نازحون هاربون من القتال العنيف في لبنان قرب حفرة ناجمة عن غارة، قالت إسرائيل إنها بنية تحتية لتهريب الأسلحة لـ"حزب الله" في منطقة المصنع على الجانب اللبناني من المعبر الحدودي مع سوريا، في 4 أكتوبر 2024 (أ ف ب)
يواصل "حزب الله" استخدام خطاب مكافحة الإرهاب لمواصلة تبرير احتفاظه بسلاحه ونشاطاته العسكرية داخل لبنان وخارجه، وذلك لإعادة الترويج لـ"شرعية السلاح"، وتأكيد ضرورته بحجة أن الدولة اللبنانية وحدها غير قادرة على مواجهة هذه التهديدات.
تعددت الأسباب
وجاء فرض السلطات السورية الجديدة نهار أمس الجمعة قيوداً على دخول اللبنانيين إلى أراضيها مفاجئاً، إذ كان يسمح للبنانيين بدخول سوريا بجواز سفر أو الهوية من دون الحاجة إلى تأشيرة دخول. وأكد وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام المولوي أن العمل جار لحل تلك المسألة، بينما صرح مسؤول في الأمن العام اللبناني المشرف على المعابر الحدودية لوكالة الصحافة الفرنسية أن الجهاز لم يُبلغ بأي "إجراء جديد من الجانب السوري، لكنه فوجئ بإغلاق الحدود"، مرجحاً أن فرض قيود على دخول اللبنانيين جاء وفق مبدأ المعاملة بالمثل، أي بالشروط التي يفرضها اللبنانيون على السوريين لجهة حيازة إقامة أو حجز فندقي. ويفرض لبنان شروطاً مشددة على دخول السوريين إلى الأراضي اللبنانية، في محاولة للتصدي لأزمة النازحين الذين تجاوز عددهم المليون ونصف المليون شخص داخل أراضيه. وأشار مسؤول أمني آخر إلى أن القيود تعني أن اللبنانيين الذين ليست لديهم إقامة أو عائلة داخل سوريا لن يتمكنوا من العبور، مستدركاً أن هناك بعض الاستثناءات لمن لديهم أنشطة داخل سوريا. ولكن ووفقاً لمصدر عسكري لبناني، فإن فرض القيود جاء إثر مناوشات بين الجيش اللبناني ومسلحين سوريين. وبحسب البيان الذي صدر عن قيادة الجيش اللبناني فإنه "أثناء عمل وحدة من الجيش على إغلاق معبر غير شرعي عند الحدود اللبنانية-السورية في منطقة معربون-بعلبك، حاول أشخاص سوريون فتح المعبر بواسطة جرافة، فأطلقت عناصر الجيش نيراناً تحذيرية في الهواء، وعمد السوريون إلى إطلاق النار نحو عناصر الجيش مما أدى إلى إصابة أحدهم ووقوع اشتباك بين الجانبين". وتابع البيان أن "وحدات الجيش المنتشرة في القطاع اتخذت تدابير عسكرية مشددة، وتجري المتابعة اللازمة للحادثة". وقال مصدر وزاري لبناني في حديث صحافي إن "الأمن العام اللبناني يعمل مع الجانب السوري على حل الإشكال"، نافياً أن يكون حصل تواصل مباشر بين وزارتي الداخلية اللبنانية والسورية في هذا الخصوص.
وكان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع أكد لرئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي اتخاذ الأجهزة المعنية ما يلزم لإعادة الهدوء على حدود البلدين بعد الاشتباكات مع "المسلحين"، والتي أدت إلى إصابة خمسة عسكريين لبنانيين. وأفاد بيان لرئاسة الحكومة اللبنانية بأن ميقاتي والشرع اللذين تواصلا هاتفياً أمس بحثا "العلاقات بين البلدين وخصوصاً الملفات الطارئة". وأضاف أن "البحث تطرق أيضاً لما تعرض له الجيش اللبناني عند الحدود مع سوريا، إذ أكد الشرع أن الأجهزة السورية المعنية قامت بكل ما يلزم لإعادة الهدوء على الحدود ومنع تجدد ما حصل". وفي ختام الاتصال "وجه الشرع دعوة إلى ميقاتي لزيارة سوريا، من أجل البحث في الملفات المشتركة بين البلدين وتمتين العلاقات الثنائية"، وفقاً للبيان الحكومي.
حوادث أمنية تثير القلق
وكانت الحدود اللبنانية-السورية شهدت خلال الأسابيع الأخيرة من بعد سقوط نظام بشار الأسد سلسلة حوادث أمنية أثارت القلق والتوتر داخل المنطقة. ففي الـ26 من ديسمبر (كانون الأول) 2024 تعرضت دورية الجيش اللبناني لإطلاق نار من مسلحين مجهولين من الجانب السوري داخل منطقة وادي الأسود بخراج بلدة ينطا-راشيا. وردت الدورية على مصادر النيران ووقع اشتباك أدى إلى إصابة أحد العسكريين، نقل إلى المستشفى وحالته مستقرة. واتخذت الوحدات العسكرية اللبنانية تدابير أمنية مشددة، وتتابع التحقيقات لتحديد هوية المهاجمين. أيضاً خلال الـ10 من ديسمبر 2024 تجاوز مسلحون مجهولون قادمون من الأراضي السورية الحدود اللبنانية في جرود كفرقوق–راشيا الوادي، واقتربوا من أحد المراكز الحدودية للجيش اللبناني وأطلقوا النار في الهواء، ورد عناصر الجيش بإطلاق نيران تحذيرية مما أجبر المسلحين على العودة إلى داخل الأراضي السورية. وعزز الجيش اللبناني وجوده على طول الحدود مع سوريا، وبخاصة في مناطق الهرمل والقاع لمنع دخول مسلحين أو حدوث موجة نزوح من الجهة السورية عبر المعابر الشرعية وغير الشرعية. وأغلق "الأمن العام" اللبناني بعض المعابر الحدودية الشرعية بالسواتر الحديدية والأسلاك الشائكة، حاصراً عمليات الدخول والخروج إلى سوريا عبر معبر "المصنع-جديدة يابوس" بصورة نظامية. وتأتي هذه الأحداث في سياق توترات إقليمية متصاعدة، إذ يخشى لبنان من تكرار سيناريوهات سابقة شهدت تسلل مجموعات مسلحة عبر الحدود، مما يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة. ومن هنا يواصل الجيش اللبناني تعزيز إجراءاته الأمنية ومراقبة الحدود بصورة مكثفة. وفي هذا السياق، ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية في لبنان أن "الجيش سلم إدارة العمليات العسكرية في سوريا نحو 70 عسكرياً سورياً، بينهم ضباط برتب مختلفة في قوات النظام السابق". وأضافت الوكالة أن التسليم كان في حضور وفد أمني لبناني عبر معبر العريضة الحدودي بين البلدين، وذلك خلال الـ28 من ديسمبر 2024.
فهل ينبئ هذا التوتر الحدودي بين لبنان وسوريا بأن الأمور ستنزلق إلى ما هو أسوأ بين حكومة تصريف الأعمال اللبنانية المهيمن عليها من قبل "حزب الله"، وإدارة الحكم الجديد في سوريا؟
التهريب عبر الحدود
تعد المناطق الحدودية بين لبنان وسوريا معابر رئيسة لتهريب البضائع والأسلحة مما يؤدي إلى اشتباكات بين الجيش اللبناني والمهربين، وتتسم تلك الحدود بتداخل جغرافي معقد إذ تتكون من جبال وأودية وسهول من دون علامات واضحة تحدد الفاصل بين البلدين. ويرتبط البلدان بستة معابر حدودية رسمية على طول نحو 375 كيلومتراً، إلا أن هناك عديداً من المعابر غير الشرعية التي تستخدم لعمليات تهريب ونقل غير قانونية. وفي حديث سابق مع مسؤول العلاقات الإعلامية السابق في "حزب الله" محمد عفيف (قتل إثر ضربة إسرائيلية خلال الحرب الأخيرة)، أكد أنه لا دخل للحزب بأي معبر غير شرعي، بل لديه معبر وحيد في منطقة القصير معروف من قبل الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية، ويمرر الحزب عبره سلاحه وعتاده وعناصره من سوريا وإليها، لافتاً إلى أن "هناك 161 معبراً منها الشرعي وغير الشرعي، وهناك عائلات تعمل في التهريب لكنها لا تعد ذلك جرماً، إذ تقع بعض القرى ما بين الأراضي اللبنانية والسورية وبسبب تلك التركيبة الجغرافية فإن عمر التهريب من عمر البلد ومنذ كانت الحدود بين البلدين".
وتأتي هذه الحوادث في ظل توترات إقليمية متصاعدة، مما يثير مخاوف من تداعيات أمنية على استقرار المنطقة. ويواصل الجيش اللبناني تعزيز إجراءاته الأمنية ومراقبة الحدود بصورة مكثفة لمنع أية خروق تهدد الأمن الوطني.
وكثيراً ما شكلت المعابر غير الشرعية إشكالية ومصدر قلق دولي حيال بقائها تحت سيطرة "حزب الله"، مما يبقي البلد ساحة مفتوحة أمام الانتهاكات الإسرائيلية، وهذا ما حصل ويحصل على مدى أكثر من عام أي منذ اندلاع حرب غزة، إذ تتذرع إسرائيل بأن تلك المعابر هي طرق إمداد للحزب. وتحت عنوان قطع وإغلاق تلك المعابر لتجفيف موارد الحزب، يواصل الجيش الإسرائيلي استهداف المعابر غير الشرعية على طول الحدود اللبنانية-السورية في البقاع الشمالي. وبالفعل قصف أكثر من منطقة عبور وجسر وطرقات تربط بين لبنان والداخل السوري. ونص اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل على ضرورة تطبيق القرار الأممي رقم 1701 لوقف الحرب والعمليات القتالية، وهو الذي يتضمن شرط بسط السلطات اللبنانية سيطرتها على المعابر البرية والبحرية والجوية.
إلا أنه وبعد سقوط نظام الأسد شهدت المناطق الحدودية فراغاً أمنياً، سمح لمجموعات مسلحة بالتحرك بحرية وتهديد الأمن اللبناني.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من تكون المجموعات المسلحة المتورطة؟
تشير التقارير إلى أن المجموعات المسلحة التي تشتبك مع الجيش اللبناني على الحدود مع سوريا تشمل مهربين محليين يستغلون التضاريس الوعرة لتهريب البضائع والأسلحة بين البلدين. وتستفيد مجموعات مسلحة سورية من الفراغ الأمني في المناطق الحدودية للتحرك وتهديد الأمن اللبناني. وبخاصة أنه ومن بعد سقوط نظام الأسد تواجه العلاقات بين لبنان وسوريا تحديات جديدة، لا سيما أن الحزب وباعتباره كان حليف الأسد يبدو أنه لم يحدد طريقة تعامله مع الحكم الجديد، بموازاة الحفاظ على نفوذه وعلاقاته الإقليمية. ويغيب التنسيق بين الحكومتين اللبنانية والسورية مما يفاقم التوترات الحدودية ويزيد احتمالات التصعيد، بحال لم تتخذ خطوات لتعزيز التنسيق الأمني وحل القضايا العالقة.
"شبيحة وذيول الميليشيات الإيرانية وراء التوتر الحدودي"
في هذا السياق، يقول الجنرال المتقاعد المتخصص في الأمن الوطني والدفاع يعرب صخر إن "قوات ’هيئة تحرير الشام‘ أو إدارة العمليات العسكرية تقوم بما يجب عليها أن تقوم به لضمان أمن الحدود مع لبنان، وبدوره الجيش اللبناني يقوم بما يجب عليه لضمان مراقبة الحدود اللبنانية، ولكن لا شك أن هناك فئات من ’الشبيحة‘ أو من ذيول الميليشيات الإيرانية أو من فلول نظام الأسد تفتعل مشكلات، لخلق توتر وشحن ما بين الطرفين السوري واللبناني، إذ إنه لم نسمع عن حوادث حصلت بين الحكم السوري الجديد والجيش اللبناني، ولم يلق الضوء على أية عملية حدثت بينهما في السابق".
لبنان ساحة الفلول الهاربة
لكن هل تنزلق الأمور إلى ما هو أسوأ؟ يرى الجنرال صخر أنه "علينا أن نعلم أن فلول وذيول الأسد والميليشيات الإيرانية معظمهم هرب إلى العراق ولبنان، وهؤلاء ما زالوا يتمتعون بالإطار التنظيمي والتمويلي، لأنهم أخرجوا معهم ملياراتهم وأسلحتهم، وما تبقى منهم في سوريا تحت الملاحقة والضبط. ولكن في لبنان فهم يسرحون ويمرحون إذا جاز التعبير، وهناك خلايا ومجموعات تفكر في إعادة تنظيم صفوفها، والعودة إلى الساحة، وبخاصة أن إيران من الجهة المقابلة لا تزال تتنكر للواقع ولم تتقبل ما حصل من تغيير جيوسياسي كبير، وقطع أوصال وطريق الإمداد ما بين طهران وبيروت، من هنا جاءت حادثة الطائرة الإيرانية في مطار بيروت إذ لا تزال السلطات الإيرانية مصرة على إبقاء الإمداد وتمويل ميليشياتها، وهي لا تعترف بالدولة اللبنانية ولا بالطرق الدبلوماسية السليمة، أي التعامل من دولة إلى دولة، والأموال التي يجلبونها تحت ذريعة المساعدة في إعادة الإعمار يجب أن تسلم للحكومة اللبنانية وحينها تقرر السلطات اللبنانية قبولها أو رفضها. وهذا يفيد بأن الميليشيات الإيرانية أو ما تبقى منها والإدارة الإيرانية وفلول الأسد يعيدون تنظيم صفوفهم، والساحة الخصبة لهذا الأمر هي الساحة اللبنانية، إذ لم يتم حتى الآن ضبط أو ملاحقة هذه الميليشيات لإعادة هيبة الدولة، وكأن ما يجري على الحدود بين سوريا ولبنان هو لحرف انتباه الجيش اللبناني وصرفه عن مهامه الأساس المتمثلة في تطبيق القرار الدولي رقم 1701 في الجنوب ومن ثم الانتقال إلى باقي الجغرافيا اللبنانية، وتسلم سلاح الميليشيات والمواقع العسكرية غير الشرعية، خصوصاً إذا أخذنا في الاعتبار أن منطقة البقاع أكثر المناطق اللبنانية تداخلاً مع الجغرافيا السورية، ولكن لا يزال هناك نشاط للحزب في تلك المنطقة، إذ يتمتع بعديده وسلاحه وتنظيمه داخل تلك البقعة اللبنانية، أضف إليها فلول النظام السوري الهاربين إلى تلك المنطقة بعد سقوط النظام، ولم يُضبطوا حتى الآن". وكانت معلومات صحافية أفادت بأن منطقة البقاع وتحديداً منطقة الهرمل "شهدت عمليات بيع واسعة للأسلحة على أنواعها، وذلك بعد نزوح عسكريين سوريين أثناء وبعد سقوط نظام الأسد. وجلب هؤلاء معهم أسلحة متنوعة إلى لبنان، من بينها رشاشات خفيفة ومتوسطة من طرز مختلفة، وبخاصة رشاشات الكلاشينكوف، إضافة إلى سيارات رباعية الدفع حديثة كانت بحوزة الفرقة الرابعة. وبيعت أعداد كبيرة من الرشاشات المتوسطة وقاذفات (آر بي جي) وأيضاً بعض السيارات العسكرية بأسعار لم تتعد ألفي دولار أميركي، بينما تراوح سعر الرشاش الواحد ما بين 20 و30 دولاراً أميركياً. واشترت مجموعات مسلحة العشرات بل المئات، من هذه الأسلحة".
تأكيد "شرعية سلاح الحزب"
اللافت في الأمر أن الإعلام القريب من "حزب الله" بدأ يروج لفكرة أنه سيدافع عن الحدود اللبنانية الشرقية في حال دخول عناصر من تنظيم "داعش"، وذلك يرتبط بأمور عدة. ذلك أنه وبعد التغييرات السياسية والأمنية في سوريا، وبخاصة مع إعادة هيكلة النظام وتراجع سيطرته على المناطق الحدودية، نشأ فراغ أمني قد تستغله جماعات مسلحة مثل "داعش" لإعادة الانتشار. خصوصاً أن تقارير عدة أشارت إلى عودة نشاط التنظيم المتطرف في مناطق البادية السورية القريبة من الحدود اللبنانية، مما أثار مخاوف من تسلل عناصره إلى الداخل اللبناني. ومع انسحاب القوات السورية من بعض نقاط المراقبة على الحدود اللبنانية، أُثير قلق من احتمال استخدام هذه الثغرات لتهديد الأمن اللبناني. ويرتبط كل هذا في صورة وثيقة بخطاب "حزب الله" ودوره الإقليمي، والداخلي كـ"حام للبنان" (كما يقول ضمن أدبياته)، فمنذ معركة عرسال عام 2017 ضد "داعش" و"جبهة النصرة" حاول الحزب ترسيخ نفسه كمدافع أول عن الحدود الشرقية، ونجح في استثمار هذه المعركة سياسياً وعسكرياً. ومن هذه النقطة يواصل الحزب استخدام خطاب مكافحة الإرهاب لمواصلة تبرير احتفاظه بسلاحه ونشاطاته العسكرية داخل وخارج لبنان، وذلك لإعادة الترويج لـ"شرعية سلاحه" وتأكيد ضرورة وجوده المسلح، بحجة أن الدولة اللبنانية وحدها غير قادرة على مواجهة هذه التهديدات. ومن باب الضغط على الحكومة اللبنانية لحسابات سياسية داخلية، يوجه الإعلام القريب منه رسالة مفادها أن الجيش اللبناني قد لا يكون مستعداً بصورة كافية للتعامل مع تسلل مجموعات إرهابية، مما يبرر تدخل الحزب وفرض نفسه كشريك أمني. وهو سيستخدم حتماً هذه الرواية لإضعاف حجة خصومه السياسيين الذين يعارضون وجود سلاحه أو يطالبون بضبط الحدود بالتنسيق مع الجيش اللبناني فحسب. وهو بهذا يكون قد بدأ بتهيئة الرأي العام لرد فعل عسكري في حال تصاعد التهديدات، ويعمل على تعبئة جمهوره للتأييد المسبق لأية تحركات عسكرية مستقبلية. وبعد التغييرات الأخيرة في الحكم السوري هناك مؤشرات إلى تباينات بين دمشق و"حزب الله"، وبخاصة في ما يتعلق بالسيطرة على المعابر الحدودية غير الشرعية، مما قد يجبر الحزب على الترويج لدوره الأمني بصورة مستقلة عن النظام السوري. وهو بهذا يسعى إلى حماية خطوط الإمداد العسكرية والأسلحة التي يمررها عبر الحدود الشرقية، خصوصاً مع تزايد الضغوط الإقليمية والدولية على إيران الداعم الرئيس له. أضف إلى ذلك أنه يوجه رسائل إقليمية ودولية تحذيرية لردع أية محاولات إسرائيلية أو أميركية لدعم عمليات مسلحة على الحدود، بحجة أنها ستفتح المجال أمام "الإرهاب التكفيري" مجدداً. وبهذا يعمل على أن يظهر كواجهة أولى ضد أية محاولات لإعادة بناء قواعد إرهابية قريبة من لبنان.
هل تنزلق الأمور إلى مواجهة عسكرية؟
على رغم الترويج الإعلامي لم تصل التهديدات إلى مستوى خطر يتطلب تدخلاً واسعاً من "حزب الله". ولكنه قد يستخدم هذه الحملة الإعلامية كوسيلة ضغط، دون الانزلاق إلى مواجهة مباشرة إلا إذا تفاقمت التهديدات الأمنية فعلياً. كما أنه من غير المرجح أن يتجاوز الحزب التنسيق مع الجيش اللبناني، ولكنه سيواصل تعزيز موقعه كشريك أمني في إدارة الأزمة. وهذا الخطاب قد يكون أيضاً تمهيداً لتحركات عسكرية مستقبلية في حال تطورت التهديدات الأمنية، وبخاصة مع الفراغ الأمني في سوريا.