وكما قلنا في المقال السابق فإنه في شريحة المشاهدين المجانية ستوجد شريحة منهم ممن سيدفع الدولار مقابل مشاهد مميزة، وفي شريحة الدولار ستجد شريحة تود الممارسة الحقيقية مع نساء يعملن في هذا المجال “القذر”.
وفي هذه الشريحة ستجد من يملك مالاً كافيًا يمكنه من ممارسة الدعارة مع إحدى نجمات أو أحد نجوم الأفلام الإباحية.
وهناك شريحة أكبر من الأغنياء تود استعباد إحدى هؤلاء ليمارس معها ما يراه في هذه المحتوى وقتما شاء، وهناك عصابات تستعبد كثيرات أو كثيرين من العاملين في هذا المجال لصالحهم، فتبدأ رحلات الإتجار في البشر رجالاً ونساءً وأطفالاً من كل الجنسيات واللغات، فلا تهم اللغة فلقد اشترينا الجسد!
ثم لا تتوقف شركات الإنتاج عن الضرب مرة من بعد أخرى، فتطرح أفلامًا تهدم الرموز الدينية أو المتدينين، وذلك بطرح أفلام يقوم فيها أحدهم أو إحداهن بتمثيل دور متدين يغرق في الجنس، رجلاً كان أو امرأة، مسلمًا كان أو غير مسلم، فقد كان التركيز قديمًا في أوروبا على الراهبات والرهبان، ومع دخول المسلمين بأعداد كبيرة في أوروبا دخل الحجاب والنقاب في هذا الأتون لمخاطبة شهوات المسلمين الأوربيين وإهدار هذا الرمز الذي يمثل أيقونة للعفة والطاعة، أضف إليها الفضائح الحقيقية لبعض المتدينين أو الدعاة أو الرموز الدينية، فتكون الضربة في الصميم، والغرض منها واضح وهو أنه لا أحد نقي وأن الكل يبحث على طريقته!
ويستمر هذا الطرح وهذا التصور في رؤوس المدمنين والجمهور المستهدف وهو أن الكل يمكن الوصول إليه بطريقة أو بأخرى، أو بمعنى أدق أن الجميع يرغب لكن يريد المفتاح، حتى إنه لم يسلم من التحرش والاغتصاب المنتقبات، ووفق بعض التقارير فإن نسبة التحرش بالمنتقبات في مصر مثلاً وصلت إلى تخطي حاجز ال 19!%، وهذه الأفلام تعطي رسائل سلبية “مجرمة” وهي أن الوصول سهل، ولكن عليك التجربة، فالكل يرغب سواء أكانت منتقبة أو محجبة، مسلمة أو غير مسلمة، راهبة أو قسيس، فقط قدم عرضك أو افرضه بالقوة (وهو ما سنتناوله بشكل مفصل هنا إن شاء الله).
ثم تأتي الشريحة الأخرى وهي الأسرة فتجدهم يطرحون محتوى جديدًا لا تمانع فيه الأم من ممارسة الجنس مع ابنها أو البنت مع أبيها، وهكذا تسقط فواصل الأسرة ويصبح الجنس هو المسيطر، وتتغير النظرة داخل الأسر، فبدلاً من النظرة النقية تصبح أكثر تلوثـًا، حتى إن كثيرًا من الكلمات العادية أو البريئة لم تعد تفهم هكذا، بل راحت تترجم وفقـًا للقاموس الإباحي الذي يحمله المدمن بشكل مختلف، أضف إليها الأحداث الحقيقية من زنا المحارم في كافة بقاع الأرض، فكم سمعنا عن جد يعتدي على حفيدته وأب على ابنته وفتاة تحمل من خالها في الحرام؛ فتكون الضربة الثانية.
ثم مرحلة إسقاط الجميع فلا يسلم الطبيب أو الضابط أو الممرضة ليكون كل واحد منهم يبحث عن الجنس ويمارس الجنس أحيانًا بدافع المال وأحيانًا أخرى بدافع غليان الشهوة، ثم مرحلة الدفع بفيديوهات تخدم كل هذا من واقع المجتمع كما حدث مثلاً مع قصة “العناتيل” في مصر.
وبعض الفيديوهات التي تصور بواسطة الهاتف النقال حقيقي وبعضها أو كثير منها ليس كذلك!
ويظن بعضهم أنها غير مقصودة أو عفوية، وهي في الحقيقة بعضها يصور داخل استديوهات بواسطة هاتف نقال بشكل يظهر الأمر كما لو أنه مشهد غير مدفوع الأجر، والغرض معروف هو نشر الفاحشة قدر الإمكان، وأن الأمر منتشر وما عليك إلا البحث والتحرش.
وهذا الفريق لا يهدأ؛ لأنه يريد جمع المال من خلال الضغط على الغريزة الطبيعية في الإنسان كي تكون غريزة تتخطى حاجز البهيمية فنكون في ممارستها والبحث عنها أضل من البهائم، ومع الضغط الشديد والترويج يبدأ المجتمع بالضغط للحصول على هذا “الكيف” بأي وسيلة، وهو ما جعل حكومات تدخل في هذه التجارة كما دخلت في غيرها، وهي التي كان منوطـًا بها الدفاع عن عدم استغلال الناس ومنع ترويج الفحش بينهم أو منع استغلال المجتمع وهذا ما سنراه واضحًا في حركة الجنس التاريخية:
حركة الجنس التاريخية : بدأت منذ العام 1900 فالأفلام الإباحية ظهرت بعد وقت قصير من ابتكار التصوير المتحرك في أوائل 1900، تم إنتاج الأفلام الإباحية منذ بداية عهد السينما وأطلق عليها اسم “Stag film” بهدف عرضها في اجتماعات الرجال أو في بيوت الدعارة وقد قوبلت برفض اجتماعي شديد في الولايات المتحدة، لدرجة أن الرجال كانوا يخفون وجوههم أحيانًا بأساليب عدة كالشوارب المزيفة أو الأقنعة، وقلة قليلة من الناس عرفوا بأنهم مثلوا في أفلام إباحية، وغالبًا ما يفترض أن الممثلين كانوا من المومسات أو المجرمين، مثل عضو المافيا فينسنت دروتشي الذي مثل في فيلم إباحي عام 1924، وتحركت هذه النوعية من الأفلام بشكل كبير في الستينات فقد بعثت الستينيات بثقافة جديدة هي “الحب الحر” حيث اعتنق ملايين الشبان مذهب الهيبيز (وكان الهيبيز يؤمنون بأنّ الجنس ظاهرة بيولوجية فطرية لا يجب إنكارها أو كبتها).
وهم متأثرون في ذلك بمذاهب قديمة نادت بمثل هذا) فكما قلنا في المقال السابق أن حركات الحصول على الجنس بأية وسيلة ومع أي أحد حتى لو كانت الأم والبنت والجنس المماثل قديمة قدم التاريخ نفسه، وإلا ففي أي زمن كان قوم لوط؟! لقد كانوا قبلنا بزمن سحيق.
فهي حركات هدامة معروفة كانت موجودة منذ مئات السنين بل منذ قرون مضت، يحيها بعضهم في أزمنة مختلفة من حياة البشر، فكان مثلاً “يزدجرد الثاني” الذي حكم في أواسط القرن الخامس الميلادي تزوج بنته ثم قتلها و”بهرام جوبين” الذي تملك في القرن السادس كان متزوجًا بأخته!
ويقول صاحب كتاب إيران في عهد الساسانيين: إن المؤرخين المعاصرين للعهد الساساني يصدقون بوجود عادة زواج الإيرانيين بالمحرمات، ولم يكن يعد معصية بل عملاً يتقربون به إلى الله!
وكما يقول الطبري عن دعوة مزدك الذي جعل الناس شركاء في المال والنساء: (حتى كانوا يدخلون على الرجل داره فيغلبونه على منزله ونسائه وأمواله لا يستطيع الامتناع منهم! فلم يلبثوا حتى صاروا لا يعرف الرجل ولده ولا المولود أباه!
وفي أواخر الستينات في الولايات المتحدة، كان إنتاج الأفلام الإباحية شبه منتظم ويتم في الخفاء وعلى نطاق متواضع، وكانت أفلامًا صامتة بالأبيض والأسود وبجودة منخفضة، وتعرض في محلات أفلام الراشدين حول تايمز سكوير، وفي سبعينيات القرن العشرين، انتشرت المجلات والأفلام الإباحية نتيجة الثورة الجنسية في الغرب، و في عام 1970 قدرت دراسة فيدرالية أمريكية القيمة الكلية للإباحية بما لا يزيد عن 10 ملايين دولار!
وفي الثمانينيات ومع اختراع الفيديو زادت هذه التجارة بصورة كبيرة، ومع بداية التسعينيات ظهرت آلاف من المواقع الإباحية على الإنترنت وبدأت كثير من الشركات ببيع الأفلام الإباحية عبر الإنترنت.
والموضوع صار أكبر من كونه حرية ممارسة الجنس التي كانت في الأصل غطاء لإشاعة الجنس الحرام بين الناس، وصار الأمر يفرض بالقوة وتستغل فيه حاجات النساء أو الفتيات، فيتم بيعهن أو إجبارهن على ممارسة الدعارة وأصبح الأمر سلعة استهلاكية تدر ربحًا كبيرًا وتخدم أغراضًا أخرى سياسية أو اقتصادية أو غير ذلك وتحكي ليندا لوفليس في كتابها (Out of Bondage) أو (الخروج من العبودية قائلة :(لو شاهدت فيلم “حلق عميق” فأنت تشاهدني أتعرض للاغتصاب، إنها جريمة أن هذا الفيلم لايزال يعرض؛ كان هناك مسدسًا مصوبًا إلى رأسي طوال الوقت!
وألقت محاضرات في الجامعات، لتشجب ما وصفته بالممارسات الوحشية والاستغلالية في صناعة الإباحية، وفيلم “حلق عميق” يعتبر أحد أوائل الأفلام الإباحية، وقد تلقى الفيلم اهتمامًا تجاوز الوسط الإباحي نحو وسائل الإعلام الرئيسية، ولم يكن فيلم حلق عميق أول فيلم إباحي يصدر في الولايات المتحدة، لكن لم يحقق أي فيلم قبله الاهتمام الشعبي والإعلامي، كما غير نظرة المجتمع تجاه الأفلام الإباحية وأطلق ما عرف بعصر الإباحية الذهبي!
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست