على خلفية الأحداث الأخيرة التي رافقت تطور الخلاف الفلسطيني الإسرائيلي، لا سيّما لجهة عمليات الطعن والدهن والقتل والعشوائي، تبادل يمين ويسار إسرائيل التهم، ففي حين اتهم اليمن اليسار بالخيانة، سارع الأخير إلى إتهام اليمين باللا ساميّة.
مجدي الحلبي من تل ابيب: احتدم النقاش في اسرائيل في الاونة الاخيرة على خلفية الهّبة الفلسطينية الاخيرة، وما تخللها من عمليات الطعن والدهس والعمليات الاخرى ضد الاسرائيليين جيشا ومستوطنين ومواطنين.
والنقاش الدائر حول افضل السبل لمواجهتها، وايضا الانتقادات الاسرائيلية لسهولة قتل الفلسطينيين بحجة الخوف من السكاكين او تنفيذ العمليات، حيث نشطت جمعية تحمل اسم (شوبريم شتيكاه) اي نكسر الصمت، ضد الاصبع الخفيفة على الزناد، وعدم محاسبة من يقتل فلسطيني فقط لمجرد الاشتباه به، فيما ازدادت حالات التذمر لدى اوساط الشعبية من معالجة الحكومة للازمة الحالية، ويتحدث الجميع عن ضرورة انهاء الاحتلال, ومن الناحية الاخرى نشطت جمعيات يمينية بدأت تخوّن هؤلاء، كما واحتدم الصراع الى حد الدعائية المضادة التي تصف هذا بالخائن وذاك باللا سامي، وتصف الحكومة بحكومة ديكتاتورية تكم الافواه لرفض ادخال نشطاء جمعية نكسر الصمت للمدارس لالقاء المحاضرات للطلاب قبل تجندهم للجيش.
كسر الصمت
"نكسر الصمت" هي مؤسسة اسرائيلية مؤلفة من جنود احتياط وسابقين يقومون بتوثيق كل مخالفات الجنود الاسرائيليين في الضفة الغربية وقطاع غزة، من الانتفاضة الثانية عام 2000 وحتى الايام الاخيرة، حيث يقوم نشطاء المؤسسة بجمع شهادات الجنود من الضفة الغربية وما قاموا به واي الاوامر تلقوا من قادتهم، كما تعتبر مؤسسة او جمعية نكسر الصمت احدى المؤسسات التي تساند المنظمات الدوليبة للكشف عن تجاوزات وجرائم الاحتلال الاسرائيلي في الضفة الغربية وغزة.
الجدير ذكره ان الجمعية تتألف فقط من اليهود الاسرائيليين الذين خدموا في الجيش الاسرائيلي، وهم بدورهم يقومون بالقاء المحاضرات في المدارس الاسرائيلية حول اهمية ان يكون الجيشس انساني وان لا يقوم باعمال غير انسانية او غير اخلاقية او جرائم بحق الشعب الفلسطيني الاعزل القابع تحت الاحتلال.
خيانة
إلى ذلك، تشهد الفترة الاخيرة في اسرائيل هجومًا غير مسبوق على هذه الجمعية وأعضائها، حيث يصفهم اليمين المتطرف بالمندسين والخونة الذين يخدمون المخربين الفلسطينيين، على حد قولهم، حيث تعمل جمعية تحت اسم "ام ترتسو" حملة ضد نشطاء نكسر الصمت وتحاول تهميشهم والتحريض عليهم والحديث ان تمويلهم يتم من جهات معادية لاسرائيل.
جمعية نكسر الصمت من ناحيتها اطلقت حملة اعلامية تصف اليمين المتطرف وجمعية ام ترتسو باللا سامية، هذا وقام وزير التعليم الاسرائيلي نفتالي بنيت اليميني باصدار تعليمات لمنع المدارس الحكومية استقبال نشطاء نكسر الصمت، كما اعتبر بنيامين نتانياهو جمعية نكسر الصمت جمعية معادية لاسرائيل تعمل لاهداف تمس باسرائيل وبقدس اقداسها الجيش الاسرائيلي، الذي يحظى بالاجماع في دولة اسرائيل، على حد تعبيره، هذا وفعل مثله وزير الدفاع، الذي يرفض استقبال نشطاء جمعية نكسر الصمت وطالب بعدم التعاون معهم في عملهم الهدام لاسرائيل، بحسب اقواله .
دعم
الدعم لهذه الجمعية جاء من اماكن غير متوقعة فقد احتضنهم رئيس دولة اسرائيل رؤوبين ريفلين، الذي يرى أن عملهم مهم للمجتمع الاسرائيلي، وان قضية انسنة الجيش مهمة للدولة وللمواطنين، وهو رعى عدة لقاءات للجمعية مع ضيوف ومنظمات دولية، كما حظي ريفلين بهجوم كبير من اليمين الاسرائيلي الذي وصفه بالمتواطئ مع العدو وانه كشف عن وجهه الحقيقي اليساري اخيرا بعد خمسين عام صور نفسه انه يميني، بحسب ما قاله انصار اليمين.
هذا وقد شهد في الكنيست مشادة كلامية قوية بين رئيس المعارضة يتسحاك هرتسوغ وبين رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو، حيث ناشد هرتسوغ نتانياهو التنديد بالحملة ضد رئيس الدولة والعمل على حراسته، اما نتانياهو فطالب هرتسوغ باستنكار عمل جمعية نكسر الصمت، وبعد سجال بين الاثنين، غادرا قاعة اجتماعات الكنيست، وألغيت الجلسة المقررة لموضوع اخر.
وايضا قام رئيس الشاباك السابق، يوفال ديسكين، بالاعلان عن دعمه لجمعية نكسر الصمت، حيث كتب على حسابه في الفيس بوك ان الجمعية ووجودها مهم كي نرى الجانب الاخر للمجتمع الاسرائيلي وانتقاداتها مهمة كي نعرف اين اخطأنا، واضاف ديسكين انه عندما كان رئيسا للشاباك كان مطلعا على كل انشطة الجمعية وقرأ كتاباتهم وتقاريرهم، معتبرًا بانهم يبالغون أحيانًا، ويمكنهم ان يشعروك بالغضب وعدم الموافقة على طرحهم، الا ان جمعية كهذه مهمة وحيوية لضمان سلامة المجتمع الاسرائيلي الذي هو بحاجة ماسة لمثل هذه التحذيرات والانتقادات.
الاحتلال
الصراع بين اليمين واليسار في اسرائيل مستمر منذ فترة، ولكن الصراع الجديد هو بين استمرار وتكريس الاحتلال وبين انهائه لمصلحة الدولة الاسرائيلية، فيما تسعى جمعية نكسر الصمت الى اقناع الشعب الاسرائيبلي ان الاحتلال واستمرارة يدملا المجتمع ويصنع جيلا غير اخلاقي وغير انساني ويخلق مجتمعا عنيفا كارها للاخر، بينما تجاهد جمعيات اليمين الى تكريس مقولة ان اليهود مضطهدين والدولة اليهودية الكبيرة القوية والمحتلة للضفة هي الضمانة لاستمرارية الشعب اليهودي وان العرب والفلسطينيين يريدون بالنهاية طردهم من الارض كما يزعمون.