أثار قرار الحكومة المصرية ممثلة في وزارة التعليم العالي إعادة انتخابات اتحاد طلاب الجامعة، الكثير من الغضب في أوساط الطلاب والناشطين السياسيين والحقوقيين، معتبرين أنه قرار ديكتاتوري، جاء على خليفة نجاح الطلاب المستقلين في الإنتخابات، وليس الطلاب المحسوبين على النظام الحاكم.
صبري عبد الحفيظ من القاهرة: تُسيطر حالة من الغضب والسخط على طلاب الجامعات المصرية، بسبب قرار وزارة التعليم العالي إعادة الإنتخابات الطلابية التي أسفرت عن فوز الطالب عبد الله أنور بمنصب رئيس الاتحاد، وهو طالب مستقل، لا يتبع لأي حزب أو هوى سياسي، كما أسفرت نتائج الإنتخابات عن فوز طلاب آخرين مستقلين بمناصب رؤساء الاتحاد في مختلف الجامعات والكليات.
وقررت اللجنة المشرفة على انتخابات طلاب الجامعات التابعة لوزارة التعليم العالي إعادة الانتخابات باتحاد طلاب جامعة الزقازيق، ما يترتب عليه إعادة انتخابات اتحاد طلاب مصر، التي أجريت منذ أسبوعين، وفاز فيها عبدالله أنور، رئيس اتحاد طلاب جامعة القاهرة، بمنصب رئيس اتحاد مصر، وعمرو الحلو، رئيس اتحاد طلاب جامعة طنطا، بمنصب نائب رئيس الاتحاد. وجاء قرار اللجنة بعد فحص الطعون المقدمة على انتخابات اتحاد طلاب مصر، فقررت قبول الطعن الخاص ببطلان انتخابات جامعة الزقازيق.
أخطاء إجرائية
واتخذت اللجنة قرارها بعد تأكدها من وجود أخطاء إجرائية بانتخابات اتحاد طلاب جامعة الزقازيق، ومن ثم بطلان هذه الانتخابات، وما ترتب عليها من انتخابات اتحاد طلاب مصر، فيما انتقد اتحاد الطلاب القرار، ووصفه بـ "يوم الخذلان"، وأضاف: "يوم خذلت فيه وزارة التعليم العالي الطلاب، ضاربةً بإرادتهم عرض الحائط في هذه البرهة من الزمن، بينما تختل عقارب الساعة، ويشح الصبر، ويتسرب الإحباط إلى نفوس الشباب".
وشكك الاتحاد برئاسة الطالب عبد الله أمور في مصداقية الحكومة، وقال: "لقد فقدنا جميعناً إحساسنا بالثقة في أصحاب القرار بهذه الوزارة المهمة والمؤثرة في النسيج الشعبي والوطني، وأدركنا جميعاً أن لا حياة ديموقراطية بانتظارنا في مصر كما اعتقدنا ولو للحظة".
وأضاف الاتحاد في بيان له أن قرار اعادة الانتخابات يفتح الباب على مصراعيه: "لنري الوجه الحقيقي لانتصار المصالح والهوى على القرارات المصيرية في هذا البلد الأمين"، وتابع: "قررت اللجنة العليا للانتخابات والوزارة رفض اتحاد طلاب مصر المنتخب وإعادة انتخاب رئيسه ونائبه لأسباب غلب عليها (المسكوت عنه) عن المعلن، وأطاحت بصوت الطلاب، لتبقي هي الصوت الوحيد الباقي رغم أنف أصحاب الحق، وهم يظنون أنهم جعلوا من الشباب أضحوكة ولعبة بين الأصابع، يستطيع كل من هب ودب أن يدهسه بقدمه".
ودعا الاتحاد عن عقد اجتماع للمممثلي الطلاب يوم الأحد المقبل: "للإعلان عن موقفنا من هذه المهزلة، وعلى الباغي تدور الدوائر"، وقد وقّع على البيان اتحادات الجامعات المصرية، وهي: القاهرة - عين شمس - حلوان - السادات - أسيوط - بني سويف - الفيوم - طنطا - دمنهور - المنوفية - كفر الشيخ - بنها - بورسعيد - دمياط - قناة السويس - الزقازيق – السويس.
نية مبيّتة
وقال الطالب عبد الله أنور، رئيس اتحاد الطلاب، إن وزارة التعليم العالي ضربت عرض الحائط بالانتخابات الطلابية النزيهة، وأضاف لـ "إيلاف": الوزارة كانت لديها نية مبيتة ضد الاتحاد المنتخب، لا سيما أنها كانت تدعم قائمة طلابية تعرف بـ "صوت طلاب مصر"، ولم تحقق أية نجاحات، معتبراً القرار بمثابة انتهاك لإرادة الطلاب واعتداء على حقهم في التعبير عن أنفسهم، فضلاً عن أنه يمثل إهداراً للمال العام.
ووفقاً للأسباب المعلنة من الحكومة، ممثلة في وزارة التعليم العالي، فإنها تعود إلى إستقالة الطالب محمد السبكي، نائب رئيس اتحاد طلاب جامعة الزقازيق، قبل إجراء انتخابات اتحاد طلاب مصر، وفتحت الجامعة الترشيح على منصب نائب رئيس اتحاد الجامعة ولم يتقدم أحد للترشح سوي الطالب أحمد حسن، وأعتمدت الجامعة فوزه بالتزكية بدون إجراء انتخابات.
الغريب في الأمر، أن جامعة الزقازيق تأخرت في إرسال اسم نائب رئيس الاتحاد الجديد، مما أدى إلى استمرار وجود اسم الطالب المستقيل في كشوف الناخبين، رغم أن رئيس اتحاد طلاب جامعة الزقازيق، أرسل ثلاث فاكسات رسمية للجنة العليا، الأول يتضمن استقالة الطالب محمد السبكي، والثاني يتضمن اعتماد الطالب أحمد حسن، والثالث يتضمن، التشكيل النهائي لاتحاد الجامعة، إلا أن اللجنة لم تطلع عليها إلا بعد إجراء الانتخابات واعلان النتيجة، وقررا إعادة اجراء الإنتخابات مرة أخرى.
وانتقد نشطاء حقوقيون وسياسيون إعادة الإنتخابات، وأعلن أحمد إمام المتحدث الإعلامي لحزب مصر القوية، عن تضامن الحزب الكامل مع طلاب مصر في شتى المحافظات ضد ما وصفه بـ"وقفتهم ضد قوى الاستبداد والرجعية". وأضاف في تصريح لـ"إيلاف" أن الحزب يندد بـ"مواقف السلطة الهادفة لتقويض التجربة الانتخابية الطلابية الرائعة والتي أسفرت عن اختيار الطلاب لممثليهم بحرية ووعي كبير". ورفض إمام "أي محاولة من جانب السلطة ممثلة في وزير التعليم العالي للالتفاف على نتائج تلك الانتخابات وإعادتها".
قرار غاشم
وطالب إمام "أجهزة الأمن بالكف عن محاولتها لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء"، مؤكدًا أن ذلك لن ينجح مهما كانت الظروف مطالبًا الطلاب بالحفاظ على روح "٢٥ يناير" في اتحادهم وكفاحهم السلمي أمام قوى الاستبداد والطغيان"، على حد قوله.
ويعتزم ناصر أمين، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، إقامة دعوى قضائية ضد الحكومة، وقال: "سوف اقيم دعوى قضائية ضدالحكومة لالغاء هذا القرار ولن اترك هذه الحكومة تعبث بارادة الطلاب على هذا النحو". ووصف القرار بـ"الفاسد".
ووصف المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي القرار بـ"الغاشم"، وقال، في تغريدة على حسابه بموقع "تويتر": "حل اتحاد طلاب مصر قرار غاشم وغشيم من سلطة تعاني من تضخم العضلات الأمنية وضمور العقل السياسي.. سينتصر الطلاب ضمير الوطن".
واعتبر حزب التحالف الشعبي، القرار أنه "أخر تجليات الثورة المضادة". وقال الحزب إن القرار يعد "انتصارا للدولة الأمنية، وإعلان رسمى من الدولة بكراهيتها للشباب والطلاب"، وأشار إلى أن "الدولة الأمنية لم ترض عن رئيس لاتحاد طلاب مصر يتحدث عن الطلبة المعتقلين وهو المبرر السهل لتعطيل عمل الاتحاد وحله".
وأضاف أن القرارات غير الحكيمة تتواصل من قبل السلطة والحكومة لإحكام إغلاق منافذ الحرية في وجه الشباب وفى مقدمتهم الطلاب، كما أن تلك القرارات تأتى بسرعة الرياح لتنذر بانفجار كبير سيسحق الأخضر واليابس، حسب تعبير الحزب.