استطاع مراسل وكالة “سبوتنيك” من إجراء مقابلة مع أحد عناصر تنظيم «داعش»، وقع أسيرا في أيدي وحدات الدفاع الشعبي الكردية.
الأسير محمود غازي تتار، تركي الجنسية، من مدينة أديامان، يبلغ من العمر 24 عاما، انضم إلى «داعش» وقاتل في صفوفه، ولكنه وقع في الأسر على أيدي مقاتلي القوات الكردية.
في حديث خاص لوكالة “سبوتنيك” يتحدث محمود عن تنظيم «داعش» من الداخل، وخاصة عن كيفية تجنيد الشباب التركي في صفوف التنظيم، وعن تجارة النفط مع تركيا.
“علموني أسس الإسلام خلال 5 أشهر”
يقول محمود غازي التتار: “أنا كردي الأصل، عائلتنا مؤلفة من ثلاثة أشقاء. كان والدي يعمل ميكانيكيا. نحن من عائلة عادية، مؤمنون. في أديامان كنت أدرس في الجامعة، ولكن في أبريل/ نيسان 2015، تركت الدراسة وانضممت إلى «داعش»، في أديامان كان هناك مخيم للاجئين السوريين. عملت هناك كمتطوع في غرفة الطعام، أوزع الطعام على اللاجئين. هناك تعرفت على أحمد ك، وهو أيضا من أديامان. حدثني عن الإسلام، أثر علي كثيرا، فبدأت بالصلاة والصوم. بعد انتهاء العمل التطوعي في المخيم افترقنا، و لم أر أحمد مدة طويلة.
ذات يوم التقيت به في وسط أديامان، فطلب رقم هاتفي، وعرض علي أن نلتقي مرة أخرى. فوافقت. بعد حوالي أسبوع اتصل بي واتفقنا أن نلتقي في مقهى. منذ ذلك الحين التقينا عدة مرات، قال لي مرة، إنه ينوي إعطاء دروس في قراءة القرآن في منزله، ودعاني لحضور تلك الدروس. بدأت أذهب إلى دوراته، بعدها وخلال 5 أشهر، علمني أسس الدين الإسلامي”.
“كيليس كانت نقطة الانطلاق”
“ولكن سرعان ما أعلنت الشرطة أحمد ك في بحث جنائي، لذلك قرر مغادرة أديامان والانضمام إلى «داعش» في سوريا. وقد ترك لي رسالة مع رجل يدعى إبراهيم كتب فيها أنني أستطيع، إذا أردت، أن أذهب إلى سوريا والانضمام إلى المجموعة. وقال إبراهيم إنه سيساعدني في عبور الحدود إلى سوريا. فأرسلني إلى موقف لسيارات الأجرة في مدينة كيليس، وقال لي أبحث هناك عن رجل يدعى “مهرب”. وصلت إلى كيليس ووجدت الرجل الذي تكلم عنه إبراهيم. فقادني بدوره إلى الحدود مع سوريا بالقرب من مدينة جرابلس.
“لم يكن هناك جندي واحد على الحدود”
أنا و17 شخصا آخرين عبرنا الحدود في الساعة العاشرة صباحا، على بعد كيلومتر واحد من المعبر الحدودي قرقميش، خلال الوقت الذي عبرنا به الحدود، لم نر جنديا تركيا واحدا. كل الأشخاص الذين عبرت معهم الحدود، كانوا رجالا من مختلف الأعمار من 17 إلى 50 عاما. كلهم كانوا يريدون الانضمام إلى «داعش». على الجانب السوري من الحدود استقبلنا عضو من «داعش» يدعى أبو بكر. وأخذنا إلى قرية، تقع على بعد كيلومتر من الحدود. مكثنا هناك فترة من الزمن، ثم أخذنا مقاتل يدعى أبو طلحة إلى منطقة الباب. أقمنا في مبنى سكني. بعد بضعة أيام انضم إلينا 10 أشخاص آخرين، أصبح عددنا 27 شخصا. ثم انتقلنا إلى مخيم للتدريب يبعد 5 كم عن الحدود. هناك تلقينا التدريب العسكري وحضرنا دروسا دينية.
“سألوا كل واحد منا هل تريد أن تكون شهيدا”
قبل بداية التدريب، سألوا كل واحد منا هل تريد أن تكون شهيدا. أنا رفضت. هذا السؤال يطرحونه على جميع المجندين الجدد. أولئك الذين يوافقون، يتلقون تدريبا دينيا خاصا في غضون 6 أشهر. ولأنني رفضت، استمر تعليمي وتدريبي 70 يوما. تعلمنا بكتب تركية. خلال التدريب، كان يأتي إلينا عدة أشخاص من تركيا ليفحصونا، كانوا بدون لحى، وليسوا أعضاء في «داعش».
” المجندون الأتراك أرسلوهم إلى تل أبيض…”
“بمجرد أن انتهى تدريبنا، أرسلونا في “مهمة”. سألونا إلى أين نود الذهاب، ولكن اتخاذ القرار النهائي بيد قادة المجموعة. أرسلت مجموعتنا، المؤلفة من 27 شخصا إلى مدينة تل أبيض. كانت مجموعتنا كاملة مؤلفة من أتراك. أسماؤنا بقيت سرية. نقلونا إلى تل أبيض معا على متن سيارتين حتى مدخل المدينة، ثم تم تقسيمنا إلى مجموعتين، وزعتا على منزلين مختلفين. أرسلونا إلى تل أبيض لأن معظم سكان المدينة من التركمان. وكانت أغلبية أعضاء «داعش» الأتراك موجودة في تل أبيض. خلال هذه الفترة، لم يُسمح لنا الاتصال بعائلاتنا. بعد اتمام التدريب سُمِحَ لي بالتكلم مع أهلي في أديامان. تحدثت مع والدتي، فطلبت مني العودة إلى المنزل، في تلك اللحظة أجهشت بالبكاء. أول ستة أشهر بعد الانضمام إلى التنظيم، «داعش» لا يسمح لأحد أن يلتقي بعائلته.
” هدفهم ليس تركيا”
“في معسكر التدريب قال لنا القادة أن «داعش» لن يهاجم تركيا. وفق ما فهمته، أثناء التدريب، يقاتل في صفوف «داعش» أكثر من ألف مواطن تركي. أعضاء «داعش» يقتربون من الشخص فقط عندما يرونه وحيدا. يحدثونه عن الإسلام، عن فضيلة الجهاد. التدريب في تركيا يتم في منازل كانوا يستأجرونها في الأحياء الفقيرة. كان أحمد ك يقول لنا أن «داعش» — هو المنظمة الوحيدة التي على حق، وتريد إنشاء دولة إسلامية في جميع أنحاء العالم، وقريبا سوف تتحول جميع البلدان إلى خلافة «داعش».
“الأكراد لا يقتلون الأسرى”
“في 15 يونيو/ حزيران 2015 أسرتني القوات الكردية في تل أبيض. قادة «داعش» أخبرونا أن القوات الكردية اقتربت من المدينة، وأمرونا بمغادرة تل أبيض. عموما تمكنت مجموعة مؤلفة من 400 مسلح من الهروب. بعد استلام أمر التراجع، أنا ومجموعة مؤلفة من 70 شخصا ركبنا شاحنة وتوجهنا إلى أقرب قرية. هناك انتظرنا نصف ساعة. وكانت مجموعات أخرى من المسلحين موجودة في القرية. عندما حان وقت مغادرة القرية، تبين أن السيارات لا تكفي للجميع، بالنتيجة بقي في القرية 12 شخصا، من بينهم كنت أنا. بسبب قصف قوات التحالف قتل ستة منا. أنا لم أقرر الفرار من القرية. لقد غيرت ملابسي إلى ملابس مدنية وانتظرت هناك حتى الصباح. اعتقدت أنني أستطيع الهروب إلى الرقة، ولكن الأكراد شغلوا جميع المواقع. بدأ سكان الريف يعودون إلى منازلهم. فغادرت القرية، في هذه اللحظة ألقى الجنود الأكراد القبض علي. فاستسلمت. الأكراد يعاملون الأسرى بشكل جيد، يطعمونهم الطعام، ويقدمون لهم الماء، وحتى السجائر. حبسوني في هذه الغرفة مع عدة أشخاص آخرين. لم أعتقد أنهم سيعاملونني بشكل جيد، خفت من التعذيب. ظننت أنهم سوف يقتلوننا، ولكن اتضح أن القوات الكردية لا تقتل الأسرى. سمعت أن مقاتلي «داعش» عندما يلقون القبض على الأكراد، يقتلون بعضهم فورا، ويبقون البعض على قيد الحياة، من أجل تبادل الأسرى مع وحدات الدفاع الشعبي الكردية.
إنني نادم على انضمامي إلى «داعش»، ولكن هذا لا يهم الآن. إذا بادلوني سيقتلوني مسلحو «داعش» لأني تحدثت عنهم. وإذا عدت إلى تركيا — سيضعوني في السجن لأني كنت عضوا في «داعش». يجب أن لا يكرر أحد أخطائي، فكروا قبل فوات الأوان. كل الأشخاص الذين يجلسون معي هنا، آسفين على ما فعلوه.
“صهاريج النفط تذهب إلى تركيا كل يوم”
خلال تدريبنا في المعسكر، شهر مايو/ أيار 2015، قال لنا أبو طلحة أن التنظيم يبيع النفط إلى تركيا. ووفقا له، فإن الأموال التي يتم جمعها من بيع النفط لتركيا، تساعد «داعش» في حل جميع الصعوبات المالية. كانوا يملؤون النقالات بالنفط والمازوت والبنزين ويرسلونها كل يوم إلى تركيا. المصدر الرئيسي للدخل في «داعش» هو تجارة النفط، احتياطي النفط لدى التنظيم يكفي لفترة طويلة. قال لنا أبو طلحة أن التنظيم يكسب أموالا كثيرة من التجارة مع تركيا، وأضاف أيضا، إن النفط يباع من خلال عدد من رجال الأعمال والتجار، ولكن لم يذكر أسماء. ويتلقى «داعش» بدوره العديد من المنتجات والمواد الغذائية من تركيا والدول العربية.
قادتنا الميدانيون كانوا لا يعيرون اهتماما للقصف الأمريكي، لأنهم يعتبرونه شكليا، فقط لذر الرماد في العيون.
لماذا لا نحارب إسرائيل؟
ذات يوم، سأل أحد المقاتلين لماذا «داعش» لا يحارب إسرائيل. فأجاب أبو طلحة: “أولا يجب كسر الجدار الصغير، ومن ثم نهجم على الكبير”. معظم المجندين الجدد الذين ينضمون إلى «داعش» من المملكة العربية السعودية، وتونس، واليمن، وقطر، ولبنان ومصر. يأتون عبر الحدود التركية، لسهولة عبورها. نفس الطريق يسلكه القادمون من أوروبا وأمريكا. قال لنا القادة أنهم يخططون للقيام بعمل إرهابي يفوق بحجمه هجمات 11 سبتمبر/ أيلول في أمريكا.