تونس / 18-12-2015
تحتفل الامانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب مع الدول العربية في الثامن عشر من شهر كانون الاول – ديسمبر من كل عام بيوم الشرطة العربية الذي يعد مناسبة هامة للتذكير بالجهود الجبارة التي يبذلها رجال لشرطة والأمن في سبيل امن واستقرار مجتمعاتنا والتضحيات الكبيرة التي يقدمونها من اجل سكينة مواطنينا وسلامة اوطاننا.
يأتي احتفالنا بيوم الشرطة العربية لهذا العام، ليجسد المعاني النبيلة والجهود العظيمة والانجازات الكبيرة التي تحققت منذ اكثر من اربعة عقود من التعاون الامني العربي المشترك عندما انعقد اول مؤتمر لقادة الشرطة والأمن العرب بمدينة العرب بدولة الامارات العربية المتحدة عام 1972 م.
يأتي احتفالنا هذا العام بيوم الشرطة العربية في ظروف صعبة تمر بها منطقتنا العربية والتي ما تزال بعض دولها تشهد اضطرابات سياسية واقتصادية واجتماعية اثرت بشكل مباشر على الجانب الامني فيها وأدت الى تفاقم الجريمة والإرهاب وانتشار خطاب التطرف والطائفية واستشراء الاتجار بالبشر والمخدرات وانتشار السلاح والجرائم الالكترونية واستفحال ظاهرة انتقال المقاتلين الاجانب وتعاظم موارد تمويل الارهاب من تجارة المخدرات والآثار المنهوبة وعوائد عمليات التهريب والهجرة غير الشرعية الجرائم المنظمة المختلفة .
في هذا الظروف العصيبة التي تشهدها منطقتنا العربية يتحتم علينا اكثر من اي وقت مضي بذل جهود مضاعفة لتحقيق الامن والاستقرار ومحاربة الجريمة والإرهاب والعمل على توعية المجتمع بكل مكوناته بالمخاطر الامنية المحدقة به وهذا ليس مسؤولية اجهزة الامن ورجال الشرطة فحسب ، بل لابد من تضافر كافة الجهود في الدولة والمجتمع ويبقى دور المواطن هو الدور المحوري والفاعل في تحقيق الامن والسكينة لنفسه ووطنه من خلال تعاونه الكامل مع رجال الشرطة الذي يبذلون الغالي والنفيس من اجل ان ينعم الفرد والمجتمع بالأمن والاستقرار.
وبرغم الامكانيات والقدرات والتجهيزات التي تسخرها الأجهزة الأمنية والجهود الدءوبة التي تبذلها في محاربة الجريمة بمختلف اشكالها إلا ان ذلك لا يكفي للقضاء نهائيا على الاجرام خاصة في ظل سعي عصابات الجريمة الى استغلال كل الوسائل المتاحة واستثمار كل مظاهر التقدم والتطور لضرب امن مجتمعاتنا واستقرارها وهو ما يفرض علينا ان نكون في معركة واحدة امام هذه الهجمة الشرسة على كل المقدرات والمكاسب الوطنية.
ان دور اجهزة الامن والشرطة اليوم لم يعد ذلك الدور التقليدي المتمثل في توفير الامن والاستقرار في المجتمع وإنفاذ القانون ومحاربة الجريمة بل اصبحت تقوم بالعديد من الوظائف والخدمات الاجتماعية التي تربط بالمواطن ارتباطا وثيقا وتسهل عليه تسيير اموره اليومية والحياتية مستفيدة من التطور التكنولوجي الحاصل اليوم خاصة في مجال الاتصالات والانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي ما يجعل مهامها تتضاعف يوما بعد يوم وهو ما يستلزم منا تقديم الدعم المادي والمعنوي من خلال الاهتمام بإفراد الامن والشرطة وتحسين اوضاعهم المهنية والمعيشية وتدريبهم ومدهم بكافة الامكانيات والتجهيزات التي تسهل عليهم القيام برسالتهم النبيلة .
ان شعور المواطن ان رجل الامن موجود لصالحه ولتحقيق امنه واستقراره وانه هدفه السامي صد كل المخاطر المحدقة به تجعل المواطن يتعاون بصورة كبيرة وأريحية وانسجام ليكون شريكا رئيسيا في تحقيق الامن لمجتمعه وهو بذلك يسهم في حاضر وطنه ومستقبله لكون الامن الركيزة الاساسية للتنمية التي تحقق للفرد والمجتمع الرفاه والتقدم والازدهار كما يرسخ هذا التعاون الثقة بين الدولة والمجتمع وبين رجل الامن والمواطن بما يكفل الامن والاستقرار للجميع ويرسخ مفاهيم الشرطة المجتمعية التي تمكننا من اقامة شراكة مجتمعية ناجحة بين الشرطة وكافة مكونات المجتمع المدني.
ومما يعزز العلاقة بين المواطن ورجل الامن حرص رجال الشرطة على احترام حقوق الانسان التي يسعى مجلس وزراء الداخلية العرب لتكريسها من خلال اجراءات عدة منها اقرار مدونة نموذجية لقواعد سلوك رجل الامن العربي وخطة عربية نموذجية لتكريس ثقافة حقوق الانسان في العمل الامني وعرض الموضوع على المؤتمر السنوي لقادة الشرطة والأمن العرب، وقد تعزز هذا الاهتمام خلال السنة الجارية بعقد المؤتمر الاول للمسؤولين عن حقوق الانسان في وزارات الداخلية العربية والمؤتمر المشترك لممثلي وزارات الداخلية العرب واللجان الوطنية لحقوق الإنسان في الدول العربية، وكل ذلك إيمانا من مجلسنا المؤقر بان ممارسة العمل الامني وإنفاذ القانون لابد أن يكون محاطا بسياج منيع من احترام الحقوق والحريات التي كفلتها الشرائع السماوية ورسختها المواثيق الدولية والقوانين الوطنية .