هل يؤيد البريطانيون إصلاحات كاميرون المقترحة؟ -

آخر تحديث 2015-12-21 00:00:00 - المصدر: ايلاف

نبهت دراسة حديثة اجرتها خبيرتان بريطانيتان الى أن رئيس الوزراء ديفيد كاميرون يواجه ظروفا سياسية خداعة على مستويين خلال مناقشته اجراءات اصلاح في الاتحاد الأوروبي، احدهما على مستوى قادة أوروبا الآخرين والآخر على مستوى المواطنين البريطانيين. 


يناقش قادة دول الاتحاد الأوروبي الثماني والعشرين اجتماعا خلال هذا الاسبوع اصلاحات محتملة في الإتحاد الاوروبي طرحها رئيس الوزراء ديفيد كاميرون. 

وكان كاميرون قد دعا منذ تشكيل حكومته في آيار الماضي، إلى "اتفاق اوروبي افضل مع بريطانيا" وقال في العديد من خطبه وفي رسالته الأخيرة الى رئيس المجلس الاوروبي إنه يريد موقفا اكثر مرونة من جانب الاتحاد الاوروبي من شأنه ان يسمح للدول الاعضاء بان يكون لها حق التحكم بشكل أكبر بتطبيق التشريعات الاوروبية وان تملك القدرة على اتخاذ موقف وطني ازاء المهاجرين من دول اوروبية الأخرى.  

وتعهد كاميرون ايضا بتنظيم استفتاء سيختار الناخبون البريطانيون فيه إما البقاء في الاتحاد الاوروبي او مغادرته. 

مثل هذا الوضع يطرح سؤالا مهما هو: ترى اي نوع من الاصلاحات سيؤيدها الناخبون البريطانيون؟ 

وقالت صحيفة واشنطن بوست إن الدراسة التي نشرتها كاثرين دو فريز، استاذة السياسات الاوروبية في جامعة اوكسفورد وايزابيل هوفمان مديرة مشاريع في مؤسسة بيرتيلسمان حاولت ايجاد جواب لهذا السؤال. 

وتضمنت الدراسة مسحا شمل 12 الف مواطن اوروبي طرحت عليهم اسئلة تتعلق بمجالات اربعة وهي:

من يجب ان يقوم بالاصلاحات في الاتحاد ومن يتخذ القرارات أهي المؤسسات الاوربية مثل البرلمان او المفوضية الاوروبية او حتى رئيس الاتحاد ام الحكومات الوطنية؟ 

كم يجب أن يكون عدد الدول الاعضاء في الاتحاد اقل ام اكثر من العدد الحالي وهو 28 دولة؟ 

ما يجب ان يكون هدف سياسة الاتحاد الرئيسية؟ ضمان السلام والنهوض بالنمو الاقتصادي ام توسيع الهجرة أو تقليصها داخل دول الاتحاد؟ 

ما هو المبلغ الذي يجب على المواطنين دفعه سنويا في شكل ضريبة لضمان ان يعمل الاتحاد بشكل جيد وهل سيكون اقل ام أكثر مما يدفعه المواطن البريطاني حاليا وهو حوالى 70 يورو؟ 

النتائج 

احدى النتائج التي توصلت اليها الدراسة هي ان المواطنين البريطانيين يفضلون تقليل المشاركة المالية السنوية. 

البريطانيون يفضلون ايضا ان تكون الحكومات الوطنية هي المسؤولة عن اتخاذ القرارات أو ان يتم اتخاذ هذه القرارات عبر استفتاءات اوروبية بدلا من ترك المسألة للبرلمان الاوروبي. 

ويبدو ان هذا العامل اكثر اهمية بالنسبة للبريطانيين من قضية الاشتراك السنوي، وهو ما يعني بالنتيجة دعما لقول كاميرون إن الشعب البريطاني يريد اتحادا يمكن مساءلته بطريقة ديمقراطية وأن يكون اكثر تجاوبا.   

أما على صعيد الاهداف السياسية المفضلة، يريد البريطانيون اتحادا يضمن السلام والأمن ثم اتحادا يحل مشكلة الهجرة بين دوله بشكل افضل ثم يحقق النمو الاقتصادي. 

واخيرا، لا يهتم البريطانيون كثيرا بعدد دول الاتحاد ولكنهم يعارضون اتحادا صغيرا بستة اعضاء فقط على سبيل المثال. 

مواقف مختلفة

لاحظت الدراسة ان مواقف البريطانيين تختلف تماما عن مواقف بقية مواطني دول الاتحاد إذ لا يهتم هؤلاء الأخيرون أن تكون سلطة اتخاذ القرارات بيد حكوماتهم الوطنية أم بيد المؤسسات الاوروبية. 

البريطانيون يميلون ايضا الى تأييد اتحاد اوروبي يعمل على تحديد الهجرة بين دول المنظومة، في حين يعارض الاوروبيون الآخرون ذلك. 

القلق من توافد المهاجرين الاوروبيين والرغبة في تملك سلطة اتخاذ القرارات بدلا من البرلمان الاوروبي قويان جدا بين البريطانيين الذين يفضلون الانسحاب من الاتحاد. 

أما اولئك الذين يفضلون البقاء فأولوياتهم هي السلام والامن ولا يبالون إن كانت المؤسسات الاوروبية أو الحكومات الوطنية هي المخولة باتخاذ القرارات. 

أثر النتائج 

والان ماذا تعني هذه النتائج بالنسبة لمساعي كاميرون التفاوضية؟ 

ترى الدراسة انها تعني أمرين: 

الاول، ان العديد من البريطانيين يريدون امتلاك سلطة وطنية تفوق سلطة الاتحاد وهو ما لا يريده الاوروبيون. واذا ما قرر قادة الاتحاد منح هذه السلطة لإرضاء البريطانيين فقد يواجهون عواقب سياسية وخيمة في دول الاتحاد الاخرى.  

ثانيا، سيكون على كاميرون ان يخلق توازنا بين إرضاء الرافضين لعضوية بريطانيا في الاتحاد والمؤيدين لها او بين اولئك الذين يفضلون تنظيم قضية الهجرة بين دول المجموعة على تشجيع النمو الاقتصادي واولئك الذين يسعون الى تحقيق اولويات اخرى مختلفة. 

ونبهت الدراسة أخيرا الى ان الخطر حقيقي إن لم يتمكن كاميرون من خلق التوازن وإن ادت مواقفه في النهاية الى تحييد الفئة الثانية.

والسبب هو أن 59 بالمائة من المشاركين البريطانيين في المسح قالوا إنهم يفضلون البقاء في الاتحاد الاوروبي.