تعمل تركيا التي تعيش العديد من الخصومات مع جيرانها والراغبة في الحد من تبعيتها لغاز روسيا، على اصلاح علاقاتها مع اسرائيل التي تضررت كثيرا منذ 2010.
اسطنبول: أعلن مسؤولون اسرائيليون مساء الخميس ان تركيا واسرائيل توصلتا الى "تفاهمات" لتطبيع علاقاتهما بعد مفاوضات سرية في سويسرا.
وبلهجة متحفظة اكثر قال مسؤول تركي الجمعة ان "تقدما" انجز في اتجاه "اطار" اتفاق مشددا على انه لم يتم توقيع اي اتفاق بعد.
واعتبرت تركيا العضو في الحلف الاطلسي لفترة طويلة، ابرز الحلفاء الاقليميين لاسرائيل وذلك قبل ان تتضرر العلاقات اثر الهجوم الدامي لقوات خاصة اسرائيلية على اسطول تركي كان متجها الى قطاع غزة في 2010.
وادت مباحثات رعاها الرئيس الاميركي باراك اوباما في 2013 الى تقديم رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو اعتذارا للرئيس التركي ولكن من دون ان يؤدي ذلك الى مصالحة.
وقاد المفاوضات الحالية عن الجانب التركي مساعد وزير الخارجية فريدون سيرينلي اوغلو وعن الجانب الاسرائيلي رئيس جهاز المخابرات الجديد يوسي كوهين والمتحدث باسم نتانياهو في الملف التركي جوزف سيشانوفر.
وتزامنت هذه المفاوضات مع تغير ظاهر في لهجة الرئيس رجب طيب اردوغان الذي قال الاثنين "نحن واسرائيل والفلسطينيون والمنطقة ستكسب الكثير من مسار التطبيع هذا".
واردوغان الذي يعتبر نفسه من المدافعين عن القضية الفلسطينية كان قارن قبل اقل من عام نتانياهو ب "الارهابيين" الاسلاميين الذين نفذوا اعتداء باريس في كانون الثاني/يناير 2015. وفي تموز/يوليو 2014 وفي اوج الهجوم الاسرائيلي على قطاع غزة قال اردوغان ان اسرائيل "تفوقت على هتلر في مستوى الوحشية".
متغيرات
وياتي هذا الانعطاف في الخطاب في وقت تواجه انقرة تدهورا في علاقاتها مع موسكو بعد اسقاط سلاح الجو التركي طائرة روسية قرب الحدود السورية الشهر الماضي.
وقال مارك بيريني السفير السابق للاتحاد الاوروبي في انقرة والباحث في مركز كارنيغي اوروبا "سمعنا مرارا في السنوات الاخيرة ان تركيا واسرائيل ستصلحان علاقاتهما (...) وهذه المرة ثمة اسباب عدة ليبذل البلدان جهودا جديدة".
واضاف الباحث ان سياسة تركيا في الشرق الاوسط "هي اساسا معطلة وتحتاج لانباء سارة حقيقية".
والمفارقة ان صاحب شعار "صفر مشاكل مع الجيران" وزير الخارجية السابق ورئيس الوزراء الحالي التركي احمد داود اوغلو يواجه الكثير من الحرائق على ابواب تركيا في كل من سوريا والعراق.
والملف السوري الذي تدعم فيه تركيا المعارضة السورية التي تريد الاطاحة بالنظام السوري المدعوم من ايران، ادى الى تدهور العلاقات بين انقرة وطهران.
وفي العراق اثار نشر مئات من الجنود الاتراك قرب الموصل في شمال البلاد، توترا شديدا مع الحكومة العراقية.
من جهة اخرى وبعد اسقاط الطائرة الروسية على الحدود السورية، فرضت موسكو سلسلة عقوبات وخصوصا اقتصادية على تركيا. ويثير تشدد روسيا قلق تركيا التي تستورد اكثر من نصف غازها الطبيعي من موسكو.
وفي هذا السياق يمكن ان تصبح اسرائيل مصدرا مهما للغاز الطبيعي، عند بدء استغلال حقل ليفياتان البحري الضخم، وهو اهم حقل يكتشف في السنوات الاخيرة قبالة سواحلها.
واوضح ازغور التوغ الخبير الاقتصادي في اسطنبول "ان الغاز الاسرائيلي يمكن ان يغير المعطيات بالنسبة لتركيا التي تمر علاقتها بروسيا، اكبر مزوديها، بوضع دقيق".
وبحسب مسؤولين اسرائيليين فان بدء مفاوضات حول تصدير الغاز الاسرائيلي الى تركيا يمثل احدى النقاط الرئيسية في المباحثات الهادفة للتوصل الى اتفاق لتطبيع العلاقات بين البلدين.
واضاف هؤلاء ان تركيا واسرائيل اتفقتا على تعويض ضحايا الهجوم الاسرائيلي العام 2010 وعودة السفيرين للعاصمتين واسقاط الملاحقات القضائية التي بداتها تركيا ضد اسرائيل ومنع دخول القيادي في حماس صلاح العروري لتركيا.