داعش يتحوّل نحو مرحلة جديدة

آخر تحديث 2015-11-14 00:00:00 - المصدر: ايلاف

يعكس تبني تنظيم داعش لاعتداءات باريس مرحلة جديدة اطلقها جهاديوه خارج الحدود السورية والعراقية، ليمد نفوذه اكثر فاكثر باتجاه دول بعيدة، مستفيدًا من شبكة متمكنة وواسعة، بحسب ما يقول محللون. وقتل 128 شخصًا على الاقل في هجمات منسقة نفذها عناصر من تنظيم داعش في امكنة متعددة داخل العاصمة الفرنسية، في اعنف هجمات تشهدها اوروبا منذ الاعتداءات على قطارات مدريد العام 2004. كابوس واظهرت الاعتداءات الامكانات الهائلة التي يملكها التنظيم، والتي جعلته قادرا على تنفيذ هجمات منسقة بهذا الشكل، بعدما كان هدد منذ اشهر عدة باريس بـ"كابوس"، لقاء مشاركتها في التحالف الدولي ضد الجهاديين في العراق وسوريا. ويقول الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الجهادية، شارلي وينتر: "اعتقد ان هذا هو المسار المنطقي في استراتيجية تنظيم داعش، فهو يبتعد حاليًا عن التوسع، ويركز على التثبت في سوريا والعراق، ليضمن ان لديه الزخم الكافي من أجل تنفيذ اعتداءات في دول اجنبية مثل لبنان وفرنسا". واستهدف تنظيم الدولة الاسلامية الخميس الضاحية الجنوبية لبيروت بتفجيرين اسفرا عن مقتل 44 شخصًا. مرحلة جديدة وبالنسبة لكلينت واتس، الباحث في معهد السياسات الخارجية، فان ما يحصل "يمثل على الارجح المرحلة الثانية لتنظيم الدولة الاسلامية، فهم مقيدون اليوم، ويخسرون ميدانيا في سوريا والعراق، ولذلك سنراهم يبتعدون عن عمليات توسيع النفوذ في هذين البلدين في اتجاه عمليات ذات طابع مختلف، مستغلين فيها شبكتهم الواسعة". ومنيّ تنظيم داعش مؤخرًا بخسائر ميدانية في مناطق انتشاره، اذ تمكنت قوات البشمركة الكردية من "تحرير" مدينة سنجار في شمال البلاد من ايدي الجهاديين بدعم من غارات التحالف الدولي، وفي سوريا المجاورة، فكت قوات النظام، بدعم من الطائرات الروسية، حصارًا فرضه التنظيم المتطرف لاشهر عدة على مطار استراتيجي في شمال البلاد. ويوضح واتس: "اذا وجد تنظيم داعش نفسه من دون انتصارات في مناطق عملياته، فانه سيوسع دائرة العنف اقليميا وباتجاه الغرب"، مشيرًا الى انه "في حال لم يسجل اي تقدم في سوريا والعراق، فسيبحث عن انتصارات في مناطق اخرى، وفرنسا تبدو مكانا مناسبا لذلك". وليست تلك الاعتداءات الاولى في العاصمة الفرنسية، اذ هاجم جهاديان فرنسيان في السابع من كانون الثاني (يناير) صحيفة شارلي ايبدو الساخرة، ما اسفر عن مقتل 17 شخصًا. ومنذ ذلك الحين اعتقلت الشرطة الفرنسية عشرات المشتبه بتورطهم بصلات مع تنظيم داعش، وفي العاشر من تشرين الثاني (نوفمبر)، اعتقل شاب في الـ25 من العمر لتورطه مع التنظيم في التخطيط لاعتداء ضد قاعدة بحرية في جنوب شرق فرنسا. وبالنسبة لأيمن التميمي، الخبير في شؤون الجهاديين في سوريا والعراق، فان تلك الحوادث تثبت ان تنظيم داعش لم يغير من استراتيجيته، بل بدأ يحقق نتائج ملموسة اليوم، ويقول التميمي ان ما حصل "لا يعني تحولًا في استراتيجية تنظيم الدولة الاسلامية، بل تحولًا في معدلات نجاحه". واستهدفت هجمات باريس مسرح باتاكلان ومنطقة مجاورة لإستاد فرنسا، في الضاحية الشمالية للعاصمة، بالإضافة إلى شوارع عدة في باريس، وتظهر العمليات المنسقة "امتلاك التنظيم لشبكة متطورة في القارة الاوروبية، وليس مجرد عمليات فردية"، وفق التميمي. هذا الامر يؤكده وينتر، اذ يرى ان "العملية المحبوكة بهذا الشكل، تظهر انه تم التحضير لها جيدًا، فضلًا عن كونها منسقة وسبقتها تدريبات". بيئة سهلة وتشارك باريس في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش في سوريا والعراق، وشنت في 30 ايلول (سبتمبر) اول غارة لها ضد معاقل التنظيم المتطرف في سوريا. واعتبر واتس ان فرنسا تشكل بيئة اسهل من غيرها لاعتداءات مماثلة، فهي "سجلت اعدادا كبيرة من المقاتلين الاجانب الذاهبين والعائدين من سوريا، كما لديها عوامل اخرى مسهلة للارهابيين، مثل القدرة على حيازة السلاح مقارنة مع دولة اوروبية اخرى". ويعتمد تنظيم الدولة الاسلامية على حملة دعائية ضخمة عبر الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي بشكل خاص، وهو "يروج لانتصاراته عبر وسائل التواصل الاجتماعي"، على حد قول واتس، الامر الذي امن له عددًا كبيرًا من المؤيدين والمناصرين الراغبين بالانضمام اليه في القارة الاوروبية. واتخذت دول اوروبية عدة، بينها فرنسا، اجراءات مشددة، هدفها منع انضمام المتطرفين الى صفوف الجهاديين في سوريا والعراق، الامر الذي قد ينعكس سلبًا عليها، فيما يوضح "واتس" ان الخشية تكمن في "تحرك المتطرفين في بلادهم، بعدما بات دخولهم الى سوريا والعراق صعبًا للالتحاق بالجهاديين".