اتفاق “ليلة القدر” الايراني الامريكي يقلب معادلات “الشرق الاوسط”.. من هي الدول العربية الرابحة او الخاسرة؟.. ومن المنتصر في معركة “عض الاصابع″؟ ولماذا كانت ابتسامة ظريف هي الاعرض؟ وما هي اسباب التراجع الامريكي؟ ومن هو المتضرر الاكبر من اي سباق نووي؟ اليكم قراءتنا “الاولية”
عبد الباري عطوان
ثلاثة ظواهر هامشية، ليس لها علاقة مباشرة بالبنود والتنازلات، يمكن ان تلخص التقويم الحقيقي للاتفاق النووي الايراني مع الدول الست العظمى:
الاولى: ابتسامة محمد جواد ظريف وزير الخارجية الايراني العريضة جدا التي تنطوي على خبث ودهاء عظيمين التي ارتسمت على محياه اثناء توقيع الاتفاق.
الثانية: حالة الهستيريا البادية على وجه بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي وتصريحاته التي انعكست في غضبة، ووصفه الاتفاق بانه خطأ تاريخي.
الثالثة: الصدمة التي سادت معظم العواصم العربية، والحكومات الحليفة جدا للولايات المتحدة الامريكية، وخاصة في الدول الخليجية، فالصمت الذي يشبه “صمت القبور” هو احد علامات هذه الصدمة، والارتباك الذي يترتب عليها سياسيا واعلاميا.
***
لنترك التفاصيل التقنية جانبا التي احتوتها مئة صفحة، هي مجموع صفحات الاتفاق، غير الملاحق والهوامش، ودون التقليل من اهميتها في الوقت نفسه، ودعونا نركز على مجموعة من النقاط الرئيسية التي يمكن استنباطها من هذا الاتفاق:
اولا: الاتفاق لم يمنع، بل اجل، الطموحات الايرانية في امتلاك اسلحة نووية، ويعمل على “ادارتها”، مثلما يشكل محاولة لكسب الوقت من الطرفين، فقد احتفظت ايران بالحق في التخصيب، والحق في الاحتفاظ بأكثر من عشرين الف جهاز طرد مركزي، وجميع مفاعلاتها النووية، الشرعية، وغير الشرعية، السلمية والعسكرية، كاملة مع بعض التعديلات في بعضها.
ثانيا: ايران ما زالت، وستظل تملك العقول والخبرات التي تؤهلها لاستئناف برامجها النووية بعد عشر سنوات، وهي عمر الاتفاق، واستطاعت ان تفرض موافقتها المشروطة على اي اعمال تفتيش لمنشآتها العسكرية، ومنع اي لقاءات مع علمائها من قبل المفتشين، لعدم تكرار اخطاء تجربة العراق، مع الملاحظة ان العراق كان تحت الاحتلال نظريا وعمليا في حينها.
ثالثا: ايران ستظل دائما، وطوال فترة العشر سنوات من مدة الاتفاق على بعد 12 شهرا من انتاج اسلحة نووية، وربما اقل، وجميع القيود عليها سترفع بعد انتهاء المدة، وطالما ان العلماء موجودون واحياء يرزقون، فكل الاحتمالات واردة.
رابعا: ايران ستنتقل من خانة الدول “المارقة” و”الارهابية” و”الشريرة” الى خانة الدول الطبيعية، وربما الحليفة ايضا لاوروبا والغرب.