شفق نيوز/ في زوايا المدن العراقية، ترتفع الأبراج السكنية والمباني التجاريةبسرعة غير مسبوقة، لكن خلف هذا النمو العمراني الباهر يكمن تحدٍ جديد، إذا تتصاعد أسعارالعقارات بوتيرة تدفع الكثيرين للتساؤل: هل أصبح امتلاك منزل في العراق حلمًا بعيدالمنال؟
ويقول معتز الحسني صاحب دلالية الصباح، إن "أسعار العقارات في بغدادتتفاوت حسب المناطق وتختلف الأسعار حتى في المنطقة الواحدة"، موضحا أن "سعرالمتر الواحد في منطقة الكرادة ببغداد يبلغ من 1500 دولار ويصل الى 6000 دولار للمترالواحد".
ويضيف الحسني في حديث لوكالة شفق نيوز، أن "هناك مناطق في بغداد ترتفعفيها سعر المتر الواحد عن باقي المناطق الاخرى منها الجادرية والمنصور واليرموك وشارعفلسطين والسيدية والتي تصل ما بين 3000 الى 7000 دولار للمتر الواحد للمساكن، فيماتتسم المناطق الشعبية بانخفاض أسعار العقارات فيها مثل مدينة الصدر والشعلة والزعفرانيةوالشعب وحي الجهاد وبغداد الجديدة والتي تتراوح الأسعار بين مليون الى مليوني دينار".
ويشير الحسني إلى أن "الشقق السكنية ايضا تختلف حسب المنطقة وبُعدهاعن المركز، حيث تتراوح الشقة 100 متر من 200 مليون دينار وتصل الى 500 مليون دينار".
ويقول مصدر مسؤول في مصرف الرافدين، ان "الشقق السكنية التي تقومالدولة ببنائها في منطقة بسماية تكون اسعارها ثابتة وتبيعها للمواطن بالتقسيط"،مبينا أن "سعر شقة بمساحة 100 متر مربع 83,160,000 دينار عراقي، وشقة بمساحة 120 متر مربع يصل سعرها الإجمالي إلى99,792,000 دينار عراقي، وشقة بمساحة 140 متر مربع سعرها الإجمالي 116,424,000 دينارعراقي".
ويضيف المصدر في حديث لوكالة شفق نيوز أن "هذه الأسعار تتضمن دفعةمقدمة بنسبة 10% من القيمة الإجمالية، مع إمكانية التقسيط على مدة تصل إلى 25 سنة،بفائدة تراكمية سنوية تبلغ 4%".
بدوره، يقول المقاول علي اللامي، ان "كلفة البناء في بغداد تتراوحبين 400 الف دينار الى مليون دينار للمتر الواحد تسليم مفتاح (كرستة وعمل) وهذه الاسعارتحدد حسب المواصفات التي يريدها صاحب البيت" .
ويضيف اللامي في حديث لوكالة شفق نيوز، ان "الفرق في الأسعار يأتيلاختلاف المواد الداخلة في البناء والامور الاخرى المكملة للبناء من كهرباء وأنابيبالمياه وغيرها من حيث المنشأ والصناعة".
ويشير إلى أن "هناك بعض الشركات التي تقدم عروضا لاصحاب الدور السكنيةمن خلال بناء البيت بالاقساط ويتم تسديد القسط شهريا".
يخضع للعرض والطلب
ويقول المتحدث باسم وزارة الاعمار والاسكان العراقية نبيل الصفار، أن"سوق العقارات في العراق خاضع لمتطلبات السوق وهو العرض والطلب، حيث أن الحكومةتبني مجمعات كثيرة إلا أن الحاجة السكنية كبيرة ايضا لما هو معروض"، مضيفا أن"الاستثمار في سوق العقارات من قبل اصحاب رؤوس الاموال الكبيرة سببا اخر في تحديداسعارها وارتفاعها".
ويضيف الصفار في حديث لوكالة شفق نيوز، ان "المجمعات السكنية التيتقوم بها الحكومة لا تسد الحاجة الفعلية للمواطنين"، مبينا أن "التوجه الحاليهو بناء مدن سكنية في المحافظات كافة التي توفر الآلاف من الوحدات السكنية وتوزع علىذوي الدخل المحدود"، مبيناً أن "كل عام هناك حاجة إلى توفير 60 ألف وحدةسكنية لسد العجز في السكن".
ويشير إلى أن "المجمعات السكنية التي تقوم الدولة ببنائها في بسماياوغيرها من المجمعات الاخرى اسعارها ثابتة، لكن يلاحظ أن ما يرفع أسعار العقارات فيالعراق أحياناً هو وجود عمليات بيع لهذه الوحدات خارج اسعار الدولة، لأن أعدادها لاتواكب الحاجة الفعلية للسكن".
فشل السياسة الاستثمارية للدولة
من جهته، يقول الخبير الاقتصادي، نبيل المرسومي، ان "احد اسباب ارتفاعاسعار العقارات هو فشل السياسة الاستثمارية للدولة لتوفير المساكن للمواطنين، لانهاتوفر فرص عمل للأغنياء وليس للطبقة الفقيرة"، مبينا أن "أسعار الوحدة السكنيةتبلغ كلفتها أكثر من 300 مليون دينار وهي عالية جدا حتى ولو تم تقسيطها على المواطنين،وبالتالي فإن الموظف لايستطيع ان يسدد 3 الى 4 ملايين دينار لعدة سنوات".
ويشير المرسومي في حديث لوكالة شفق نيوز، الى ان "هناك الكثير منرجال الأعمال المستثمرين يحصلون على عدة وحدات سكنية ويقومون بالمضاربة فيها".مبينا ان "هناك غسيل اموال واضح في قطاع العقارات ممن يملكون اموالاً طائلة عبرتحويلها الى استثمارات عقارية بانتظار ارتفاع اسعارها، وكل هذه الامور تساهم في عدمتوفير منازل للفقراء".
ويتابع، أنه "كان من المفترض ان تقوم الدولة بعملية توفير الوحداتالسكنية خلال شركات استثمارية في كل محافظة ترتبط بالمحافظ لبناء وحدات سكنية واطئةالكلفة لذوي الدخل المحدود، لا ان تترك الامور بيد القطاع الخاص وحده والذي ساهم بشكلكبير في المضاربة بالعقارات وقاد للاحتكار"، لافتا الى ان "بعض الجهات والاحزابتحصل من الدولة على كل التسهيلات اللازمة من شراء الأرض بسعر بخس وبالوقت نفسه بيعهاللمواطنين دون رقابة من الدولة".
شبهات غسيل أموال
من جانبه، يقول الخبير الاقتصادي، ضرغام محمد علي، أن "سوق العقاراتخاضع للعرض والطلب وكلما زاد الطلب ارتفعت الاسعار، اضافة لعدم ملائمة المجمعات السكنيةالحديثة للاغلبية من المحتاجين للوحدات السكنية بسبب ارتفاع اسعارها مما زاد من ازمةالسكن في مركز المدينة وارتفاع أسعار العقارات".
ويضيف علي في حديث لوكالة شفق نيوز، ان "قطاع العقارات فيه شبهاتغسيل أموال وابتعاد هيئة الاستثمار عن مبادرة السكن و اعطاء اجازات عشوائية لمجمعاتسكن مرتفعة الكلفة دون ضوابط وقيود سعرية، ما جعل المجمعات وارتفاع أسعارها تكريساًلأزمة السكن وليس حلا لها".