بابا نويل في النجف: ما فعلته لا يتعارض مع الدين الاسلامي -

آخر تحديث 2015-12-25 00:00:00 - المصدر: ايلاف

تعاطفًا مع أبناء البلاد المسيحيين الذين غادر أكثرهم العراق، قام شاب عراقي مسلم بتقمص شخصية بابا نويل محتفلاً بعيد الميلاد في مدينة النجف المقدسة شيعياً.

بغداد: لم تخف مراسم القداس التي أقيمت في بغداد ومدن عراقية أخرى بمناسبة عيد الميلاد المجيد، مشاعر الاحباط لدى المسيحيين في العراق، فيما حاول شاب عراقي مسلم تقمص شخصية بابا نويل في النجف لمشاركة المسيحيين أفراحهم وتوزيع هدايا على الأطفال النازحين، قائلاً: "حققت لهم ما كنت احلم به وانا صغير"، ولم أعارض الدين الاسلامي ولا قدسية النجف".

ويأتي حلول عيد الميلاد هذا العام بعد يوم من ذكرى مولد النبي محمد، لتشهد بغداد احتفالات بالعيدين، في مؤشر لإظهار مشاعر الأخوة مع الطائفة المسيحية التي تعاني بشدة في العراق.

وأضاءت الألعاب النارية سماء نهر دجلة، بدءاً من ليلة أمس لتستمر على مدار أسبوع، في حين وضعت شجرة (كريسماس) بارتفاع 25 متراً في متنزه ألعاب الزوراء، ولكن في النجف لم يكن الاحتفال بعيد الميلاد مختصًا بثقافة معينة دون أخرى، فالشاب مصطفى السوداني بات مشهورًا جدًا في غضون ايام قليلة بعد ان ارتدى زي بابا نويل وبدأ يجوب شوارع المدينة التي تمتاز بخصوصية دينية، وهو يوزع الهدايا على الأطفال.

"إيلاف" إلتقت الشاب مصطفى السوداني وهو يدير مكتبة ومحلاً للقرطاسية والهدايا، وشارك في اعمال تطوعية ومنظمات مجتمع مدني، ولكن عن فكرة بابا نويل في النجف قال: "كنت اجهز محلي لموسم رأس السنة واعياد الميلاد، ولفت انتباهي الزي التنكري لبابا نويل ولحظتها بزغت الفكرة (..) كنت في صغري احلم أن التقي بابا نويل وأحظى بهدية منه (..) لماذا لا أحقق هذا الحلم لاطفال النجف".

وأضاف "في البداية كنت مترددًا واخشى رد فعل الشارع، ولكن سرعان ما حسمت امري بعد أن حصرت تفكيري بابتسامة الأطفال فقط، فضلاً عن أن شيئًا آخر حفزني لارتداء هذا الزِّي، وهو مشاركة الاخوة المسيحيين أفراحهم وأعيادهم".

وتابع: " اعتقد انه رد بسيط وعرفان للمسيحيين فهم عنوان التسامح في العراق، ومكون اصيل في هذه البلاد، وما فعلته كانت رسالة للتعايش، فمنذ سنوات وهم يؤجلون احتفالاتهم احترامًا للمسلمين لانها تصادف مع الأشهر الحرم ووفاة الرسول محمد أو أربعينية الامام الحسين".

بابا نويل نجفي

وقال بابا نويل النجفي كما بات يطلق عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، "تحولت الفكرة الى مشروع تطوعي اطلقت عليه اسم (رسالة سلام )، وهي رسالة من النجف حاولت فيها أن أقول إن المدينة التي تضم مرقد الامام علي عليه السلام هي مدينة سلام ومحبة وتعايش سلمي، وكانت ردود الفعل ايجابية، لكنّ ثمة البعض حاول ان يتصيد بالماء العكر".

وأشار الى ان هناك رجل دين يطالب بمحاكمة بابا نويل في النجف، و"لم اعثر على رجل الدين هذا". وتابع: "فيما قال بعض محدودي الثقافة أني ادعو الى المسيحية في النجف وهؤلاء قلة ونسبتهم في المجتمع لا تذكر".

ويلفت هنا الى ما قاله الشيخ ابراهيم الصفار طالب الحوزة، بحسب مصادر إعلام محلية، إن تمثيل شخصية بابا نويل في النجف الأشرف ينتهك خصوصية المدينة الدينية، محذرًا من مساعٍ لما وصفها "إشاعة العلمانية"، وطالب بمحاكمة مصطفى السوداني الذي اشار الى أن عددًا كبيرًا من الفنانين والرياضيين والناشطين، وبينهم نجما المنتخب الوطني العراقي لكرة القدم نور صبري وكرار جاسم، اضافة الى الناشط ستيفن نبيل، اتصلوا بي وطالبوا الانضمام الى الحملة.

المرجعية

ومنذ تحولت مغامرة مصطفى السوداني الى حملة تطوعية لتقديم المساعدات على يد بابا نويل الى أطفال النازحين الوافدين الى النجف وكربلاء، وانضم اليه صديقاه نور سالم، طبيبة أسنان، وعلي باسم بكلوريس قانون، باتت المساعدات تمر عبره الى المحتاجين والنازحين.

وأشار الى ان ساعات تجوالهم وهم يرتدون زي بابا نويل بين مخيمات النازحين تستمر لنحو ست ساعات يوميًا يحاولون فيها زرع البسمة في شفاه الأطفال، لافتًا الى انه وزع يوم أمس (٥٠٠) هدية للنازحين في مخيم بين كربلاء والنجف .

وأكد مصطفى السوداني أن "اصعب سوْال يواجهه هو وصف مشاعر طفل يتلقى هدية منه، وهو يرتدي زي بابا نويل .. انها مشاعر لا توصف، وما اعمله لا يحتاج الى إذن أو موافقة احد، " في إشارته الى من يتحدث عن خصوصية ثقافية لمدينة النجف.

وأضاف أن "المرجعية الرشيدة اكبر من هذه الامور، وما عملته لا يتعارض مع الدين الاسلامي ولا المذهب ولا يتعارض مع قدسية المدينة، بالعكس النجف هي مدينة التعايش السلمي وخير دليل على ذلك احتضنت اهلنا النازحين من جميع الاديان والطوائف".

شجرة الميلاد

وشهدت بغداد منذ ليلة أمس انطلاق احتفالات بالقرب من شجرة عيد الميلاد، وهي اكبر شجرة كريسماس في منطقة الشرق الاوسط، فيما وزعت مئات الهدايا ستوزع على الاطفال الذين يزورون مدينة الألعاب في حديقة الزوراء خلال الاحتفالات بأعياد الميلاد المجيد.

وقالت أمانة بغداد في بيان انها "وضعت أكبر شجرة (كريسماس) في منطقة الشرق الاوسط في حديقة الزوراء، داخل مدينة الالعاب احتفالاً بعيدي الميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية، بهدف مشاركة المسيحيين أفراحهم ومسراتهم بهذه المناسبة السعيدة"، مشيرة الى ان "ارتفاعها بلغ ٢٥ متراً مع القاعدة".

وطالت تفجيرات عدداً من الكنائس خلال الأعوام الماضية، وتبدو بغداد خالية من المسيحيين، والكنائس في بغداد شبه فارغة من المصلين، فيما ازدادت معاناة المسيحيين بعد سيطرة تنظيم "داعش" على الموصل، والذي اجبرهم على اعتناق الدين الاسلامي أو مغادرة بيوتهم، كما قام التنظيم بتفجير عدد من الكنائس وتحويل بعضها الآخر الى مراكز إحتجاز.