لاشك ان الاسلام دين سماحة وانسانية وليس دين قتل وسفك دماء كما يريد له البعض ان يصوره ، ولو طبق على الواقع كما هو(رحمة للعالمين) ودون تدخل من السياسة او المفاهيم والفلسفات البشرية المعقدة التي اكتوت بنارها مجتمعات وعوالم كانت زاهرة ، فانه يثري الحضارة المعاصرة ويكمل ما ينقصها ، نحن أحوج ما نكون لمثل هذا النوع من الاسلام البريء البسيط النافذ الى اعماق القلب والروح دون استئذان ، ينير طريقنا ويخفف عنا اعباء الحياة المعقدة التي نعيشها ويأخذ بأيدنا ليخرجنا من النفق المظلم الذي وضعنا انفسنا فيه ، وتقودنا الى بر الامان ، كما فعل الرسول واصحابه الكرام مع مجتمعاتهم بتجرد واخلاص وفي سبيل الله وحده ومن اجل الارتقاء بحرية الانسان والدفاع عن حقوقه لا من اجل احراز المناصب والوصول الى السلطة السياسية وتكديس الاموال من السحت الحرام ، اسلام يبني ولا يهدم ، يبشر ولا ينفر ، اسلام مسالم وطيب يوقر الكبير ويوفر له حياة كريمة ويحترم الصغير ويسهر عليه ويضعه على جادة الصواب ، اسلام كما انزله الله وامر به "رحمةللعالمين" وليس نقمة للعالمين كما نراه ونلمسه في اسلام بعض الاحزاب السياسية والحركات والمنظمات الارهابية التي تدعي الاسلام وتتكلم باسمه وهي لا تمت اليه بصلة ، ولاتختلف عن العصابات والاحزاب المجرمة الخارجة عن القانون بشيء كتنظيم (القاعدة) او عصابات(داعش) ومن يسلك مسالكهما بتكفير الناس وقتلهم..
لم تتدهور احوال المسلمين ولا انحدرت الى الهاوية الا عندما حشرت السياسة في الاسلام حشرا وشكلت منه احزابا وشيعا متنافرة ومتنازعة ، تتقاذفها الاحقاد والضغائن وتحركها الاهواء والاطماع والمصالح الدنيوية ، والمصيبة ان كل واحدة منها تدعي انها على صراط مستقيم وان الثانية على الضلال المبين ، وقد يصل الخلاف فيما بينها الى الاقتتال وتكفير بعضها البعض ، توجد مئات الاحزاب والحركات التي تدعي الاسلام والعمل بالقرآن والسنة في العالم الاسلامي ولكن مع ذلك لا توجد بينها ارضية مشتركة ، ولا نقاط التقاء ، اذن اين الانموذج الاسلامي القدوة عند هذه الاحزاب والحركات "الاسلامية" التي تريد تقديمه للعالم؟
هل الانموذج الامثل عندها يكمن في عمليات الذبح والقتل وسبي النساء وعرضها في سوق النخاسة كما يمارسها تنظيم"القاعدة"وعصابات"داعش"؟ اهكذا اسلام نريد ان نقدمه للعالم المعاصر؟! العجيب ان معظم الاحزاب والحركات الاسلامية في العالم العربي انتقائية في تعاطيها للاسلام ، كل واحدة تأخذ ما تناسب طبيعتها الفكرية وتوجهاتها السياسية ، فمنها من يأخذ الجوانب التربوية منه ومنها من يستلهم الجوانب الجهادية منه بصورة خاطئة.. وهكذا ، فمن بين مجموع الآيات القرآنية الـ(6236) التي تتكلم عن حياة الانسان وروعتها بلغة جميلة مليئة بالامل والمستقبل المشرق ، نجد البعض يأبى الا ان يختار آيات قليلة لاتتعدى اصابع اليدين تحث على قتال "المشركين" المحاربين في ساحة القتال"فقط"كنوع من درء الظلم والدفاع عن النفس ، وليس لقتال"المسلمين"الآمنين في المساجد والاسواق والاماكن العامة بالتفجيرات والمفخخات ، وبتفسير خاطيء ، ونية شريرة ، يرتكب افظع الجرائم بحق المسلمين قبل غيرهم ثم يدعي انه مسلم ويجاهد في سبيل الله !!
هذا المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب وليس له علاقة بوجهة نظر شبكة رووداو الاعلامية
المصدر: صحيفة الشرق الاوسط