يقدم تحالف عربي كردي غير مسبوق، برز في تصديه لتنظيم الدولة الاسلامية (داعش)، نفسه كقوة معارضة جديدة لا يمكن تجاوزها على الساحة السورية وسيشارك في مفاوضات من المزمع عقدها خلال اسابيع مع النظام السوري.
بيروت: تكمن اهمية مجلس سوريا الديموقراطية، وفق محللين، بـ"ذراعه العسكري" المتمثل بقوات سوريا الديموقراطية وعلى رأسها وحدات حماية الشعب الكردية الاكثر فاعلية في مواجهة الجهاديين وصاحبة النفوذ على اراض سورية واسعة وخصوصا في شمال وشمال شرق البلاد.
وستبحث الدول الكبرى في اجتماع في نيويورك حول سوريا الجمعة مكونات الوفد المعارض الذي من شأنه ان يتفاوض مع النظام الشهر المقبل، وفق ما تنص خريطة الطريق المتفق عليها في اجتماع فيينا في 14 تشرين الثاني/نوفمبر.
وافادت مصادر عدة عن مباحثات يقودها المبعوث الاممي الى سوريا ستيفان دي ميستورا لضم مجلس سوريا الديموقراطية الى وفد المعارضة الموحد الذي جرى تشكيله في مؤتمر المعارضة الاخير في الرياض في 11 كانون الاول/ديسمبر. ولم يشارك مجلس سوريا الديموقراطية بصورته الحالية في مؤتمر الرياض.
وبحسب مصدر في المعارضة فان اجتماع نيويورك "سيبحث مجددا مسألة تشكيل وفد موحد من اعضاء مؤتمر الرياض ومجلس سوريا الديموقراطية".
ويؤكد عضو الائتلاف السوري المعارض سمير نشار لفرانس برس ان "هناك معلومات غير مؤكدة تفيد بان الاميركيين وعدوا الروس بالاتفاق مع دي ميستورا على ضم صالح مسلم (رئيس حزب الاتحاد الديموقراطي، الحزب الكردي الاهم في سوريا وضمن المجلس) وهيثم مناع (احد رئيسي مجلس سوريا الديموقراطية)، الى وفد المعارضة".
وابدى مناع في حديث لوكالة فرانس برس "استعداد مجلس سوريا الديموقراطية للحوار مع هيئة الرياض كجزء من المعارضة سواء لتكوين وفد مشترك أو الاتفاق على ميثاق وطني وخريطة طريق لسوريا".
-قوة لا يمكن تجاوزها-
تزامن عقد المؤتمر التأسيسي الاول لمجلس سوريا الديموقراطية "بالصدفة"، وفق مناع، مع اجتماع الرياض.
وفي العاشر من كانون الاول/ديسمبر تلاقت مكونات سياسية عدة في مدينة المالكية (شمال شرق سوريا) لوضع حجر الاساس في تشكيل مجلس سوريا الديموقراطية. وسيعقد اجتماع ثان في التاسع من الشهر المقبل خارج البلاد "ليؤطر مجموعة كبيرة من التنظيمات" التي لم تتمكن من المشاركة في مؤتمر المالكية، وفق مناع.
ضم اجتماع الرياض الاسبوع الماضي للمرة الاولى منذ اندلاع النزاع في سوريا مكونات مسلحة واخرى سياسية اهمها الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية وهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديموقراطي. وجرى تشكيل هيئة من 33 عضوا للتفاوض مع النظام.
ورفض تيار قمح الذي يرأسه مناع المشاركة فيه لاسباب عدة ابرزها غياب مكونات اساسية من اكراد وارمن وضعف التمثيل المسيحي.
ويرى مناع ان قوى المعارضة الاهم، مثل الائتلاف السوري وهيئة التنسيق، لم تعد فاعلة، ولذلك وجد "مجلس سوريا الديموقراطية ليس كبديل عن احد بل كنواة جبهة ديموقراطية علمانية تطمح لدولة قانون تفصل بين السلطات وتحدد معالم العلاقة بين الدين والدولة وتعتبر كل الأشخاص من رجال ونساء مواطنين متساوين في كل الحقوق والواجبات".
هو "صوت جديد لا يمكن تجاوزه"، يختصر مناع.
ويضم "مجلس سوريا الديموقراطية" مكونات عدة من بينها "حزب الاتحاد السرياني"، و"حزب الاتحاد الديموقراطي" الكردي، و"الحزب الاشوري الديموقراطي"، و"البيت الايزيدي"، وغيرها.
ويقول الباحث والخبير في الجغرافيا السورية فابريس بالانش لفرانس برس ان "الاكراد يجدون في مجلس سوريا الديموقراطية، وهم الطرف الاساسي في تشكيله، وسيلة لايصال صوتهم لدى الغرب"، وهم الذين لم يدعوا للمشاركة في مؤتمر الرياض.
-ذراع عسكري يقوده الاكراد-
تكمن اهمية المجلس اليوم في انه يمتلك "ذراعا عسكريا" قويا يتمثل في قوات سوريا الديموقراطية، وهي عبارة عن تحالف من فصائل كردية وعربية، على رأسها وحدات حماية الشعب، يقاتل تنظيم الدولة الاسلامية.
يعتبر "مجلس سوريا الديموقراطية الممثل السياسي والاداري والدبلوماسي لقوات سوريا الديموقراطية"، وفق ما يؤكد متحدث باسم تلك القوات لواند روجافا لوكالة فرانس برس.
ويقول توماس بييريه، الخبير في الشؤون السورية في جامعة ادنبرة، انه "لا يمكن تجاهل" هذا المجلس والسبب الاساسي في ذلك هو "القوة العسكرية لوحدات حماية الشعب الكردية".
لم يقاتل الاكراد قوات النظام السوري طوال سنوات النزاع بل تصاعد نفوذهم بعدما ظلوا لعقود مهمشين مقابل تقلص سلطة النظام من المناطق ذات الغالبية الكردية مع اتساع رقعة النزاع في العام 2012.
واعلن الاكراد في العام 2013 اقامة ادارة ذاتية موقتة في ثلاث مقاطعات: الجزيرة (الحسكة)، وعفرين (ريف حلب)، وكوباني (عين العرب). وسمّيت هذه المناطق "روج آفا"، أي غرب كردستان بالكردية.
ويتهم معارضون الاكراد بالتواطؤ مع النظام ومحاربة فصائل معارضة لطردها من مناطقهم.
ولذلك يعتبر بييريه ان "دور مناع في مجلس سوريا الديموقراطية هو تزويده بمعارضة عربية معتدلة (...) ومنح وحدات حماية الشعب الكردية طابعا معارضا".
يحمل هيثم مناع، البالغ من العمر 64 عاما، لواء العلمانية وحقوق الاقليات. وقد عانى من مجتمع محافظ في سوريا وحمل عبء مواقفه السياسية المعارضة، فقد زوجته الاولى بسبب اختلاف الدين وشقيقه مع بدء الحركة الاحتجاجية في سوريا.
يروي مناع قصة زوجته "كنا ندرس الطب معا، نؤمن باليسار والعلمانية، وبعد زواجنا بخمسة ايام فقط، قتلتها عائلتها بسبب اختلاف الاديان بيننا". ومنذ ذلك الحين يحمل مناع شهرة زوجته بدلا من اسم عائلته العودات. ويضيف "طبعا عزز ذلك من قناعاتي المطالبة بحقوق المرأة والعلمانية وفصل الدين عن الدولة".
يؤكد المعارض القديم "اقاتل من اجل هذه القيم منذ كان عمري 13 عاما، ولن اتخلى عنها".