مترجم: هل ستكون دولة ترامب الواجهة الأنسب للتاريخ الأمريكي؟

آخر تحديث 2015-12-30 00:00:00 - المصدر: ساسة بوست

ربما يثور الرئيس الأمريكي جورج واشنطن في قبره إذا علم بما يفعله دونالد ترامب اليوم

19 قتيلًا، كانت هذه هي حصيلة ضحايا العمليات الإرهابية لمتطرفين إسلاميين في الولايات المتحدة هذا العام. كان هذا العدد كافيًا بالنسبة لترامب لجعله يرغب في منع دخول المسلمين إلى أمريكا، بل ومراقبة المسلمين الموجودين داخلها. ربما هناك حل أسهل بالنسبة لترامب: أن يختبئ تحت سريره، ربما سيكون هذا أكثر أمانًا بالنسبة له بدلًا من منع دخول المسلمين، بل سيكون له ميزة أخرى بالنسبة للكاتب: أنه لن يراه على شاشة التلفزيون مجددًا.

يقول الكاتب: علينا كأمريكيين قبل أن نهنئ أنفسنا على كوننا أكثر شجاعة وأكثر تقبلًا للآخر من دونالد ترامب أن هذا الأمر ما هو إلا مؤشر منخفض، فنائب الرئيس السابق ديك تشيني – وهو رجل ليس مشهورًا بليبراليته – يقول بأن ترامب يغازل الفاشية الدفينة في بعض الأمريكيين، فعلى الرغم من أن أغلب الأمريكيين لم يصلوا هذا المستوى الهيستيري الذي وصل له ترامب، إلا أن الاستقصاءات تقول بأن 36% من الأمريكيين لديهم مخاوف كافية لجعلهم يؤمنون تمامًا بأن ما يقدمه ترامب هو الحل الحقيقي لسلامتهم، في حين أن 61% يظن بأنه على الولايات المتحدة التصدي لخطر الإرهاب عن طريق إبعاد اللاجئين السوريين. نسبة 49% من الأمريكان أيضًا يقول بأن لديهم مخاوف من أن يقعوا هم أو من يحبونهم كضحية للإرهاب، بل إن نسبة 83% من المصوتين يؤمنون بأن الهجمات الإرهابية على الولايات المتحدة ستصبح أضخم وذات خسائر أكبر في المستقبل القريب.

يرى الكاتب أنه ربما يتوجب على الأمريكيين تغيير اسم دولتهم لتتحول إلى الولايات المتحدة ضعيفة الشخصية، فالهجمات الإرهابية على الرغم من كونها تحدث ضجة إعلامية كبيرة، ليست هي الخطر الأكبر الذي يواجه أمريكا، بل إن الإرهابيين يحققون انتصارًا كبيرًا برؤيتنا خائفين منهم، ربما عليكم التذكر أن عدد الأمريكيين الذي قتلوا بواسطة أبقار أكثر عددًا ممن كانوا ضحايا لعمليات إرهابية، بل إن الذين لقوا حتفهم بسبب أجهزة تحميص الخبز الخاصة بهم يصل عددهم إلى ضعف ضحايا العمليات الإرهابية. في خلال الأعوام الـ45 الأخيرة، كان عدد ضحايا المجموعات الإرهابية الإسلامية من الأمريكيين هو 4000 شخص، راح ثلثاهم تقريبًا ضحية لتفجيرات الحادي عشر من سبتمبر، وحتى مع أخذ هجمات 11 سبتمبر في الحسبان، سنجد أن متوسط الضحايا في العام الواحد هو أقل من 100 أمريكي يقتل نتيجة لحادث إرهابي سواء في أمريكا أو خارجها.

اذا كان ينبغي علينا القلق حقًا بشأن شيء ما، فربما علينا القلق بشأن جرائم القتل الاعتيادية. في عام 2014 فقط، كان عدد من قتلوا في الولايات المتحدة نتيجة لجرائم قتل اعتيادية غير أيديولوجية يبلغ 800 ضعف عدد من قتلوا نتيجة لعمليات إرهابية إسلامية. وفقًا لمكتب التحقيقات الفيدرالي، حوالي 15% من هؤلاء الضحايا قتلوا بواسطة أفراد من عائلاتهم.. ربما يجب أن أوجه سؤالًا هنا لدونالد ترامب: هل ربما عليك منع تكوين عائلات؟

يصف الكاتب الشعب الأمريكي بأنه لم يكن يومًا شعبًا أنانيًا أو جبانًا أو غير عقلاني، ربما كانت هناك لحظات في التاريخ الأمريكي شملت بعض الأنانية وعدم العقلانية كفترات تجارة الرقيق على سبيل المثال، إلا أن الشعب الأمريكي لم يخف يومًا من الفئران الصغيرة، فأسلافنا أدركوا أن هنا الكثير من الأشياء التي تعد أهم كثيرًا من سلامتهم الشخصية، كالمستوطنين الإنجليز الأوائل الذين وصلوا إلى رونوك في 1587 وكان عددهم 115 اختفوا تمامًا، على الأغلب نتيجة للمجاعة أو المرض، أو ربما يكونوا قد قتلوا أو اندمجوا داخل قبائل السكان الهنود الأصليين آنذاك، ربما كان الحجاج الانفصاليون فيما بعد أكثر حظًا من مستعمري رونوك، فقد نجح بعضهم في النجاة وتكوين مستعمرة في نيو إنغلاند، إلا أن حروبهم مع المستوطنين فيما بعد خلفت عددًا من القتلى بينهم يبلغ سبعة أضعاف القتلى الأمريكيين في الحرب العالمية الثانية. على الرغم من كل ذلك، واصل المستوطنون التوافد إلى أمريكا، على الرغم من كل هذه الأخطار، حيث كانت الوعود بمجتمع خالٍ من الاضطهاد الديني ومليء بالفرص الاقتصادية ومتحرر من النظام الهرمي الأوروبي الخانق، سببًا كافيًا بالنسبة لمئات الآلاف من الأوروبين لمواجهة أي خطر في سبيل الوصول إلى هذه الأرض الجديدة.

في 1776، حصلت أمريكا على استقلالها عن بريطانيا بسبب رغبة المستعمرين الأمريكيين في المخاطرة من جديد من أجل الدفاع عن قيمهم حتى ولو كان ذلك مقابل سلامتهم الشخصية. اذا قرأتم إعلان الاستقلال الأمريكي فستجدون هذا الأمر واضحًا في نهاية الإعلان: “في ختام هذا الإعلان، نتعهد نحن الموقعين عليه، تأييدًا لهذا الإعلان واتكالا تاما على حماية العناية الإلهية، نتبادل العهد بأن يبذل كل واحد منا في سبيل الآخر حياته وماله وشرفه المقدس”. لم يكن هذا الخطاب خطابًا بلاغيًا فقط، فلو كان المستعمرون خسروا في حربهم ضد بريطانيا لتمت معاملة كل من وقع على هذا الإعلان على كونه خائنًا، بل وربما تم إعدامهم. حرب الاستقلال ذاتها، التي يتم تشبيهها في المدارس الأمريكية على أن الانتصار فيها كان مؤكدًا، كانت تبدو في هذا الوقت مشروعًا يائسًا إلى حد ما، فقد افتقد هؤلاء المستعمرون لجيش حقيقي أو سلاح بحري، ولكنهم استطاعوا التصدي للقوة الأوروبية العسكرية، فهل كانوا حمقى؟ ربما ولكنهم بالتأكيد لم يكونوا جبناء أبدًا.

في وجهة نظر الكاتب، كانت أمريكا هي أرض الشجاعة منذ نشأتها، فمنذ حرب الاستقلال والجنود حفاة الأقدام قد تركوا آثارهم الدامية على جليد فالي فورج. جورج واشنطن، قائد هذا الجيش القاري، لم يتوانَ أبدًا رغم انشغاله بالحرب عن تذكير جنرالاته بمعاملة أعدائهم بإنسانية وأن يحترموا معتقداتهم الدينية.

أثناء فترة الحرب الأهلية، مئات الآلاف قتلوا في سبيل الدفاع عن حرية الإنسان وكونه غير قابل للتملك، وحتى في وسط هذه المعركة الطاحنة، عمل الرئيس إبراهام لينكولن – الذي حكم أمريكا لفترة قصيرة استطاع فيها توحيدها من جديد والقضاء على الحرب الأهلية الأمريكية – على التمهيد لإنهاء الرق وإصدار القوانين التي تحاصره وتمنع انتشاره مستخدمًا في ذلك كل ما كان يملك من أدوات.

السكان الأمريكيون الأوائل في الغرب الأمريكي تحدوا الصعاب أيضًا وعبروا الجبال والقمم التي بدا عبورها مستحيلًا ليبدأوا حياتهم الجديدة، كل ما كان لديهم لفعل ذلك هو مجموعة أدوات بسيطة استطاعوا حملها في عربة مغطاة. في الحرب العالمية الأولى أيضًا، قاتل الجنود الأمريكيون للدفاع عن حلفاء أمريكا وقتل منهم الآلاف في وحل الخنادق الأوروبية. أما في الحرب العالمية الثانية، فقد قاتلت أمريكا ضد النازية والفاشية في حرب قتل فيها 400 ألف أمريكي نعتبرهم اليوم أعظم الأجيال الأمريكية، والآن لدي شعور مؤكد بأن أبناءنا سيعتبروننا “الجيل الأضعف” في تاريخ أمريكا.

يقول الكاتب “الإرهاب أمر مقزز ومأساوي بالتأكيد، وأنا أصلي من أجل عالم أكثر أمانًا لأولادي، ولكني آمل أيضًا أن يفكروا في كلام السياسيين الأمريكيين جيدًا، وأن يتذكروا شخصيات كباتريك هنري على سبيل المثال وليس دونالد ترامب، وعندما يفكرون بشأن خطر الإرهاب أن يفكروا فيما كان هدف الأجداد الذي عاشوا من أجله: الحرية الحقيقية التي تحدث عنها باتريك هنري في 1775.”

هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».