عمل الطبيب موكويغي (وسط) في أماكن عدة عانت من الحروب في العالم (حسابه على إكس)
يأمل الطبيب النسائي الكونغولي دوني موكويغي الحائز على جائزة "نوبل للسلام"، تقديراً لجهوده في مساعدة ضحايا الاغتصاب خلال النزاعات، تكريس نشاطه لدعم النساء الناجيات من السجون السورية مباشرة في بلدهن.
وفي حديث مع وكالة الصحافة الفرنسية هذا الأسبوع على هامش تقديم "الصندوق العالمي للناجيات" الذي يترأسه موكويغي، قال الطبيب البالغ 69 سنة، "منذ عقد من الزمن يتزايد استخدام الاغتصاب سلاحاً في كل النزاعات".
ومنذ عام 2020 يوفر الطبيب، الذي يحمل لقب "الرجل الذي يبلسم جراح النساء" في وثائقي خصص لمسيرته، دعماً لنساء سوريات ضحايا للاغتصاب في تركيا، لكن بعد الهجوم المباغت الذي أطاح بالرئيس بشار الأسد الشهر الماضي، بات موكويغي يأمل مساعدة الضحايا مباشرة في سوريا، بالتعاون مع شركائه.
ضحايا السجون
وقالت المديرة التنفيذية للصندوق إيستر دينغيمانز، في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية، "ندعم منظمة رائعة أسسها ضحايا من سجن صيدنايا وسجون أخرى، وخلال أربع سنوات عملنا معاً لدعم ضحايا النظام وضحايا تنظيم 'داعش'".
وتضمن الدعم المقدم مجموعة من التدابير كالرعاية الطبية والنفسية والمساعدة على الالتحاق بالجامعات، وأشارت دينغيمانز إلى أنه "عمل قد يزرع بذور برنامج أوسع لجبر الأضرار".
وأعربت عن أملها في أن يتسنى لشركاء "الصندوق العالمي للناجيات" البدء "بهذا العمل الآن في سوريا"، قبل أن يوفر هذا الدعم "على مستوى الحكومة".
ويقضي الهدف من الصندوق المعروف باسم "Global Survivors Fund" أو بمختصر "GSF" الذي أطلق في عام 2019 بمساعدة ضحايا العنف الجنسي المرتبط بالنزاعات، على الحصول على تعويضات في بلدان عدة، مثل العراق ونيجيريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وبلد دوني موكويغي.
"مسلخ بشري"
ويشكل سجن صيدنايا الواقع شمال دمشق وصمة في تاريخ عائلة الأسد التي حكمت سوريا بالحديد والنار، ووصفته منظمة العفو الدولية بأنه "مسلخ بشري" نظراً إلى حجم الانتهاكات التي شهدتها أقبيته.
وشهدت قاعات سجن صيدنايا، وهو من أكبر السجون في سوريا وكان مخصصاً أساساً لإيواء السجناء السياسيين، عمليات تعذيب وإعدامات خارج نطاق القانون وإخفاء قسرياً، وفق شهادات منظمات حقوقية ومعتقلين سابقين وأفراد عائلاتهم.
وأعلنت الفصائل المسلحة التي أطاحت بالأسد، فور وصولها إلى دمشق في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سيطرتها على السجن وتحرير المعتقلين فيه الذين كان بعضهم يقبع في زنازينه منذ الثمانينيات.
وأفادت رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا التي يدعمها الصندوق بأن أكثر من 4 آلاف سجين حرر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أعمال عنف جنسي
ولفتت دينغيمانز إلى أن "تقريباً كل الأشخاص الذين قبعوا في المعتقلات" السورية "تعرضوا لأعمال عنف جنسي، والأرقام مرتفعة بصورة لا يمكن تصورها".
ودخل الدكتور دوني موكويغي في تفاصيل الاستراتيجية التي كانت تعتمدها السلطات السورية السابقة في هذا المجال، كاشفاً عن أن سوريين في المنفى أو على الجبهة كانوا "يتلقون صوراً لزوجاتهم وهن يغتصبن" في السجون السورية.
وصرح "أعتبر أنه عندما يقوم أحدهم بأمر مماثل، فهو فعل عن سابق تصور بقصد محدد يرمي إلى تدمير الشخص ومجتمعه والنسيج الاجتماعي"، وهو "عمل تدميري" قيد الاستخدام في كثير من النزاعات حول العالم.
ومنذ أكثر من 20 سنة، يعكف الدكتور موكويغي الذي كرم بنوبل السلام لعام 2018، مع العراقية الأيزيدية نادية مراد التي خضعت للاستعباد الجنسي على يد تنظيم "داعش"، وشاركت معه في تأسيس "الصندوق العالمي للناجيات"، على توفير العلاج للنساء ضحايا الاغتصاب المستخدم كسلاح حرب في عيادته في جمهورية الكونغو الديمقراطية.
وأشار الطبيب إلى أنه "خلال العام الماضي وحده، وقعت 123 ألف امرأة ضحية العنف الجنسي" في هذا البلد، بحسب الأمم المتحدة، أي أن "امرأة تغتصب كل أربع دقائق" في المتوسط.
وبات استخدام الاغتصاب سلاحاً في الحرب "معمماً"، و"لا علاقة له بالعادات أو القارات"، بحسب موكويغي الذي ضرب مثل بأوكرانيا وكوسوفو وكولومبيا والعراق والسودان.
وقال موكويغي "باتت العدالة للأسف اليوم استثناء والإفلات منها هو القاعدة"، لكن "الرجل الذي يبلسم جراح النساء" لم يفقد الأمل، لا سيما وأن "المسألة لم تعد من المحرمات، وبات الحديث عن الموضوع ممكناً".