ذات يوم ضاع حمار جحا، فأخذ يصيح وهو يسأل الناس عنه: لقد فقدت حماري والحمد للباري! فقيل له: هل تحمد الباري لضياعه فقال: لو أنني كنت أركبه لضعت معه ولم أجد نفسي!، ففي كل الأزمنة الحمقى والمهرجين متشابهون، وإن إختلفت أسماؤهم، فإن كان المفقود في عالم الساسة، رئيس كتلة ما، لوجد ان المنضوين تحتها، جميعهم قد ضاعوا!وصف الأشياء الواقعية في الحياة، من خلال الإثارة والرهبة، والدهشة والحيرة والحقد، والتوحش والتطرف، وأخيراً التكفير، هو جل ما أجهد به بعض سياسينا، في تعليمه للرفاق الحمير، الذين شاركوا قائدهم الضرورة، الوحشية والعنف وجنون العظمة، حتى باتوا حمقى على طريقة جحا، الذي لا هم له إلا حماره، ولم يفكروا في لحظة موت قادم إليهم، فسيدرككم الموت، ولو كنتم في بروج، أو مخابئ، أو جحور نتنة. كثير من الساسة مع غلمانهم، وأبخرتهم العفنة، وضجيجهم الصاخب، هو من صنع الموت لأهلنا، وأدخلوا العراق في دوامة العنف والفوضى، حيث التخلف الفكري، والفساد السياسي، ويعدان أهم أسباب تردي الواقع الأمني، والثمن دمى بشرية، تساق الى عالم الرحيل رغم أنفها، لئلا يعيشوا لحظات العيد في بيوتهم، والحكومة عاجزة عن غلق هذا الملف الدامي، وبدأ التأريخ بالرقود في سراديب مظلمة، لا تحوي إلا رفات جنود سبايكر، التي أمست شاهداً على أجرامهم وجبروتهم.إنه عالم مظلم ومخيف، تعهد بالقتل، في منظر شاحب، يتوسل فيه ملك الموت النظر، لحصد هذه الأرواح البريئة، التي لا ذنب لها، سوى أنها ولدت في أرض العراق، حتى صار ثمن حريتهم الواهمة، ملسلسل خرج ولم يعد، وأمست عائلته بلا معيل، فمتى تعيد الحكومة خططها، لدراسة البيئة السياسية المتحكمة، في صناعة الموت وتصديره لبلدنا؟ وهي تعلم علم اليقين، من وراء هذا التدمير والخراب! ماذا تحتاج الحكومة لكي تقتنع؟ بأننا على شفا حفرة نحو الهاوية، حيث القضايا عامة، وموضوعات متشعبة، غاية في الخطورة، وصفقات تسليح، وملفات فساد، ومجهولية فائض ميزانيات العراق، والتلوث بيئي في المحافظات المنتجة للنفط، وإرتفاع نسبة الفقر والبطالة، وزيادة أعداد الأيتام والأرامل، والمعاقون والمتسولون، وأبرياء مصابون بأمراض سرطانية، وتفاقم أزمة السكن والنقل، وزيادة نسبة الطلاق، وظهور الأطباء الروحانيين، وزيادة حالات الخطف والسرقة، إنها غيض من فيض، فالمقام لا يتسع، فما الذي حققته الحكومات المتعاقبة، بمثل هذه القضايا الرئيسية المهمة؟ختاماً: إن الصمت الموشح بالخوف، هو الذي سمح بإجتياح التطرف، الى أذهان الناس، ومرده أن الوقاحة والطغيان، والإستبداد، وأساليب العصابات الإجرامية، هو الذي يؤكد العمل السياسي، في عراق الموت، وتعاقب الحكومات الفاشلة عليه، حتى وصل الى مرحلة تكاد أن تكون قاتلة، وهذا الفلم من بطولة أشباه الرجال، الذين عاثوا في الأرض فساداً وخراباً، لذا علينا أن نكون رجالا، ونبعد الصمت الموشح بالخوف، ونصرخ بصوت واحد، هيهات منا الذلة.
.