الفكر الإسلامي وإشكالية البناء المعاصر

آخر تحديث 2015-12-19 00:00:00 - المصدر: وكالة نون الخبرية

A+AA-صورةالزيارات: 1


السبت 19 كانون الأول 2015 - 10:10

بقلم // مهدي الدهش
يواجه الفكر والمفكّر الإسلامي في المرحلة الراهنة إشكاليات متنوعة وذات أبعاد مختلفة , من أجل تأصيل البناء الفكري الإسلامي ضمن العصر الحالي. وهذه الإشكاليات أو المشاكل أتت من خلال غياب النظرية الإسلامية المعاصرة في حقول وأقسام المعرفة المختلفة سواء في الاقتصاد والعلوم السياسية والعلوم النفسية وعلم الاجتماع وفلسفة التاريخ وغيرها الكثير. وأن وجدت بعض التنضيرات المعاصرة , إلا إنها لم تصل للمستوى الذي يجعلها تزيح نتاج الفكر الغربي في هذه الميادين وغيرها.
أذن هنا نشخص مشكلة تأخره عن تأسيس النظرية وتركيز اهتمام الكّتاب عن المستوى التثقيفي والتوجيهي وحصر الإنتاج في حيز المقالة أو البحث أو كُتب الثقافة العامة.
ومن جانب آخر نرى غياب الولوج ضمن أبواب أدبية مهمة كالرواية والقصة والمسرح والنقد الأدبي وعلم الجمال والفن التشكيلي والسينما وأبواب حضارية أخرى ضمن هذا النهج , حيث لوحظ غياب الكاتب الإسلامي عن هذه الحقول الأدبية المتنوعة.
على عكس كُتاب المدارس الفكرية الأخرى , حيث نرى أثر تلك المدارس واضحاً في هذا المضمار مثل الأدب الماركسي والمسرح الوجودي والفن البوهيمي.
ومن الملاحظ على النتاج الإسلامي الفكري، بروز التكرار وظهور الرتابة وغياب روح الإبداع والابتكار في الأسلوب والصياغة والعرض والاستنتاج. بل الأدهى من هذا ظهور المؤلفات ذات المستوى الفكري المتدني من حيث السلوك الاجتماعي الذي يُروّج له والنتاج الكتابي الضحل والمُربَك، وسلسلة المقالات التي تدفع باتجاه بناء قيم التجهيل الثقافي والتغييب المعرفي للمجتمع والذي يسيء للفكر الإسلامي ويقلل من قيمته.
وأعتقد أن أهم المشاكل التي يعاني منها الفكر الإسلامي المعاصر , هو غياب وقلة الكتّاب والمفكرين الإسلاميين من ذوي المواهب الكتابية وسرعة الاستيعاب للإشكاليات المحيطة وتنظير الحلول وخاصةً في جانب الأصول للفكر الإسلامي والثقافة التراثية , حيث مطلوب تنقيح ما وصل إلينا وتناهى لأيدينا من نتاج الأسلاف , وإدخاله في أطر معرفية تتلاءم والعصر الحاضر , من أجل الخروج بأشكال معرفية يمكن تطبيقها ضمن أيامنا.
ولا يفوتني أن أشير إلى ظاهرة خطرة تتفاعل ضمن مراحل وأماكن مختلفة ضمن محيطنا الإسلامي، هي غياب التبني للكاتب الإسلامي الناشئ وقلة العناية به، من حيث رعاية مواهبه ونشر نتاجه الفكري والثقافي. فقد يتم تغييب هكذا كُتاب من خلال تجاهل نتاجهم الأدبي، كون هذا النتاج لا يتلاءم وهوا أصحاب المطابع وكذلك الناشرين، ومع الأسف يجري هذا كله ضمن البلاد الإسلامية. ونرى على العكس من ذلك، فرصاً مهمة تمنح لهم في بلاد الغرب، حيث حرية الفكر والنتاج مكفولة للجميع.
وختاماً إلى من يهمهم الأمر ومن تقع عليهم مسؤولية الحفاظ على الفكر والمفكّر في بلادنا، أن ينتفضوا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان.