A+AA-صورةالزيارات: 11
السبت 19 كانون الأول 2015 - 08:52
بقلم:المهندس أنور السلامي
حين تقلب صفحات التأريخ, تجده حافل بالشخصيات المهمة, وبعضها يتعذر عليك مغادرتها عند المرور بها, بسبب جاذبيتها, بكل ما تحمل من صفات نورانية, وأحاسيس وأخلاق وقيم, تشعر انك مرتبط بها, ولمجرد التفكير أنك بعيدا عنها, ستكون قد فارقت جميع مقومات الإنسانية, وخرجت من عالم الملكوت إلى عالم تجهله, لا يربطك بالحياة بشيء, سوى الأكل والشرب واللعب.
فاطمة الزهراء (عليها السلام)(أم أبيها) كما قال عنها رسولنا الأكرم (صلواته تعالى عليه وعلى آله) حيث أتخذها أمّاً.. لما تمثله من طاقة وقدرة ومعاني سامية, ضربت لنا مثلا في العطاء ألا متناهي, ومن أقواله أيضا (فاطمة روحي التي بين جنبي) ومن أقواله أيضا (فاطمة يرضى الل.. لرضاها ويسخط الل.. لسخطها) ,وقوله أيضا (فاطمة بضعة مني ؛ من آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذا الل..) ليتشرف بها, لقب سيده نساء العالمين في الدنيا والآخرة.
بيّن الرسول الأكرم (صلواته تعالى عليه وعلى آله) للمسلمين بابا يلجؤن إليه, لكسب رضا الخالق عز وجل فجعل رضا فاطمة مقياسا لرضاها, مع كل ذلك, تعرضت مولاتنا الزهراء (عليها السلام), في يوم رزية الخميس وما تبعها خلال شهر بيع الأول إلى يوم استشهادها, أبشع واعنف المواقف مع القوم, صابرة على حرق دارها وكسر ضلها وقتل جنينها محسن.
يوم التاسع من ربيع الأول, كثرت الأحدث والمناسبات التي وقت فيه..! ففي مثل هذا اليوم هلاك العمرين, قاتلها وقاتل ولدها الحسين (عليهما السلام), ويعد عرفا بداية إمامة الإمام الحجة المنتظر (روحي له الفداء), وهو يوم تصدي الإمام لقيادة العالم, ويوم قتل النفاق, ويوم قبول الأعمال, و يوم التودد, ويوم نصرة المظلوم, ويوم التجاوز عن المؤمنين, لذلك أحب الشيعة, أن جعلوا يوم التاسع عيدا وفرحا, ليدخلوا فيه السرور عليها لما لاقته من القوم, بعد استشهاد أبيها, إلى يوم استشهادها (عليهما السلام).
مما تقدم.. بمرور الزمن, ضْن البعض إن هذه فعلا فرحة لها(عليها السلام), ولكن من غير اللائق الفرح باستشهاد إمام سابق بتنصيب إمام لاحق, لان إمامه المهدي, قد وقعت فعلا في يوم وفاه والده (عليهما السلام), أي يوم الثامن من ربيع الأول, ولا يمكن تأخير أو انتظار يوم كامل لينصب إماما, لان الأرض لا تخلوا من حجة, أضيف إليها جميع المناسبات الأخرى, فهي لا تصح إن تنسب للزهراء (عليها السلام), بأنها فرحت بها, ولسبب بسيط أن أهل البيت (حبهم في لل.. عز وجل وبغضهم فيه), فليس من المنطقي, أن تفرح أو تتشمت بمن غصب حقها أو قتلها أو من قتل ابنها أو لأي سبب أخر.
رغم ذلك لا يوجد تحريم من قبل المرجعية, لما سمّاها العرف فرحة الزهراء (عليها السلام), مع عدم ثبوت صحة هذه الفرحة, وكذلك لا يوجد ضرر في الآتيان بها , ورد في بحار الأنوار(ج 40:43)، (وكنز العمال ج 7 ص 111) , طبع دائرة المعارف النظامية (عن عبد الل.. بن عابس قال:لما حضرت رسول الل..(صلواته تعالى عليه وعلى آله) الوفاة بكى حتى بلّت دموعه لحيته، فقيل له: يا رسول الل.. ما يبكيك؟ قال: ابكي لذريتي و ما تصنع بهم شرار أمتي من بعدي، كأني بفاطمة بنتي و قد ظُلمت و هي تنادي يا أبتاه فلا يعينها أحد من أمتي, فسمعت ذلك فاطمة عليها السلام فبكت, فقال رسول الل..(صلواته تعالى عليه وعلى آله) لا تبكي يا بنية, فقالت: لست ابكي لما يصنع بي من بعدك ولكن أبكي لفراقك يا رسول الل.., فقال لها: ابشري يا بنت محمد بسرعة اللحاق بي فانك أول من يلحق بي من أهل بيتي).
كذلك ورد في صحيح مسلم (ج 7 ص 142), باب فضائل فاطمة مطبعة بولاق (لم يحدثنا التاريخ عن احدٍ يفرح و يستبشر بالموت, لأنه سيلتحق بحبيبه غير الزهراء عليها السلام، تقول عائشة , إن رسول الل.. (صلواته تعالى عليه وعلى آله) دعا ابنته فاطمة عليها السلام فأسارّها فبكت، ثم سارّها فضحكت, فقلت: ما هذا الذي سارّك به رسول الل..(صلواته تعالى عليه وعلى آله) فبكيت ثم سارّك فضحكت؟ فقالت: أخبرني بموته فبكيت ثم سارّني فأخبرني إني أول من يتبعه من أهله فضحكت) أي فرحت..!