شفق نيوز/ في قلب منطقة كوكجلي شرقي الموصل،المعروفة بأنها الموطن الأهم لتربية العجول والمواشي في العراق، يقف مهند كركجةوسط حقوله الأربعة، التي كانت تعجّ بأكثر من 2000 رأس عجل، لكنه اليوم يصف ما حدثبـ"الكارثة"، بعد أن أصيبت جميعها بالحمى القلاعية.
ويقول كركجة لوكالة شفق نيوز، إن "المرض اجتاح كل حظائري، لدي2000 عجل، أصيب أغلبها، وفقدت حتى الآن 250 رأساً، منها 60 نفقت وتركناها فيالعراء، فيما اضطررنا إلى ذبح الأخرى قبل أن تنفق بالكامل".
وفي مكان قريب، لا يبدو حال أحمد زينل أفضل، إذيقول وهو يراقب ما تبقى من قطيعه: "في البداية أصيب عجل واحد، فعزلته، ثم ظهرالمرض في الآخر، ثم أربعة، والآن لدي 42 عجلاً، 35 منها مصابة.. من سيعوضنا عن هذهالخسائر؟".
كوكجلي، بوابة الموصل الشرقية، تُعرف بأنهاواحدة من أهم مراكز تربية العجول والأغنام في العراق، حيث تضم عشرات الحقولوالمزارع التي يعتمد عليها مربو المواشي لتوفير اللحوم والأسواق المحلية والمجازر.
وتشتهر المنطقة ببيئتها المناسبة لتربيةالمواشي، إذ توفر مساحات واسعة للرعي والتسمين، مما جعلها وجهة رئيسية للتجاروالمستثمرين في قطاع الثروة الحيوانية.
وتُعد كوكجلي مركزًا حيويًا لتزويد الأسواقالعراقية باللحوم، حيث يعتمد عليها عدد كبير من المحافظات المجاورة، كما أن قربهامن الموصل يعزز نشاطها الاقتصادي، رغم أهميتها، تواجه المنطقة اليوم تحديات كبيرة،أبرزها الأمراض الوبائية مثل الحمى القلاعية، ما يهدد الإنتاج الحيواني ويؤثرسلبًا على الاقتصاد المحلي.
تحرك حكومي لمواجهة الأزمة
أمام تفاقم الوضع، عقد محافظ نينوى، عبد القادرالدخيل، اجتماعاً طارئاً بحضور قيادة عمليات نينوى وعمليات الحشد الشعبي، ومدراءالأجهزة الأمنية ودوائر البيطرة والزراعة والبلدية، لمناقشة سبل احتواء انتشارالمرض، مساء يوم أمس.
وقال الدخيل خلال الاجتماع، الذي حضرته وكالةشفق نيوز، إن الثروة الحيوانية تمثل 43% من إجمالي الثروة الحيوانية في العراق،مؤكداً أن الجهات المختصة فرضت حجراً صحياً على 22 حقلاً في كوكجلي لمدة أسبوع،لضمان تنفيذ عمليات التعفير، الرش، والمعالجة البيطرية بإشراف دائرة البيطرةوالرقابة الصحية.
وأضاف أن الأجهزة الأمنية ستتولى تنفيذالإجراءات الاحترازية لمنع تفشي المرض أكثر، مشدداً على أن الحمى القلاعية لاتنتقل إلى الإنسان، لكنها تشكل تهديداً كبيراً لقطاع الثروة الحيوانية في المحافظة.
وكان النائب في البرلمان العراقي منصور المرعيدقد زار كوكجلي، يوم أمس، والتقى بعدد من مربي المواشي الذين تكبدوا خسائر فادحةبسبب تفشي الحمى القلاعية في المنطقة، وخلال جولته، أجرى المرعيد اتصالًا هاتفيًابوزير الزراعة، أبلغه فيه أن كوكجلي تمر بـ"كارثة مأساوية" تهدد الثروةالحيوانية، مشددًا على ضرورة تدخل عاجل لإنقاذ المربين والحد من انتشار المرض، كمادعا المرعيد إلى توفير اللقاحات والعلاجات البيطرية، محذرًا من أن غياب الدعم قديؤدي إلى خسائر أكبر، ما يؤثر سلبًا على الاقتصاد المحلي، خاصة وأن كوكجلي تعدواحدة من أكبر مراكز تربية العجول والأغنام في العراق.
البيطرة تقلل من حجم الكارثة
من جانبه، قلل مدير الطب البيطري في نينوى، عمرالحيالي، من خطورة الموقف، قائلاً، إن "الإصابات محصورة في كوكجلي فقط، ولاتتجاوز الحد الذي يتم الترويج له في الإعلام”، مشيراً إلى أن المستشفى البيطرياتخذ جميع الإجراءات اللازمة وشكل غرفة عمليات مشتركة لمتابعة تفشي المرض".
لكنه في الوقت نفسه لم ينفِ حجم الأزمة، مؤكداًلوكالة شفق نيوز، أن الفرق البيطرية مستمرة في العمل، رغم الإمكانيات المحدودة،داعياً إلى التعامل مع القضية بمسؤولية دون تهويل إعلامي.
وتواجه نينوى اليوم اختباراً صعباً في حمايةثروتها الحيوانية، التي يعتمد عليها اقتصاد المحافظة بشكل أساسي. في ظل شكاوىالمربين من ضعف الدعم الحكومي وقلة العلاجات البيطرية، ما يطرح تساؤلات حول مدىإمكانية السيطرة على تفشي المرض قبل أن يتحول إلى كارثة اقتصادية تقضي على قطاعالمواشي بالكامل.