شفق نيوز/ يتميز العيد في العراق بأجوائه وطقوسه التقليدية التي يحرصالعراقيون على إحيائها كل عام، خصوصاً في بغداد، حيث تعدّ "الكليچة"واحدة من أبرز معالم الاستعداد للعيد.
وتحرص العائلات البغدادية على شراء مستلزمات تحضير "الكليچة" قبلالعيد بأيام، لتكون جاهزة لاستقبال الضيوف، وتقديمها مع الشاي أو العصائر، فيتقليد متوارث تتمسك به العائلات حتى اليوم.
أجواء الفرح بتحضير الكليچة
وتقول أم وسن، 34 عاماً، من منطقة المشتل في بغداد، لوكالة شفق نيوز، إن"الاستعدادات العيد تبدأ بإعداد الكليچة، وتحضيرها يعني قرب المناسبة، ويرافقذلك السرور والابتهاج لدى جميع أفراد العائلة".
وتضيف أن "هذا التقليد يضفي أجواءً من الفرح والنشاط، حيث يجتمع أفرادالعائلة للمشاركة في الإعداد، مما يعزز الروابط الأسرية و يخلق جوًا من الألفة".
كما ترى أن العيد فرصة لتعزيز القيم الإنسانية مثل التسامح والعفو، وهومناسبة اجتماعية تنفتح فيها العائلات على بعضها البعض من خلال الزيارات المتبادلةوتقديم الحلويات الخاصة بالمناسبة.
جهد جماعي في إعداد الكليچة
تصرف بعض العائلات جهداً كبيراً وتقضي يوماً كاملاً في تحضير كميات كبيرةمن "كليچة العيد"، ليس فقط لتقديمها للضيوف، بل لتوزيعها على الجيرانليلة العيد وصبيحته.
الحاجة كريمة عباس، المعروفة بأم علي، 56 عاماً، من منطقة الكرادة الشرقية،تؤكد أنها تبدأ بشراء مستلزمات الكليچة قبل العيد بثلاثة أيام، حيث تتضمن المكوناتالتمر، الحلقوم، الهيل، الطحين، الفستق، جوز الهند المطحون، وغيرها من المطيبات.
وتضيف أم علي، أن "الجيران ينتظرون مني إرسال الكليچة ليلة العيدوصباحه، فأنا أقوم بإعدادها بنفسي بطريقة متميزة تجعلهم يطالبون بالمزيد".
وتشير إلى أن "إعداد الكليچة يمنحها شعوراً بالسعادة، فهي ترى أنالعيد هو مناسبة لإظهار الفرح وتعزيز العلاقات الاجتماعية"، كاشفة في ذاتالوقت "سر نجاح وصفتها في الالتزام بالمقادير الصحيحة واستخدام الدهن الحر،إلى جانب الطهو على نار هادئة لضمان نضجها بشكل متوازن دون احتراق".
طرق إعداد الكليچة تختلف بين العائلات
تختلف طرق تحضير الكليچة بين العائلات العراقية، فبينما يفضل البعض إعدادهافي المنزل، يرسل آخرون صواني الكليچة إلى الأفران بعد تجهيزها، فيما تفضل بعضالعائلات شراءها جاهزة من محال المعجنات، نظراً لضيق الوقت.
زهراء حسن، 25 عاماً، من منطقة زيونة، وهي أم لطفلين، تقول إن "عملهاالوظيفي وانشغالها بتربية الأطفال لا يسمحان لها بتحضير الكليچة في المنزل، رغمأنها تعتبرها جزءاً أساسياً من العيد".
وفي حديث لوكالة شفق نيوز، وتضيف أن إعداد الكليچة يتطلب وقتاً وجهداًوإتقاناً، كما أنني أخشى ألا تعجب من يتذوقها إذا لم تكن بالمستوى المطلوب، لذافضّلت شراءها جاهزة، لكنها تعترف بأن شراء الكليچة الجاهزة لا يضاهي متعة إعدادهافي المنزل، حيث تتذكر بحنين طفولتها عندما كانت والدتها تقوم بتحضيرها، وسط أجواءمن الفرح والتفاعل العائلي.
الأفران تعوض عن نقص الكهرباء
يدفع عدم استقرار الكهرباء العديد من العائلات إلى إرسال صواني الكليچة إلىالأفران والمخابز لإتمام عملية الخبز.
باسمة حسن السعيد، 85 عاماً، تؤكد بدورها أن تحضير الكليچة يعدّ تقليداًعراقياً موروثاً وجميلاً، حيث يقول إن "إعداد الكليچة ليس مجرد تحضير معجنات،بل هو استحضار لمناسبة متجذرة في الوعي الجمعي العراقي".
وتضيف أن "تبادل أطباق الكليچة بين الجيران خلال العيد يساهم في تقويةالروابط الاجتماعية، حيث يتشارك الجميع فرحة العيد عبر تقديم الأطباق المنزليةالتقليدية، ما يعزز الألفة والتواصل بين العائلات في هذه المناسبةالسعيدة".