مقارنة بين عقود المشاركة بالإنتاج وعقود الخدمة

آخر تحديث 2015-12-27 00:00:00 - المصدر: وزارة النفط

مناقشة أداء عقود الخدمة بالمقارنة مع عقود المشاركة بالإنتاج كبديل اقترح مؤخرًا خلال المهنيين، كما فهمنا من خلال تقارير اعلامية مختلفة وتصريحات حول الموضوع مقابل صمت مطبق من قبل وزارة النفط . وأنا شخصيا تسلمت طلبًا من برلمانيين وعدد من المسؤولين الحكوميين في مناطق إنتاج النفط وكذا من زملاء مهنيين مهتمين بالموضوع، كل هذه الطلبات ركزت على عدة موضوعات:

 1. أداء عقود الخدمة طويلة الأمد (نختصرها «بعقود الخدمة») التي طرحت من قبل الوزارة من حيث الكلف.

2. مقارنة الكلف تحت هذه العقود بالكلف على وفق عقود المشاركة بالإنتاج.

3. الشرعية الدستورية لعقود المشاركة بالإنتاج.

إن الهدف من هذه المداخلة هو الإجابة على هذه التساؤلات والتي تداولت بها مع بعض الزملاء المهنيين، أيضا كنت قد عالجت هذه المواضيع بنحو مفصل في مناسبات اخرى. لذا سأحاول في هذه الدراسة أن اقدم ما هو جديد ورؤى أخرى.

أولا: أداء عقود الخدمة التي طرحت من قبل الوزارة من حيث الكلف.

لتقييم كلف عقود الخدمة يجب التطرق إلى ثلاث كلف أساسية، وهي:

– أجور الشركات تحت هذه العقود.

– النفط المضاف كنتيجة لهذه العقود.

– حجم الاستثمارات التي تم توظيفها في هذه العقود.

1. أجور الشركات على وفق عقود الخدمة.

إن الأجور المتعاقد عليها تختلف من عقد لعقد لآخر، وهي تلك العقود ضمن جولتي التراخيص الأولى والثانية إضافة إلى عقد الأحدب. أضافة إلى ذلك أن نموذج العقود الستة ضمن جولة التراخيص الأولى تدفع فقط للإنتاج المضاف من نقطة الشروع، أي الإنتاج قبل بدء عمليات إعادة التطوير، كما أن الأجر له علاقة بما يسمى بال R-factor والذي يخفض الأجر إلى20%، أو30% أو50% حسب العقد المبرم، وما يتبقى يخضع لخفض آخر وهو ضريبة النفط وكذلك حصة الشريك العراقي . وهكذا تبعا لما تقدم ومع افتراض أن الR-Factor يساوي أو أقل من (1) فإن صافي الأجر للبرميل الذي تتقاضاه الشركات لل12 عقد حسبت كالتالي :

إن المعدل العددي البسيط هو2.52 للبرميل، وهو المعدل الجبري للأجر في هذه العقود ال12 . وهكذا سيكون المعدل العددي البسيط منقوصا منه ضريبة النفط ونسبة الشريك العراقي سيكون في النهاية1.23 دولار للبرميل . ولما كانت الحقول تختلف من حيث سقف الإنتاج النهائي يجب معالجة الموضوع على أساس المعدل الوزني للأجر، وعليه سيكون المعدل الوزني العام هو الذي يعكس الواقع بحيث يكون1.88 دولار للبرميل، وبعد أخذ حصة الشريك العراقي وضريبة النفط سيكون صافي المعدل الوزني0.92 دولار للبرميل (لكن بعد الاتفاق مع وزارة النفط على بعض التعديلات في عقدين مهمين في غضون فترة وزير النقط العراقي السابق عبد الكريم اللعيبي من خلال تنقيص نسبة الشريك ب5% أصبح المعدل الوزني1 دولار للبرميل) وهكذا من الناحية التعاقدية والاقتصادية أن صافي المعدل الوزني لما تقدم هو دولار واحد للبرميل من جميع العقود وهذا الرقم يمثل الحد الأعلى لما تتقاضاه الشركات مجتمعة على وفق عقود الخدمة.

2. الإنتاج المضاف بالنفط والغاز بالنسبة لعقود الخدمة

هنا سيكون التركيز على الإنتاج المضاف في عقود الأحدب وحقول الجولتين الأولى والثانية.

1. الإنتاج من ستة حقول غطتها جولة التراخيص الأولى والتي تمثل الحقول البنية، أي حقول إعادة التطوير، والتي فيها نقطة شروع أعلى من الصفر، وهو الإنتاج الفعلي للحقول قبل الشروع بإعادة التطوير. هذه الحقول يكون الإنتاج عند نقطة الشروع يتناقص بنحو طبيعي وبنسبة5% سنوياً، لذا يجب إضافتها بنحو دوري لما يتم زيادته من الإنتاج كنتيجة لعمليات التطوير.

2. الخمسة حقول التي تمت تغطيتها بجولة التراخيص الثانية إضافة إلى عقد الأحدب.

3. الحقول التي تحت التطوير بالجهد الوطني.

في الواقع أن حقول الجولة الأولى والتي تتضمن خط شروع أعلى من الصفر، فإن النسبة في التناقص في نقطة الشروع ستكون صفرًا ولكن تتناقص سنويًا ب5%، وهذا يعني في نهاية سنة2015 سيكون خط الشروع فيها70% من خط الشروع الأول والتي تقدر بإنتاج مقداره182 ألف برميل يوميًا في نهاية سنة2015.

لذا فإن الزيادة بالإنتاج من هذه الحقول البنية، حقول جولة التراخيص الأولى، يجب أن يضاف إليها هذا التناقص، فبدلا من إنتاج حقيقي في نهاية2015 مقداره3.4 مليون برميل باليوم، وبعد إضافة التناقص الطبيعي سيكون مقدار الإنتاج هو3.8 وهكذا:

الإنتاج المضاف على نقطة الشروع لحد نهاية2015 = الإنتاج الكلي- الإنتاج عند نقطة الشروع= 2.501برميل يوميا في نهاية2015.

3. حجم الاستثمارات التي تم توظيفها في هذه العقود.

أي مدفوعات الشركات على وفق عقود الخدمة طويلة الأمد، وهي الكلف الاستثمارية مضاف إليها الأجر، يمكن حسابها بواسطة الإنتاج المضاف من حقول الجولة الأولى، وبواسطة الإنتاج الإجمالي من حقول الجولة الثانية، وصافي الأجر، وكذلكR-Factor.

لذا فإن الإنتاج المضاف من حقول الجولة الأولى وكذلك الإنتاج الإجمالي من الجولة الثانية تعدّ ضرورية جدا لحساب المدفوعات.

إن تخمين الإنتاج المضاف من جولات التراخيص له التطبيقات التالية:

1. إن الكلف الاستثمارية المقدرة تتراوح فيما بين17.5 مليار دولار و37.5 مليار دولار على وفق تخمين الEIA إدارة معلومات الطاقة الأميركية. المعلومات التي تم جمعها من مصادر متعددة والتي دفعت للشركات هي أكثر من26 مليار دولار مستثنى من ذلك مدفوعات سنة2015، لذا يقتضي على وزارة النفط توفير معطيات أكيدة عن المدفوعات لتجاوز الخلافات بين المصادر الموثوقة وغير الموثوقة.

2. الأجر اليومي للشركات على اعتبار أن الR-Factor يساوي أو أقل من1 للبرميل هو2.5 مليون دولار.

3. الأجور للشركات وكلف التطوير واجبة الدفع من أصل (50%) كحد أدنى من المجموع الكلي للإنتاج المضاف من الجولتين، أي إن هذه المدفوعات واجبة الدفع عند نهاية أي ربع سنة على أن لاتقل الدفعة عن50% من المجموع الكلي، وفي حال عدم دفعها كاملة، يتوجب دفعها في الربع التالي من السنة حتى تكتمل.

هناك سوء فهم، بقصد أو من دون قصد، متعلقاً بما تقدم، نشرت هنا وهناك، وخلال فترة تدني أسعار النفط أصبح أكثر كثافة وحضورا، كانت هذه التصريحات مضللة أو بعيدة عن الواقع. كمثال على سوء الفهم هذا، أن الشركات تأخذ50% من عائدات النفط، أو أن الأجر هو4 دولارات للبرميل، أو أن العراق قد صرف54 بليون دولار على جولات التراخيص، أو أن كلف الإنتاج تحت جولات التراخيص هي40 دولاراً للبرميل وهكذا من التصريحات الخاطئة وغير المسؤولة أو المضللة.

ثانيا- مقارنة الكلف تحت هذه العقود بالكلف على وفق عقود المشاركة بالإنتاج.

إن المقارنة فيما بين نوعي العقود والتي لها نماذج متعددة تعتمد من حيث الأساس على بنود التعاقد. العقود مختلفة ولها نماذج متعددة متفاوتة التعقيد، وحاجتها للمعلومات، وتحليل ما تم دفعه بالفعل، والكلف وما إلى ذلك، أخذت بنظر الاعتبار لإتمام هذه المقارنة.

الشركات المتعاقدة والمكاتب الاستشارية العالمية في العادة لديها طرق حساب معقدة جدًا، نمذجة كومبيوتريه ومختصين ذوو خبرة عالية.

ولكن نحن ولغرض دراستنا المقارنة بين الأنموذجين، عقود الخدمة لوزارة النفط العراقية وأي عقد مشاركة بالإنتاج معروف، يتم باستعمال المعطيات التالية:

– ما تأخذه الشركات المتعاقدة تحت عقود الخدمة طويلة الأمد وعقود المشاركة بالإنتاج.

– وما تأخذه الشركات كنتيجة لتدخلاتهم الفعلية.

إن صافي ما تأخذه الشركات من أجر على وفق عقود الخدمة كما احتسبناها مسبقاً، وذلك كحد أقصى هو1 دولار للبرميل، وهذا يعني أن قيمته النسبية تكون متغيرة بالنسبة إلى سعر النفط، فكلما كان سعر النفط عالياً تكون نسبة الأجر قليلة وترتفع نسبة الأجر كلما انخفظ سعر النفط.

أما بالنسبة إلى عقود المشاركة بالإنتاج، فإن صافي ما تأخذه الشركات من نفط الربح.

وإذا أخذنا أنموذج عقود كردستان فإن نسبة ما تأخذه الشركات حسبت عند مستوى11.016% من نفط الربح، وهكذا فإن النسبة التي تأخذها الشركات ستبقى ثابتة مهما ارتفع أو انخفض سعر النفط، أي أن تزداد بازدياد سعر النفط وتنخفض بانخفاض سعر النفط.

إن الصورة رقم1 تمثل مقارنة فيما بين ما تأخذه الشركات على وفق عقود وزارة النفط وما تأخذه الشركات على وفق عقود كردستان. المنحنيات في الصورة تعكس حقائق واضحة للعيان كالتالي:

الأولى أن مستحقات الشركات على وفق عقود الخدمة أقل بكثير منها في عقود المشاركة.

الثانية أن مستحقات الشركات تزداد عندما يزداد سعر النفط.

والثالثة الفرق التفاضلي بمستحقات الشركات تحت عقود المشاركة بالإنتاج على عقود الخدمة هو أنها تزداد كلما ازداد سعر النفط.

الصورة1 تمثل مستحقات الشركات المقارنة فيما بين النوعين من العقود، محسوبة على أساس الدولار للبرميل كنسبة مئوية.

أما إذا نظرنا إلى الصورة رقم2 وبالمعنى التفاضلي أيضا نجد التالي:

الأول أن مستحقات الشركات في عقود المشاركة بكردستان تبقى ثابتة عند نسبة11-016% .

الثانية أن مستحقات الشركات النسبية لسعر النفط تبقى تحت مستوى5% في جميع الأحوال من سعر للنفط يساوي120 دولاراً نزولا إلى سعر النفط يساوي20 دولاراً للبرميل.

والثالثة أن ما تأخذه الشركات في عقود كردستان، أي عقود المشاركة بالإنتاج، هي دائماً أعلى من نظيرتها في عقود الخدمة لوزارة النفط.

الصورتان تبين بوضوح لا لبس فيه أن نسبة مشاركة11.016% تعني أن عائدات الشركات تكون أعلى كلما زاد سعر النفط وليس لصالح الشعب العراقي كما هو الحال في عقود الخدمة.

تاريخياً أن فترات السعر العالي للنفط هي أطول بكثير من فترات السعر المتدني، والتغيير في منحنى الأسعار هو دائماً يتجه نحو الأعلى، وهكذا بفترة عقود تمتد لأكثر من20 سنة، الأفضلية ستكون لعقود الخدمة طويلة الأمد على عقود المشاركة بكردستان عندما يتعلق الأمر بالصناعة الاستخراجية.

ثالثاً- الشرعية الدستورية والقانونية لعقود المشاركة بالإنتاج.

عقود المشاركة بالإنتاج تتعارض مع ما ورد بالدستور من حيث مبدأ الملكية الجماعية للنفط العراقي على وفق المادة111 والتي تنص على «النفط والغاز هو ملك كل الشعب العراقي في كل الأقاليم والمحافظات.»، كما تتعارض مع المبدأ الدستوري الوارد في المادة112 ثانيا وهو مبدأ تحقيق أعلى منفعة للشعب العراقي.

بإختصار، عقود المشاركة تتعارض مع المادة111 من ناحية المعنى العام ومن ناحية حجز نفط والمشاركة به، أي الاحتياطي على أساس توفره، وكمفهوم تجاري وتسويات عالمية لحالات معروفة. المعنى الواضح هو أن الشركات العالمية على وفق عقود المشاركة بالإنتاج تمتلك حق دعوى بالملكية على الخزين النفطي المتعلق بالعقد.

أما بما يتعلق بالتعرض إلى المبدأ الذي جاء بالمادة112 ثانيًا نجد الأفضلية لعقود الخدمة أيضًا على أي نوع آخر من العقود.

معظم المستشارين والمختصين يرون بوضوح أن عقود الخدمة طويلة الأمد تمثل أعلى منفعة للشعب العراقي مقارنة بعقود المشاركة.

أستنتاجات وملاحظات:

هناك هجمة إعلامية منظمة ضد عقود الخدمة طويلة الأمد تتعمد تضخيم الكلف التطويرية والإنتاجية والأجور، لتصل إلى استنتاجات مخالفة للواقع ومضللة لتدعو بناءً على ذلك إلى إعادة النظر بالعقود وتحويلها إلى عقود مشاركة. إن وزارة النفط يجب أن تكون شفافة من خلال توفير كل المعلومات الرسمية المتعلقة

بعقود الخدمة، كما يجب أن ترد على جميع الأكاذيب والتصريحات المضللة في هذا الخصوص، ويتوجب على وزارة النفط أن تكون منفتحة وتوفر جميع المعلومات على موقع الوزارة الرسمي، وأخيراً يجب أن تكون صادقة بمواجهة شائعات تحويل العقود الخدمة. أما أولئك الداعين لتحويل عقود الخدمة إلى عقود مشاركة يجب أن يقارنوا بين ما أوضحناه والمتعلقة بالمعدل الوزني لمستحقات الشركات من كلا النوعين من العقود.

هذا إضافة إلى تعارض عقود المشاركة مع مبدأ الملكية الجماعية ومبدأ تحقيق أعلى منفعة للشعب العراقي، لذا فهي غير دستورية.

إن الحكومة العراقية ووزارة النفط يجب أن لا يفكرا بأي تحويل لعقود الخدمة، حيث أن هذا التحويل يعدّ كارثة بالنسبة للعراق، ويزيد من أزمته المالية سوءأ، ويعوق عمليات التطوير فضلا عن التجاوز على الدستور.

 

*خبير اقتصادي عراقي

أحمد موسى جياد*

الصباح الجديد

16/12/2015

أرسلت بواسطة: أدارة الموقع | التاريخ: 27-12-2015 |