رووداو – اربيل
في الوقت الذي انتاب الحذر من خطورة الجماعات المسلحة التي تناوبت على الظهور في محافظة الانبار، ليس على العراق فحسب، بل انحسب ذلك على دول المنطقة، إلا أن الازمات السياسية المتلاحقة منذ 2006 حين تشكلت قوات صحوات العشائر المناهضة لتنظيم القاعدة انذاك ورفض حكومة نوري المالكي مساندتها، أدى إلى بروز "الدولة الاسلامية" مجددا؛ لدرجة ابدى سكان الانبار مخاوفهم من مرحلة مابعد داعش واحتمالية تكرار التجربة المريرة .
نوري المالكي يتحمل مسؤولية ظهور داعش
رئيس الوزراء السابق نوري المالكي شكل دعامة رئيسية لظهور تنظيم "الدولة الاسلامية" بعد مناهضته الشديدة لدعم ومساندة قوات العشائر التي يرجع الفضل اليها بالحاق الهزيمة بتنظيم "القاعدة" في 2006 . المالكي تعمد قطع رواتب المقاتلين من جهة وغض النظر عن عمليات الاغتيال التي طالت العديد من قادة صحوات العشائر ساهم كثيرا في ظهور داعش في الانبار في الوقت الذي تهاوت قوة العشائر المسلحة .
عضو مجلس محافظة الانبار ، عيد عماش ، يرى بأن الوقت الحالي نقطة تحول مختلفة عن 2006 .
عماش تحدث لرووداو قائلا: "داعش لديه مخطط تدميري يتمثل بالقتل وتصفية الشخصيات الفاعلة في المجتمع لذا فأن مستقبل الانبار رهين بعدم السماح لأي جماعة مسلحة ممارسة نشاطها في الانبار مجددا؛ خارج سلطة الدولة والقانون".
من الصعب الجزم بأن نهاية داعش ستكون هينة عقب استعادة الرمادي والتي تشكل حاضنة وبؤرة يتغذى من خلالها الجماعات المسلحة بين الاونة والاخرى . الصراع في الانبار ليس وليد اللحظة ولربما الافتقار لوجود قوة مسلحة تحظى بتأييد شعبي العامل الاهم الذي ارتكز عليه داعش للظهور مجددا .
الجيش العراقي لا يحظى بثقة اهالي الانبار
ممارسات الجيش العراقي عاملا هاما رجحت كفة المعارضين للحكومات العراقية المتعاقبة منذ 2003 وابرزها حكومة نوري المالكي جراء اشتداد حالات القمع والاعتقالات العشوائية التي القت بالالاف في السجون دون تهم مسبقة وتلقى اثرها المئات الحكم بالاعدام . ويتهم سكان المحافظات السنية وبالاخص الانبار بأن القوات العراقية تعاملت على اساس طائفي وبعيدا عن المهنية العسكرية التي يتوجب ان تمثل جميع طوائف الشعب .
سكان الانبار وبعد حل الجيش العراقي ابان 2003 انحسروا ضمن رقعة الجماعات المسلحة المناوئة لدور العسكر الحكومي بعد التهميش والاقصاء الذي منعت بموجبه حكومة بغداد الزج بالراغبين للتطوع من ابناء محافظة الانبار ضمن صفوف القوات الامنية العراقية ما ادى لتعاقب نشاط المسلحين في اغلب مدن محافظة الانبار .
مقاتلو عشائر الانبار .. مستقبل مجهول
الباحث في المدرسة العليا للإدارة السياسية بجامعة جورج واشنطن في الولايات المتحدة ، هيثم نعمان ، عزا وجود الجماعات المسلحة في الانبار وابرزها داعش الى الازمة السياسية وعدم جدية حكومة بغداد في الاستجابة لمطالب اهالي المحافظات الساخنة .
نعمان، قال لشبكة رووداو الاعلامية بأن "النقطة الاساسية التي اوجدت داعش في الانبار لتجاهل الحكومة العراقية المدعومة من قبل ايران تشكيل قوات مسلحة تمثل اهالي الانبار ما اوجد البديل والمتمثل بالجماعات المسلحة التي افرزتها المشاكل السياسية".
يتواجد حاليا في مدينة الرمادي نحو عشرة الاف مقاتل من ابناء العشائر وقد تلقى غالبيتهم تدريبات عسكرية من قبل القوات الامريكية ، فيما ينتظر الالاف من المتطوعين لبدء عمليات التدريب على القتال بمعسكر الحبانية (20 كلم شرقي الرمادي) .
ويتخوف البعض ان يلقى مصير مقاتلو عشائر الانبار حاليا لذات المصير للصحوات بعد تفتيت تواجدهم واعتقال اخرين بحجة العمل المسلح الخارج عن القانون . ويعد مقاتلو العشائر حاليا الأمل الوحيد الذي يحاول قادة وعشائر وسكان الانبار التمسك به رغم الامتعاض حكومة بغداد من تفعيل دوره من قبل واشنطن .
مقاتلو العشائر.. نواة للحرس الوطني
المتحدث باسم مقاتلي عشائر الانبار ، غسان العيثاوي ، كشف لرووداو بأن محافظة الانبار في المرحلة التي تلي داعش ستكون مختلفة عن احداث 2006 وما اعقبها قائلا: "الوضع في الانبار لايحتمل مجددا اي تناحر سياسي الذي انعكس تماما على الوضع الحالي من تدهور امني خطير، وان المرحلة المقبلة لن تشهد تواجد اي عنصر مسلح خارج سلطة الدولة".
الحكومة العراقية تخشى بدورها من اعطاء الدور الحقيقي لمقاتلي عشائر الانبار وتباطأت كثيرا في تسليح المتطوعين او تقديم الدعم العسكري لقطعات الجيش العراقي المتواجدة مسبقا في مدينة الرمادي ما سهل لتنظيم داعش السيطرة عليها .
حكومة الانبار المحلية حذرت مرارا ولعدة اشهر سبقت سيطرة داعش على الرمادي بأن على حكومة بغداد عدم التغافل عن تهديدات مسلحي "الدولة الاسلامية" التي تصبو للسيطرة على أهم واخر المعاقل الحكومية في الانبار ، الا ان تجاهل بغداد فسر عدم رغبتها الجادة بمقاومة داعش .
مخاوف بغداد من امتلاك عشائر الانبار للسلاح يعكسه تحذيرات مسبقة من تشكيل قواة عسكرية ممثلة بمقاتلي العشائر حاليا لتكون نواة للحرس الوطني مستقبلا والذي يحظى بجدل واسع داخل قبة البرلمان وسط اعتراضات واسعة للكتل حول تشريعه .