعتقلين والضحايا العراقيين الذين سقطوا نتيجة مواجهات عسكرية سابقة أو ملفات أخرى تتعلق بمواطنين عراقيين موجودين في سوريا، إضافة إلى أمن الحدود المتبادل.
ملف الطاقة
وبيّن المتحدث ذاته أن زيارة الوفد العراقي تشكل "تمهيداً للعلاقات التجارية والاقتصادية والتنسيق المشترك خصوصاً في مجال الطاقة والدعم الذي يقدمه العراق في مجال النفط وغيره، إضافة إلى احتمالات التنسيق المشترك مع سوريا التي تمتلك احتياطات عملاقة من الغاز، فالتنسيق في مجال إنتاج الغاز وتسويقه هو طريق التنمية العراقي، إذ هناك مجموعة من الملفات الأمنية والاقتصادية والدبلوماسية والسياسية والاجتماعية والثقافية، والحرص على تطور العلاقات الثنائية العراقية السورية لخدمة الشعبين والبلدين في تنمية مستدامة وأمن مستدام وعلاقات وثيقة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
فتح قنوات اتصال
من جهة ثانية، رأى أستاذ العلوم السياسية بالجامعة المستنصرية، عصام الفيلي، أن "الملفات التي ستُطرح خلال زيارة الشطري ستبحث قضايا أمنية وفتح قنوات اتصال مع الإدارة السورية الجديدة". وأضاف أن "رئيس جهاز الاستخبارات العراقي حميد الشطري شخصية أمنية استخبارية فهو عمل في جهاز الأمن الوطني وجهاز مكافحة الإرهاب، وكثير من الأجهزة الأمنية والاستخبارية، ولذلك عمل على ملفات عدة، مما يعني أنه الأقدر على فتح قنوات اتصال مع القيادة السورية الجديدة".
الاستقلال عن الضغط الإيراني
ولفت الفيلي إلى أن "زيارة الشطري تدل على أن العراق جاد في إقامة علاقات إستراتيجية مع النظام الجديد في وقت كانت هناك كثير من التكهنات التي تتحدث أن العراق لا يريد أن يفتح قنوات جديدة مع الإدارة السورية الجديدة بفعل الضغوط الإيرانية، إلا أن القرار العراقي أثبت اليوم استقلاله في هذا الموضوع".
أهداف سياسية
وتابع "إن ما أُعلن عنه حتى الساعة هو أن وراء زيارة الشطري إلى دمشق أهدافاً أمنية، إلا أنها تخفي أهدافاً سياسية، لا سيما وأن الشطري محط ثقة رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني. ونتوقع زيارات لمسؤولين سوريين إلى العراق، إذ هناك مخاوف لدى القيادة السورية الجديدة من أن تتحول الأراضي العراقية إلى محور نشاط وتحرك لكثير من الجهات المحسوبة على نظام الأسد. وإذا أظهر العراق حسن نية في تسليم المطلوبين ومنع تسلل كل ما يقوّض الأمن في سوريا، فسينسج علاقة جيدة مع الحكومة الجديدة".
ملفات اقتصادية
وخلص الفيلي إلى القول إن "العراق يمثل رئة اقتصادية لسوريا بدخول المنتجات السورية إلى الأراضي العراقية، كما أن الإدارة السورية تأمل باستمرار تدفق المساعدات العراقية لسوريا كما كانت عليه سابقاً، لا سيما في ما يخص تجهيزه بـ 12 ألف برميل من النفط الخام يومياً"، مؤكداً أن "هناك ملفات كثيرة لم يُفصح عنها في زيارة الشطري، في وقت تسعى حكومة السوداني إلى بناء علاقات اقتصادية مع الحكم السوري الجديد". ورجح الفيلي أن يشهد الشهران المقبلان زيارة مسؤولين سوريين إلى العراق كبادرة حسن نية بين الطرفين.