أثر المتغيرات الإقليمية على العراق

آخر تحديث 0000-00-00 00:00:00 - المصدر: وكالة من كربلاء الخبر

 

بقلم: محمد شريف أبو ميسم

تشهد منطقة الشرق الأوسط الكثير من المتغيرات الناجمة

عن تطورات السياسة الدولية وتداعيات الأحداث العسكرية وتبدلات المواقف الحكومية.. ما يجعل القراءات السياسية لتوقعات الاحداث في بلد مثل العراق في غاية الصعوبة جراء الغموض الذي يلف التوجهات والاهداف الدولية التي تتحرك بموجبها الأحداث التي تؤثر وتتأثر في ما يحدث في العراق.. فبعد أن ساهمت العربية السعودية في خفض أسعار النفط بهدف ارضاء الولايات المتحدة والاضرار بروسيا وايران وفنزويلا والعراق، اذ أغرقت السوق بنحو يتجاوز أحد عشر مليون برميل يوميا بتشجيع من الشركات النفطية العالمية بدعوى محاربة الانتاج غير التقليدي ممثلا بالنفط الصخري ذي كلف الانتاج العالية.

تفاجأت العربية السعودية وعلى ما يبدو بالاتفاق النووي الذي أقر ضمنا بأهمية ايران الاقتصادية والجيوبولوتيكية وهي تتأمل المزيد من الضغط على ايران بشأن ذلك الملف الذي كان بمثابة مسمار جحا الذي يمكن أن يبرر التضييق على ايران وكسر شوكتها في المنطقة، الا ان مجريات الاحداث جاءت بخلاف آمال العربية السعودية وتوقعاتها، في وقت تحدثت فيه تقارير اميركية عن ارتفاع معدلات انتاج النفط الصخري لتصل الى نحو عشرة ملايين برميل يوميا في الداخل الاميركي، ما يعني ان خفض أسعار النفط اضر بالبلدان المنتجة وفي مقدمتها العربية السعودية التي لم يتحقق لها ما أرادت وباتت امام منعطف تاريخي وهي تجد حليفتها اميركا في غنى عن نفطها شيئا فشيئا فيما يتعاظم الاهتمام الاميركي بالدور الايراني الذي ظل مبهما هو الآخر بشان المجازر التي يتعرض لها الشعب اليمني وكأن ايران نفضت يدها عن أنصار الله الحوثيين. من جانب آخر جاء التطور السريع في الموقف البريطاني مفاجئا بشأن القضية السورية ومتزامنا مع تصعيد مستوى التدخل الروسي في سوريا الى حد التواجد العسكري والمشاركة في القتال، اذ صرح رئيس الوزراء البريطاني «ان بريطانيا لا تمانع من أن تكون المرحلة الانتقالية في سوريا الجديدة تحت قيادة بشار الاسد».. هذه المتغيرات وغيرها تجعلنا نتساءل عما يحمله لنا قادم الايام.. فعلى الرغم من تمدد قوى الارهاب في سوريا الا ان المعطيات تشير الى «أمر قد يتفق عليه» بشأن انهاء النزاع في سوريا بوجود النفوذ العسكري الروسي، ما يعني دفع المزيد من قوى الارهاب المتواجدة على الساحة السورية باتجاه العراق. ومن المهم وطنيا ان تكون لواضع الستراتيجية العسكرية في الصراع مع داعش وأعوانها رؤية بهذا الاتجاه للتحوط بهذا الشان، خصوصا وان ضجيج الهجرة المفتعلة التي فتحت أبوابها من على الشواطئ التركية بعلم المخابرات والاجهزة الأمنية التركية واليونانية وفي وضح النهار في تصاعد بهدف التأثير على معنويات شباب الحشد الشعبي، وان الحرب الاعلامية التي تستهدف الحشد الشعبي في أوجها وقد تتصاعد خلال الايام المقبلة.

من جانب آخر فان ثمة مؤشرات تتعلق بمتبنيات مؤتمر الدوحة الذي حضرته قوى وشخصيات سياسية من الداخل العراقي مع شخصيات تعارض المشروع السياسي في العراق وبعض منها محكوم بقضايا ارهاب وقضايا فساد، بالتزامن

مع البرنامج الاصلاحي الذي يتبناه رئيس الوزراء حيدر العبادي، الامر الذي يثير الكثير من الريبة بشأن محاولات تعطيل المشروع الاصلاحي في البلاد بدعوى المصالحة

مع القوى التي حملت السلاح ضد العملية السياسية.. كل ذلك سيكون له الأثر البالغ في معطيات الايام المقبلة التي ستكون حبلى بالاحداث والمفاجآت والتكثيف الاعلامي..اذ ان من

صنع هذه الانعطافات تحت شعارات الربيع العربي والضخ الاعلامي، وصنع داعش من حيث لا علم لعناصرها

بمن صنعها، سيأتينا بمزيد من الأحداث التي يؤثث لها بموجودات من عندياتنا..فقد نشهد تصعيدا ارهابيا بهدف الضغط على البرنامج الاصلاحي الذي تبناه رئيس الوزراء ومحاولة افشال حلقاته المتعاقبة.. وقد نشهد مزيدا من التصعيد الاعلامي الذي يدعو الى الهجرة أو يستهدف بطولات شباب الحشد الشعبي، وربما نشهد مزيدا من محاولات الصاق التهم بأجنحة الحشد العسكرية .. وقد تكون هنالك محاولات من قوى الارهاب لفتح جبهات جديدة في ساحات المعركة، وربما سيكون التدخل الروسي مبررا لتواجد المزيد من القوات العسكرية الاميركية في صحراء الرمادي، وهذه الاحتمالات أو غيرها ستؤسس الى مرحلة جديدة ينبغي أن يكون فيها القائمون على صنع القرار السياسي في مستوى المسؤولية، وان توضع في الحسبان مثل هذه الأحداث المفاجئة لئلا يلجأ صاحب القرار الى المعالجات الترقيعية التي افضت لمزيد من الفشل خلال السنوات الماضية.

اننا أحوج ما نكون اليوم الى مؤسسة استشارية تقوم عليها نخبة من الباحثين والمحللين الذين لهم القدرة على تفكيك الأحداث واستشراف المعطيات، بهدف وضع الستراتيجيات التي تتعاطى مع مثل هذه المتغيرات المفاجئة وتقديم الاستشارة والنصح في مثل هكذا ظروف خصوصا واننا بصدد تنفيذ البرامج الاقتصادية الجديدة التي نحاول من خلالها عبور مرحلة العجز المالي والدخول الى مرحلة النمو الاقتصادي باتجاه تنمية اقتصادية مستدامة، وهذه الخطط سرعان ما ستتأثر بالمتغيرات، ما يتطلب الخوض في التنبؤات ووضع التحوطات موضع التنفيذ، وقد اثبتت لنا تجربتنا السابقة، ان الامور اذا ما تركت الى السياسيين فان مركبنا عرضة للغرق وعلى النخب أن تضغط بهذا الاتجاه مستغلة توجهات رئيس الوزراء الاصلاحية وعقليته المتفتحة.