(تقرير إخباري)
الكويت - 29 - 12 (كونا) -- خطت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية خطوات واسعة على كل المستويات المحلية والإقليمية والدولية على مدار عام 2024 أسهمت في تعزيز مكانتها الدولية وتثبيت مفهوم المصير المشترك لدول المجلس وإثراء مسيرتها التنموية وتوسيع شبكة شراكاتها الاستراتيجية مع الشركاء الدوليين.
كما اجتذبت دول مجلس التعاون اهتماما إقليميا ودوليا كبيرا بفضل حركتها الدؤوبة على الساحة الدولية وحضورها اللافت في القضايا المصيرية إضافة إلى مشاركتها واحتضانها سلسلة من القمم والمؤتمرات الرفيعة المستوى وتبادل الزيارات التي ركزت على التحديات والفرص التي تواجه المنطقة.
ووضعت الدول الخليجية القضايا العربية والإسلامية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية على رأس أولوياتها خلال العام الماضي لا سيما في ظل عدوان الاحتلال الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة وتوسع عدوانه إلى لبنان وسوريا.
وتجسد الاهتمام الخليجي بالقضية الفلسطينية في حزمة من القرارات والإجراءات والمواقف التي أفصحت عنها دول الخليج خلال القمم الدولية والإقليمية والعربية والإسلامية علاوة على المباحثات الموسعة التي عقدت مع مختلف دول العالم في المحافل الإقليمية والدولية على أمد عام كامل.
وكثفت دول الخليج تحركاتها لدعم جهود تنفيذ حل الدولتين والاعتراف بدولة فلسطين وإنهاء الحرب على قطاع غزة والتي توجت بإعلان السعودية إطلاق التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين في سبتمبر الماضي إضافة إلى الوساطات الخليجية لإنهاء الحرب وحزم المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني.
وطالب البيان الختامي للقمة العربية الإسلامية غير العادية بالرياض مجلس الأمن الدولي بإصدار قرارات ملزمة لإيقاف عدوان الاحتلال الإسرائيلي وضمان حماية المدنيين وفق القانون الدولي.
ورحب بمبادرة السعودية بالتعاون مع النرويج والاتحاد الأوروبي لإنشاء "التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين" حاثا الدول العربية والإسلامية على الانضمام لهذا التحالف مؤكدا أهمية التعاون العربي والإسلامي في مواجهة التحديات الراهنة والعمل على تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة وضمان تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني وإنهاء معاناته.
وعلى صعيد متصل بالأحداث الراهنة وفي اجتماع استثنائي برئاسة الكويت دعا المجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى رفع العقوبات عن سوريا فيما حث جميع الأطراف ومكونات الشعب السوري على تضافر الجهود وتغليب المصلحة العليا والتمسك بالوحدة الوطنية وإطلاق حوار وطني شامل لتحقيق تطلعاتهم في الأمن والاستقرار والتنمية والازدهار.
ودان المجلس هجمات الاحتلال الإسرائيلي المتكررة على سوريا بما في ذلك احتلال المنطقة العازلة على الحدود السورية فيما أكد ضرورة الالتزام باتفاق إيقاف إطلاق النار في لبنان وإجراء انتخابات رئاسية في أقرب وقت ممكن وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية اللازمة لوفاء الحكومة اللبنانية بمسؤولياتها.
وفيما يتعلق بقطاع غزة أعرب المجلس عن التطلع لنجاح جهود الوساطة القطرية المصرية الأمريكية للإفراج عن الأسرى مشددا على ضرورة التوصل إلى إيقاف فوري ودائم وشامل لإطلاق النار وإنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة وفتح جميع المعابر بشكل فوري ودون شروط وضمان إيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية والإمدادات الطبية لتلبية الاحتياجات الأساسية لسكان قطاع غزة.
وخليجيا أيضا فتحت رسائل الدورة ال45 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية التي اختتمت أعمالها في دولة الكويت في مطلع ديسمبر الجاري الباب على مرحلة جديدة من العمل المشترك برؤية أكثر شمولية وطموحات أكبر على مختلف الأصعدة.
وتحمل ملامح الانطلاقة الجديدة للتكامل الخليجي التي أفصحت عنها القمة جمعا من الأهداف الشاملة التي تتوزع على مستويات عدة بداية من تعميق روابط منظومة مجلس التعاون مرورا بتعزيز حضورها الإقليمي في مواجهة التحديات المتصاعدة علاوة على توسيع آفاق شراكاتها الاستراتيجية مع الدول الشقيقة والصديقة والمجاميع الدولية.
ووجه قادة دول مجلس التعاون بتكثيف الجهود لتعزيز مكانة المنطقة باعتبارها مركزا دوليا للأعمال والاقتصاد واستمرار الجهود الرامية للتنوع الاقتصادي المستدام وتحقيق الاستقرار في أسواق الطاقة.
كما وجه المجلس الأعلى في بيان القمة بالاستمرار في مواصلة الجهود للانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد حيث كلف المجلس الوزاري ورئيس الهيئة المختصة باستكمال اتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك ورفع ما يتم التوصل إليه إلى المجلس في دورته القادمة.
وشهد عام 2024 تقدما ملحوظا على مستوى دعم مسيرة العمل الخليجي المشترك وتعزيز التكامل والترابط في مختلف المجالات وتحقيق العديد من المنجزات التي تجسدت في تعميق الروابط السياسية ورفع سقف التنسيق الأمني وتوثيق الشراكات الاقتصادية والاستثمارية إضافة إلى تعزيز التضامن الاجتماعي والإنساني بين شعوب الخليج.
وفي هذا الإطار جرى الإعلان عن رؤية مجلس التعاون للأمن الإقليمي التي ترتكز على تنسيق المواقف بين دول مجلس التعاون تجاه القضايا الإقليمية والدولية وانطلاقها من قاعدة النظام الأساسي لمجلس التعاون ومبادئ القانون الدولي إضافة إلى أن أمن دول مجلس التعاون كل لا يتجزأ.
وبنيت الأهداف الاستراتيجية لرؤية مجلس التعاون للأمن الإقليمي على جملة من المحددات شملت تعزيز الأمن والسلم الدوليين وبناء علاقات استراتيجية وشراكات إقليمية ودولية إضافة إلى ضمان أمن إمدادات الطاقة وتأمين مواردها الاقتصادية الحيوية وتهيئة فرص استثمارية لتعزيز قدراتها التنموية وتحقيق التطور لشعوبها.
كما وافق وزراء خارجية مجلس التعاون لدول الخليج العربية في مطلع مارس الماضي على إنشاء لجنة تنسيقية عالية المستوى للصناديق السيادية في دول المجلس ترتبط بالمجلس الوزاري.
واعتمد المجلس في دورته الـ 161 التي عقدت في سبتمبر الماضي خطة العمل المستقبلية للجنة وزراء الشباب والرياضة بدول مجلس التعاون للفترة من (2025 - 2030) وعددا من الأدلة الاسترشادية في مجال العمل البلدي الخليجي المشترك.
وشهد شهر ديسمبر الجاري الإعلان عن البدء في إجراءات تشكيل أول مجلس أعمال كويتي - سعودي مشترك في خطوة مهمه لدفع مسار التعاون الاقتصادي بين البلدين بينما وافق مجلس الوزراء السعودي على مذكرة تفاهم بين وزارة الثقافة والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الكويتي.
ومثلت القمة الخليجية - الأوروبية التي عقدت في منتصف أكتوبر بالعاصمة البلجيكية بروكسل انطلاقة واعدة لعلاقات خليجية - أوروبية أوثق ومحطة تاريخية في تفعيل الشراكات الدولية الاستراتيجية لمجلس التعاون الخليجي على المستويين الإقليمي والعالمي.
ودعت القمة العراق إلى إكمال ترسيم الحدود البحرية مع الكويت لما بعد العلامة الحدودية 162 والتنفيذ الكامل لاتفاقية لتنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله المبرمة في 29 أبريل 2012 ودخلت حيز التنفيذ في 5 ديسمبر 2013 وأودعت بشكل مشترك في الأمم المتحدة في 18 ديسمبر 2013.
ووضعت القمة أساسا متينا لمرحلة جديدة من التعاون بين الجانبين الخليجي والأوروبي حيث شكلت خطوة رائدة نحو تعميق التعاون السياسي والأمني والاقتصادي لا سيما في ظل ما يشهده العالم من تطورات وتحولات جذرية على مختلف الأصعدة.
وبشأن الصراعات والتوترات الدولية جددت دول مجلس التعاون الخليجي خلال العام الماضي موقفها المبني على مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والحفاظ على النظام الدولي القائم على احترام سيادة الدول وسلامة أراضيها واستقلالها السياسي.
وتواصلت الجهود الخليجية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية ودعم التوصل إلى حل سياسي شامل وفقا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وقرار مجلس الأمن 2216 بما يحفظ لليمن سيادته ووحدته وسلامة أراضيه واستقلاله.
كما قادت دول الخليج وساطات ناجحة أسهمت في حلحلة عدد من الملفات والقضايا العالقة بين بعض الدول والحكومات حول العالم بينها وساطات إماراتية لتبادل أسرى الحرب بين روسيا وأوكرانيا وأخرى عمانية بين الحكومتين الإيرانية والسويدية للإفراج المتبادل عن الرعايا المتحفظ عليهم في البلدين إضافة إلى وساطة قطرية بالتعاون مع فرنسا للتوصل إلى اتفاق بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة (حماس) لإدخال أدوية ومساعدات إنسانية إلى المدنيين في قطاع غزة.
على جانب آخر شهد عدد من دول الخليج خلال عام 2024 حركة تعيينات وزارية وتعديلات دستورية حيث أجرت دولة قطر تعديلات دستورية باستفتاء شعبي شملت استبدال نصوص عدد من المواد منها المادة 77 بحيث يتألف مجلس الشورى من عدد لا يقل عن 45 عضوا ويصدر بتعيين الأعضاء قرار أميري بعد أن كان يتألف المجلس من 45 عضوا يتم انتخاب 30 منهم عن طريق الاقتراع العام السري المباشر ويعين الأمير الأعضاء الـ 15 الآخرين من الوزراء أو غيرهم.
وشهدت دولة الإمارات العربية المتحدة تشكيلا وزاريا جديدا شمل تولي ولي عهد دبي الشيخ حمدان بن محمد بن راشد منصب نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع فيما صدر عدد من الأوامر الملكية القاضية بتعيين وتكليف وإعفاء عدد من المسؤولين في المملكة العربية السعودية.
وشهد عام 2024 تحولات استراتيجية في تنويع دول مجلس التعاون الخليجي شراكاتها التجارية والاقتصادية مع عدد من الدول لا سيما نحو الجنوب والشرق من الكرة الأرضية.
وفي هذا الإطار احتضنت العاصمة السعودية الرياض جلسة مباحثات خليجية - صينية في سبتمبر الماضي تناولت التعاون المشترك والقضايا الإقليمية والدولية بهدف تعزيز التعاون والمصالح المشتركة إلى جانب ترجمة مخرجات القمة الأولى الخليجية - الصينية المنعقدة في السعودية في ديسمبر 2022.