حذر وزير التغذية الألماني كريستيان شميدت نحو مليون ألماني، يعتمدون نظام التغذية النباتية الصارم (الفيغاني)، من أضرار مثل هذه التغذية على دماغ الطفل وجهازه العصبي.
ماجد الخطيب: هناك نحو 10 ملايين ألماني يعتمدون نظام التغذية النباتي (الفيغيتاريش) بينهم نحو مليون يعتمدون نظام التغذية النباتي الصارم (الفيغاني) الذي يرفض البيض ومنتجات الحليب أيضاً. ومعروف ان الطب يحذر من مخاطر هذا النوع من التغذية ما لم يجري فيه تعويض النواقص الحيوية المهمة عن طريق الأدوية والعقاقير، وخصوصا فيتامين ب12 والحديد.
وقال الوزير شميدت ان التغذية الفيغانية تصيب الطفل بفقر الدم بسبب نقص فيتامين ب12 والحديد فيها، كما تؤثر على نمو دماغ الطفل. وردت عليه جمعة الفيغانيين الألمان بالقول ان تحذيره ليس أكثر من أعلان "يثير الهلع"، لأن التغذية الفيغانية سليمة ولا مشاكل فيها.
وذكر كريستيان فيغيديس، رئيس الجمعية، ان النظام الفيغاني نظام واعد للمستقبل، لأن التغذية على المنتجات الحيوانية تسبب مختلف الأمراض الخطيرة. وأشار إلى أن الألماني يستهلك 60 كغم من اللحم، من مختلف الأنواع، في السنة، وهذه التغذية تعزز مخاطر الإصابة بالسكري والنقرس وضغط الدم وأمراض القلب.
وأيده بالطبع رئيس جمعية النباتيين الألمان سيباستيان جوي بالقول أن تغذية نباتية متوازنة ومتنوعة مناسبة للبشر من كافة الأعمار، وإنها توفر كافة المواد المطلوبة مثل المعادن والفيتامينات.
الجمعية الألمانية للتغذية تؤيد الوزير بحذر
ويبدو ان للجمعية الألمانية رأيها الذي يؤيد الوزير شميدت، وان بحذر، لان المتحدثة الرسمية باسم الجمعية انتيا غال قالت ان مهمة منظمتها توجيه الارشادات للمواطنين وليس تحذيرهم. وتقول الجمعية على صفحتها الإلكترونية، من أجل سلامة نمو الأطفال، ان التغذية الفيغانية غير ملائمة لفترة الحمل ولفترة الرضاعة ولمرحلة الطفولة.
بيرنهارد كوليسكو، رئيس قسم التغذية في مستشفى الطفل في ميونخ، ذكر ان التغذية الفيغانية لا تربي طفلاً سليماً مالم يجري تعويض النواقص فيها عن طريق المستحضرات الصيدلانية. ونصح كوليسكو الفيغانينين بالاستماع إلى ارشادات الأطباء قبل تربية أبنائهم على هذا النوع من التغذية، مع ضرورة تزويد الأطفال بمستحضرات الحديد وفيتامينات ب12، لأن هذه المواد ينالها الإنسان في العادة عن طريق التغذية على المنتجات الحيوانية.
وعلق الباحث بيرنارد فاتزل، من معهد ماكس روبنر لأبحاث التغذية، على الموضوع بالقول ان التغذية الفيغانية المتشددة لا مخاوف منها مادامت تعوض نقص الحديد وفيتامين ب12 عن طريق المستحضرات. واشار إلى أن فيتامين ب12 يدخل في تكوين أحماض دهنية مهمة في تكوين وأنتاج الدم، ويؤدي النقص فيه إلى فقر الدم والشحوب والهزال.
10 ملايين نباتي ألماني
تتزايد أعداد الألمان، الذين يفضلون الغذاء النباتي، بشكل مستمر منذ أكثر من ثلاثين سنة. وأعلنت رابطة النباتيين الألمان أن عدد النباتيين ارتفع عام 2015 إلى 10 ملايين انسان، وهذا يعني ان واحداً من كل عشرة ألمان قرر التخلي عن أكل اللحوم، بحكم عدد نفوس ألمانيا البالغ 81 مليوناً.
وذكرت لاريسا البرشت، من رابطة النباتيين الألمان، ان ازدياد الوعي الصحي، وانتشار اخلاق الرفق بالحيوان، من أهم العوامل التي دفعت الألمان للتخلي عن الهمبرغر والستيك. تنتشر في ذات الوقت المطاعم، ومحلات بيع الأغذية النباتية، 6 مرات أكثر مما كانت عليه عام 1990.
معظم الذين تحولوا إلى نباتيين تأثروا بنباتيين آخرين، أو اطلعوا على فضائل التغذية النباتية من الكتب. ولعب كتاب"التهام الحيوانات"، للكاتب جوناثان سفران فورز، دوراً مهماً في تحول آلاف اللحوميين إلى نباتيين. مع ملاحظة ان الكثيرين من النباتيين لا يعارضون أكل السمك، وهم من الساعين لرعاية صحتهم.
ويظهر من المسح الذي أجرته رابطة النباتيين الألمان أن الشباب يتحولون إلى النباتية بدافع أخلاقي، في حين يتحول المسنون إلى نباتيين بدافع صحي، وبهدف إطالة العمر. وسبق لدراسات سابقة ان أشارت إلى أن النباتيين أطول عمراً من اللحميين، لكن دراسات أخرى تنفي ذلك.
الأمراض المعقدة، والخطيرة، التي انتشرت في السنوات الأخيرة، كانت عاملاً آخر في تشجيع الناس على التحول إلى الغذاء النباتي، وخصوصاً جنون البقر وانفلونزا الدجاج. ولا ينبغي هنا نسيان فضائح استخدام الهرمونات، والأعلاف الكيمياوية، والهندسة الوراثية...إلخ.
أول مستشفى يقدم وجبات الفيغان
أصبح مستشفى آيلبيك بهامبورغ أول مستشفى في ألمانيا يقدم وجبات الطعام الفيجانية لمرضاه. وأثار هذا التحول جدلاً جديداً بالعلاقة بالموضوع، إلا أن المستشفى أكد انه سيعض نقص الحديد وفيتامين ب12 عن طريق الأقراص التي تمنح للمرضى. وذكر البرت هورموزي، مسؤول التغذية في المستشفى، ان المخاطر من هذه التغذية غير متوقعة لأن فترة البقاء في السمشتفى لاتزيد عن 4 أسابيع في معظم الحالات.
ومعروف ان معظم المستشفيات الألمانية تقدم الوجبات النباتية والـ"حلال"، منها 23 مستشفى في هامبورغ، إلا انها لاتقدم الوجبات الفيغانية.
ان 10% من نزلاء المستشفيات يفضلون الوجبات النباتية، بحسب هورموزي، وهذا يشمل 22 ألف مريض في الشهر بهامبورغ. ولايعرف أحد سببب ذلك، لكن نسبة النباتيين في هذه المدينة أعلى من غيرها.
تم الإعلان عن تقديم الوجبات الفيغانية في مستشفى آيلبيك بعد فترة تحضرات دامت 6 أشهر، ويوفر المستشفى للنزلاء خياراً بين 8 وجبات فيغانية يومياً، يضاف إلى ذلك تقديم المشروبات والمرطبات والمعجنات الفيغانية في مقهى المستشفى أيضاً.
جدير بالذكر أن دراسة اميركية نشرت في العام 2012 ذكرت ان المحاصيل الزراعية اليوم فقدت الكثير من قيمتها الغذائية مقارنة بنفس المحاصيل قبل 50 سنة. وللأمر علاقة بالتغييرات المناخية والبيئية وارتفاع نسبة غاز ثاني أوكسيد الكربون في الجو. ومن المتوقع ان تفقد المحاصيل قيمة أكبر خلال الخمسين سنة المقبلة.