ذكرت تقارير أن أحد الأسئلة التي يطرحها الصينيون بشكل متكرر على مكائن البحث تتعلق باللاوعي، وهل يكشف عن الأسرار وهو ما يعتبره مراقبون مؤشرًا على مخاوف وعلى قلق.
من المعروف ان متصفحي الانترنت يطرحون اسئلة عديدة ومختلفة خلال استخدامهم الشبكة العنكبوتية، وعادة ما تتم متابعة هذه الاسئلة لمعرفة أي منها يتكرر اكثر من غيره وأيها يجذب الانتباه.
هذا الأمر ينطبق على كل البلدان بشكل عام، ولكن تكرر سؤال بشكل ملحوظ في الصين هذا العام أثار تساؤلات عديدة.
هذا السؤال ورد في المرتبة الرابعة في اكثر الاسئلة التي طرحها الصينيون تكررا خلال عام 2015 على موقع بايدو وهو موقع نظير لموقع غوغل، حسب ما لاحظت صحيفة نيويورك تايمز.
الصحيفة قالت إن الاسئلة الثلاثة الأولى تقليدية تتعلق بالقوانين الخاصة بتهريب المخدرات والجرائم المرتبطة بها ثم بالمعايير المستخدمة في تعويض حوادث العمل في 2015 ثم بألوان السيارات.
لكن السؤال الرابع هو الذي جذب الانتباه اكثر من غيره وقد تكرر بشكل ملحوظ.
ويتعلق السؤال باللاوعي وجاء بالشكل التالي: هل يمكن لللاوعي ان يكشف عن اسراري؟
فرويد
ما يثير الانتباه الى هذا السؤال هو أن مفهوم اللاوعي لا يشكل جزءًا من الثقافة العامة في الصين ولا تتكرر هذه المفردة بشكل يومي هناك. ففي فترة حكم ماو كانت كتب فرويد ممنوعة ولم يبدأ علم النفس بمفهومه العام ينتشر في الصين إلا بعد عام 2000 مع تطور المناطق الحضرية والطبقة الوسطى وفكرة الفردية.
ولذا ليس من المتوقع أن يطرح عدد كبير من الصينيين هذا السؤال بهذا الالحاح وبهذه الطريقة المثيرة للانتباه علما ان 50% من سكان البلاد البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة يستخدمون الانترنت.
خوف؟
الصين ما يزال بلدا يمكن ان يدفع المرء فيه ثمنا باهظا إذا ما عبر بصوت مرتفع عما في ذهنه وعما يشعر ويفكر به وإذا ما أعلن عن آرائه للاخرين.
وبالتالي من الطبيعي أن يتساءل الصينيون عن كيفية حماية أسرارهم وتجنب الخضوع لأساليب قد تدفعهم إلى الكشف عنها دون رغبة منهم.
وتزيد اهمية هذا السؤال اذا ما علمنا بأن تصفح الانترنت يكشف عن جوانب شخصية المتصفح، وهو ما يسهل على السلطات بشكل عام متابعته ومنحه هوية رقمية ورصد تصرفاته وتعليقاته على الانترنت.
وفي الصين تريد السلطات ان تتأكد قبل كل شيء من أنه مواطن صالح.
وكانت بي بي سي قد ذكرت في تقرير سابق أن هناك تطبيقا صينيا تدعمه شركات القطاع الخاص العملاقة مثل علي بابا يقوم باختيار اشخاص يسميهم "المواطنون الصالحون" وتقوم الشركات بمنحهم هدايا عينية.
ويعني تعبير المواطن الصالح أنه يشتري بضائع صينية وانه يثني على اداء الحكومة في تعليقاته على الانترنت.
الحكومات فضولية
كل حكومة ترغب في البحث عن لاوعي المواطنين لمعرفة اسرارهم وجاءت الانترنت لتوفر الكثير من التفاصيل ولتكشف العديد من الاسرار ولتظهر جوانب ربما تكون خفية في شخصيات المتصفحين. ومن المثير هنا ان نعرف ان الصينيين إنما يكشفون من خلال طرحهم هذا السؤال على بايدو عن اهتماماتهم وبالتحديد عن مخاوفهم ومصادر قلقهم.
احد الاسئلة المتكررة الأخرى التي طرحها الصينيون على بايدو "لماذا يشعر الانسان بالضجر؟"