انقرة ـ (أ ف ب) – بالرغم من ان مخزونه من المؤن ينفد بسرعة، فان بهاء الدين ياغرجيك لا خيار له سوى ملازمة القبو الذي لجا اليه طالما ان القذائف تتساقط على حيه جيزرة الذي يشهد معارك عنيفة بين الجيش التركي والمتمردين الاكراد.
وروى ياغرجيك لوكالة فرانس برس في اتصال هاتفي اجري معه من انقرة ان “دبابات انتشرت على التلال المطلة على المدينة واشتعلت النيران في المبنى من ثلاث طبقات الذي اقطنه اثر قصف الاسبوع الماضي، ولم يعد من الممكن السكن فيه”.
واطلقت قوات الامن التركية الاسبوع الماضي هجوما واسع النطاق في عدد من مدن جنوب شرق البلاد ذي الغالبية الكردية، ولا سيما في جيزرة وسيلوبي في محافظة شرناك، قرب الحدود السورية والعراقية.
ويقوم عشرة الاف جندي وشرطي بحسب الصحافة، مدعومون بالدبابات والمروحيات، بمطاردة الشبان من انصار حزب العمال الكردستاني في شوارع هذه المدن التي فرض فيها حظر التجول.
وجميع السكان الذين لم يتمكنوا من الفرار قابعون في مخابئ على غرار ياغرجيك.
ويقول انهم “اربع عائلات، اي مجموع 26 شخصا وبيننا اربعة اطفال، لجأنا الى غرفتين تحت الارض” مضيفا “الجو هنا صقيع ونتلقى الكهرباء نادرا. بالكاد يمكننا استخدام هواتفنا لان البطاريات تفرغ تماما مثل الطعام”.
وبعد وقف لاطلاق النار استمر اكثر من سنتين، تجددت المعارك الدامية الصيف الماضي بين القوات التركية وحزب العمال الكردستاني المتمرد ما ادى الى توقف محادثات السلام التي بدأت في 2012 لوضع حد لنزاع اوقع اكثر من اربعين الف قتيل منذ 1984.
واغتنم ناشطو حزب العمال الكردستاني ومسلحو حركة الوطنيين الثوريين الشبابية القريبة منه فترة الهدوء لسنتين، لترسيخ وجودهم في المدن “المحررة” فحفروا الخنادق واقاموا الحواجز لمنع دخول قوات الامن، وفق استراتيجية ادت الى شل الحركة في هذه المدن.
ومع انتقال المعارك من المناطق الريفية الى مراكز المدن والتجمعات السكانية، حصلت حركة نزوح شملت حوالى 200 الف شخص.
وقال ياغرجيك “اننا يائسون، لا تدفئة والاطفال يبكون. سقط 24 صاروخا على الحي في اقل من دقيقة، عددتها”.
– مختبئون في القبو او تحت الادراج –
توعد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بعد فوز حزبه في الانتخابات التشريعية في الاول من تشرين الثاني/نوفمبر بـ”استئصال” حزب العمال الكردستاني الذي يتهمه بانه “يفسد السلام في بلادنا بعملياته”.
واتهم الجيش التركي المتمردين الاكراد باستخدام المدارس كمراكز لاطلاق النار وباستهداف المستشفيات.
وقال الاثنين “لا تخافوا، فالمنظمة الارهابية ستطمر في الخنادق التي حفرتها”.
ويتهم الناشطون والمسؤولون الاكراد الجيش التركي بشن حرب بلا هوادة من دون اي محاسبة، بهدمه احياء كاملة. وفي تقرير صدر الثلاثاء حضت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية تركيا على “التوقف عن الاستخدام غير المتناسب للقوة”.
وتظهر صور ينشرها سكان جيزرة وسيلوبي على شبكات التواصل الاجتماعي مبان متفحمة واحياء منخورة باثار الشظايا.
وتؤكد هيئة الاركان التركية “القضاء” على اكثر من مئة “ارهابي” في مدينة جيزرة وحدها منذ الاسبوع الماضي، في حصيلة لا يمكن التثبت منها في الوقت الحاضر.
وقال سهموس باران في اتصال هاتفي اجرته معه وكالة فرانس برس ان “حيي في سيلوبي محاصر عمليا. نوافذ شقتي تحطمت. الجو في الداخل صقيع. اننا نحتمي تحت ادراج المبنى”.
واضاف الطالب الجامعي الذي يحلم بان يصبح موظفا في الدولة ان المياه الجارية مقطوعة منذ ثلاثة ايام “والكهرباء تاتي بشكل متقطع″ متسائلا ان كانت “الامم المتحدة تقوم باي مساع″.
وفر مراد اوكتار الموظف في بلدية جيزرة الاسبوع الماضي من حيه نور الى حي مجاور. وقال “القصف لا يتوقف. الجميع خائف. الدولة تستخدم قوة كبرى، وكأن بلدا عدوا يقصفنا”.
وتابع ان “المحلات مغلقة، والناس يكدسون مؤنا من الجبنة والقمح. البعض اصيبوا وطلبوا سيارات اسعاف لكن لم يحصلوا على جواب” مؤكدا “لسنا في امان”.