الجارديان تنشر شهادات لناجين من كارثة الحج: كان الأمر أشبه بالجحيم

آخر تحديث 2015-12-24 00:00:00 - المصدر: ساسة بوست

موسم الحاج هذا العام كان الأكثر كارثية منذ سنوات بعيدة، حيث وصلت تقديرات أعداد الضحايا إلى ما يقرب من 2000 ضحية، يصف أحد أقارب الضحايا ما حدث بعد وقوع الكارثة وسوء تعامل السعودية مع جثث الضحايا أثناء بحثة عن جثة أخته التي توفيت أثناء الحادث.

“كان الأمر حالة من اليأس المطلق”. هكذا يصف سجاد شاه من باكستان ما حدث عقب وقوع كارثة الحج هذا العام. ويضيف “هكذا كان الأمر بالنسبة لمن استطاعوا تحمل نفقات الإقامة هنا للبحث عن ذويهم بعد الحادث، هناك من اضطروا للمغادرة قبل أن يجددوا جثث ذويهم”.

بعد مضي ثلاثة أشهر على وقوع كارثة الحج الأكبر في الأعوام الأخيرة، أعلن مسؤولون رسميون أن أعداد الضحايا بلغت 769 ضحية، في حين تقدر أغلب التقارير أعداد الضحايا بما يقارب 2000 ضحية. شاه من باكستان –يملك فندقًا في مدينة ميربور – قضى شهرًا كاملًا في البحث عن جثة أخته التي قتلت أثناء الحادث، يزعم شاه بأنه واجه تعنتًا من المسؤولين السعوديين الذين أخفوا الحجم الحقيقي لهذه المأساة.

قبل التاسعة من صباح 24 سبتمبر، كانت هناك مجموعتان تقومان لأداء إحدى أهم مناسك الحج وهي رمي الجمرات، اصطدمت المجموعتان ببعضهما عند تقاطع طريقين رأيسيين. يقول شاه أن أخته التي تدعى سيدة وابنها إيرتازا كانوا بالقرب من الحشود المتزاحمة التي تدفقت عبر جسر الجمرات. يقول شاه “بدأ الحجاج في التدافع بشدة لدرجة أن التنفس كان صعبًا للغاية ثم بعد ذلك مع المزيد من التدافع سقط بعض الحجاج ودُهِس البعض تحت الأقدام”. السلطات السعودية نفت كون إغلاق طريقين قريبين من جسر الجمرات ليمر منه أحد الأمراء وموكبه المكون من 350 شخصًا سببًا في وقوع الحادث، إلا أن المعترضين يعتقدون أنه في حال كان الطريقان مفتوحين لما كانت الكارثة بهذا الحجم.

الطريق محاط بأسوار عالية، يبلغ ارتفاع كل منها 14 قدمًا، حاول إيرتازا تسلق أحد هذه الأسوار ولكنه سقط مغشيًا عليه وفقد الوعي لعدة ساعات، ثم بعدها عندما استعاد وعيه، لم يكن قادرًا على سحب والدته من وسط كومة من الجثث. “هذه أمي”، هكذا صاح إيرتازا البالغ من العمر 26 عامًا، ولكن أحد الضباط تجاهله واستمر في طريقه. بعدما ذهب إيرتازا للبحث عمن يساعده وعاد من جديد لم يجد جثة أمه.

يقول شاه “لقد عاد إلى الفندق واتصل بي في باكستان، لقد أخبرني أن والدته قد ماتت أمام عينيه”. إيرتازا الذي بقي وحيدًا ولا يستطيع حتى تحدث العربية بدأ ينزع الأغطية عن وجوه الضحايا بحثًا عن أمه، أملًا في أن يجد جثتها بعد أن فقد أثرها. يواصل شاه وصف الموقف “لقد سار وسط برك من الدماء وجثث ملقاة في كل مكان، لقد كان الأمر بمثابة أقرب صور الجحيم على وجه الأرض”.

حصل شاه على تأشيرة لدخول السعودية، وتوجه إلى منى مباشرة لمقابلة إبن أخته الذي كان في حال يرثى لها. في هذا الوقت، كانت قد مرت 5 أيام على الكارثة، وكانت السلطات السعودية تنقل الجثث، ترك شاه وإيرتازا شوارع المدينة الغارقة بالدماء وتوجهوا إلى المشرحة بحثًا عن جثة فقيدتهم. رأى شاه ستة أو سبعة شاحنات محملة بالجثث تصل أمام المشرحة، يصف المشهد قائلًا “لقد تركوا الجثث حتى تعفنت، الشاحنات كانت تقطر دمًا، تسللت الشاحنات لتدخل الجثث إلى المشرحة التي كانوا قد أغلقوا أبوابها أمام الأهالي”. أُعطي شاه وابن أخته تصريحًا لدخول المشرحة وطلب منهم ترك هواتفهم بالخارج، تناثرت الأوراق والملفات في كل مكان في المشرحة التي كان بها عدد من الأطباء كانوا منشغلين بفحص هذا العدد الهائل من الجثث. يقول شاه “لقد رأيت مشاهد مروعة في المشرحة، لقد أساءوا معاملة الموتى، كان يبدو واضحًا أنهم لا دراية لهم بما يفعلونه”.

بعد 20 يومًا من البحث، وجد شاه وإيرتازا جثة فقيدتهم، يقول شاه “كنت قد هدأت بالفعل، لم أعد غاضبًا مثلما كنت، كل ما شعرت به هو الحزن الشديد، كانت بنفس الملابس التي ماتت بها ولكن وجهها كان مشوهًا بسبب النزيف”.

دفنت سيدة – أخت شاه – في أحد المقابر الجماعية في منى التي أعدت لضحايا الحادث، ولكنها لم تُغسَل ولم يتم تكفينها. يقول شاه “لم نستطع وضع علامة ثابتة عند قبرها، لم يكن هناك أي احترام للموتى”. قيل لشاه أن هذه المقابر ربما تستخدم من جديد في العام المقبل في حال حدثت حوادث أخرى، وفي هذه الحالة سيتم استخدام مواد كيميائية لتسرع من تحلل الجثث الموجودة حاليًا.

حاول شاه التقاط صورة لقبر أخته ولكن أحد الضباط قام بحذف الصورة، يصف شاه هذه الصورة بـ”الجانب الذي لا تريدك السعودية أن تراه من مناسك الحج”. كانت أعمال التطوير والبناء قد بدأت بالتزايد مؤخرًا في مكة، أغلب هذه الأعمال يحل محل المباني القديمة في المدينة، على سبيل المثال، فندق هيلتون في مكة حاليًا يقع محل بيت أبي بكر الصديق أول الخلفاء الراشدين. يقول معهد دول الخليج العربي في واشنطن بأن 95% من المباني القديمة في مكة والمدينة والتي يعود تاريخها لأكثر من 1000 عام قد هُدِمَت خلال العشرين عامًا الأخيرة.

يختتم شاه حديثه “لقد تأثرت نفسيًا بما حدث، لا يمكنك أن تستجمع قواك بعد حدوث كل هذه الأمور، لقد تركنا تحت رحمة السعوديين الذين يفهمون الإسلام بطريقة مختلفة عنا، لقد عاملوا الموتى بشكل سيء. يمكنني تقبل الحادث، ولكن المعاملة التي لاقيناها بعد الحادث كانت مروعة. لقد كانت أسوأ فترات حياتي”.

هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».