هشام الهاشمي: الفصائل العراقية والسورية.. والتخادم الدولي!

آخر تحديث 2015-11-26 00:00:00 - المصدر: واي نيوز

في حرب العصابات كما في الحروب النظامية هناك تخادم وتحالف سري وتفاهمات علنية ومن غير الممكن على أي تنظيم مسلح في الدنيا أن يقاتل كل الأنظمة المحلية والإقليمية والدولية كل الوقت لوحده وإلا يسعى إلى نهايته!

 

وعليه عندما تقوم فئة قليلة من الإرهابيين بعمل عسكري أو أمني في جغرافية متمردة على الأنظمة وتتحدى قوى كبرى، هذا يعني أنها تملك وسائل الإفادة من تنافس المخابرات والقوى الدوليّة في تلك الجغرافية.

 

واقرب حوادث التخادم ما وقع في أفغانستان عندما تخادم بن لادن مع المخابرات الأميركية والمخابرات الإيرانية وكان لذلك التخادم أثر في هزيمة الاتحاد السوفياتي، وربما تخادمت جميع الفصائل المسلحة من الأفغان مع دول معادية للاتحاد السوفياتي.

 

احتلت الولايات المتحدة مع تحالف دولي كبير أفغانستان عام 2001، وتخادمت طالبان والقاعدة هذه المرة مع باكستان والصين وإيران، باكستان تريد معاقبة الغرب بسبب تحيزه للهند على حسابها، والصين تريد استنزاف الغرب الرأسمالي، وإيران عداوتها التاريخية لأميركا معروفة، وبقي هامش ضئيل في باكستان العدو فاستفادت طالبان والقاعدة من هذا الهامش المتاح.

 

واحتلّت أميركا بنفس الحلف العراق عام 2003، وأعلنت الفصائل السنية والشيعية الجهاد والمقاومة بالضد من القوات المحتلة، وتخادمت الفصائل الشيعية مع إيران وحلفائها بالضد الاحتلال في مناطق الجنوب والفرات الأوسط وبغداد، وتخادمت الفصائل السنية مع تركيا ودول الخليج، واستفادوا من الدعم اللوجستي والاستخباري السوري بسبب الخوف من صدى التغيير، فصارت دمشق ممراً لجميع الانتحاريين والمقاتلين الأجانب نحو بغداد وكانت سورية مضافة ومستشفى في كثير من الأحيان لفصائل قومية وإسلامية ولقاعدة العراق ثم لدولة العراق الإسلامية قبل إعلان داعش.

 

اليوم الفصائل السورية تعمل بهذا التخادم، فالفصائل الشيعية الموالية للحكومة السورية تتخادم مع التحالف الروسي الإيراني الصيني، والفصائل الكردية مع كردستان العراق والتحالف الدولي، والفصائل الليبرواسلامية مثل الجيش الحر مع تركيا والخليج والتحالف الدولي، والفصائل الصوفية والاخوانية تتخادم مع تركيا وقطر والأردن والتحالف الدولي، والفصائل السلفية عدا (داعش وجبهة النصر واحرار الشام وألوية التوحيد والكتائب الشيشانية) مثل جيش الاسلام والجبهة الشامية تتخادم مع السعودية، وألوية التركمان تتخادم مع تركيا.

 

هذا التخادم جعل الأمر معقدا جدا ومزدحما بالاجندات المخابراتية.

 

وبسبب الاتفاق المصلحي بين (داعش وجبهة النصرة واحرار الشام) من جهة وتركيا من جهة أخرى ضد الفصائل المسلحة الكردية السورية تحولت الأراضي التركية ممراً آمناً لراغبي الانضمام إلى جميع الفصائل السورية حتى داعش وجبهة النصرة.

 

تركيا والسعودية وإيران لن يتوقفوا عن دعمهم للفصائل المسلحة في العراق وسورية وعن تسليحهم وتدريبهم ودعمهم لوجستياً وهذا ما تفعله هذه الدول منذ سنوات وعلى مرآى العالم، وهذا أقصى ما ستفعله أيضاً في السنوات القادمة!

 

وبناء على معطيات الواقع والتحالفات الدولية الشديدة التعقيد فإنني أعتقد تضاؤل وانعدام فرصة عقد تحالف علني مع داعش وجبهة النصرة في المدى المنظور القريب وهو ممكن مع باقي الفصائل المسلحة.

 

ستواجه الحكومات في العراق وسورية في السنوات القادمة مسألة الهوية، فالواقع أن القرار السياسي يتكئ على القاعدة الجماهيرية والشعب أصبح مقسما على الهويات الفرعية الطائفية والقومية.

 

ومراكز القرار الدولي بحثت المشكل الديموغرافي في العراق وسورية واستشرف بعضها أن العقد القادم سيشهد تحول المسألة الديموغرافية إلى مسألة طائفية وقومية وواقع مقبول!

 

 

خاص بـ "واي نيوز"