مترجم: كيف نقوم بتزوير حقيقتنا في العالم الافتراضي؟

آخر تحديث 2016-01-01 00:00:00 - المصدر: ساسة بوست

على الكتف الأيسر لمواقع التواصل الاجتماعي تتربع كثير من السيئات والسلبيات، ربما نتجت من الطريقة التي تتيح بها للأشخاص عرض ذواتهم، أو من الطريقة السلبية التي يفكر بها الأشخاص عند رؤية حياة الآخرين في عبر وسائل التواصل، وقد كُتبت كثير من الصفحات والمقالات في هذا الخصوص، ويستوي في ذلك العالم الغربي،و العالم الشرقي.

الكاتبة والمدونة Lexi Herrick كتبت في هذا الخصوص عن بعض الأشياء التي يُخفي الناس حقيقتها، أو يزورونها في العوالم الرقمية ضمن مقال بعنوان “11 شيئا نزوّرها في مواقع التواصل الاجتماعي”، ورغم الاختلاف الواضح في المقال الناتج عن اختلاف الثقافات، إلا أن فكرة التزوير، والتناقض والاختلاف بين حياة الناس خلف الشاشة وأمامها اتفق عليها معظم المستخدمين، وهنا 11 شيئًا لن تكون – غالبًا – حقيقةً  في مواقع التواصل.

1-المظهر:

في مكان ما، بين تأثيرات الفوتوشوب، ودرجات الألوان، وأداة تبييض الأسنان، أصبحنا مهرة في إظهار أنفسنا كما نريد، إلا أنفسنا الحقيقية، أنا أتفهم السبب. ثقوا بي، لقد مررتُ بمرحلة جعلت كل صوري التي عدلتها بنفسي تبدو مثل صور “ستّ الحُسن والجمال”. وكان يدور في خَلَدي أنه إن كان بإمكاني إزالة كل عيوبي، وأجعل نفسي أبدو مثالية حتى ولو  بشكل وهمي، فلماذا لا أفعل؟ لأن التي في الصورة ليست أنا، وكذلك الأمر، فإنك عندما ترى الآخرين يبدون مثاليين في العالم الرقمي فهم ليسوا أنفسهم أيضًا، نحنُ لسنا سوى بشر، يُفترض بنا أن نبدو فـريدين ومميزين، أن يكون لكل منا طريقته، أن يكون لكل منا “وجهته التي هو مولّيها”، نحن لسنا “ست الحسن و الجمال “!

2-العلاقات:

لن يفعلها أحد ويقوم بتحميل صورة عن ذلك الجدال العقيم الذي احتدم بينه وبين الآخرين بسبب ذلك الوغد الذي التهم بأنانية القطعة الأخيرة من الحلوى، لن يفعلها أحد ويقوم بإظهار أخطاء شريكه وخياناته، يجب أن يبدو وفيًا أمام العالم الرقمي.

كلنا نتصفح مواقع التواصل، ونشعر من خلالها أن كل الأزواج يعيشون حياة وردية، حياة كلها ثبات ونبات، تملؤها الابتسامات والضحكات، وباقات الورود التي تزين مكاتب العمل، بالله عليك، كم تكلف الوردة الواحدة؟

3-الاحتفالات

لن أستطيع أخبارك عن عدد الأشخاص الذين سمعتهم يشتكون من مدى السعادة والروعة التي تبدو عليها حياة الآخرين في مواقع التواصل: “إنهم يخرجون، ويستمتعون بالحفلات طيلة الوقت، لماذا لا أكون هكذا؟” حسنا دعني أطلعك على سر صغير: ليس كل ما يلمع ذهبــًا. أنت ترى الصور الأولى، صور فساتين الحفلات، والشعر المصفّف جيدًا، صور الناس بلباسهم الجميل، والضحكات الصادقة النابعة من القلب، لكنك لن ترى صورة آخر الليل، حيث الأعين التي فسد عليها كحلها، والوجوه التي سالت عليها أصباغها، والشعر المتناثر، لن ترى الواقع المر، لن ترى ورقة فاتورة السهرة، ولن ترى أحدهم يبكي في دورة المياه بسبب علاقة انتهت منذ سنوات.

4-السفر:

السفر متعة المتع، وكم أكون حاسدة عندما أقلب صور الآخرين وهم يستمتعون برحلات لا أملك تكاليفها. وأيًا يكن، فنحن – أيضًا – نرى الصورة التي تُظهر الآخرين في أحسن حال، ثم نتساءل: “لماذا لا تكون رحلاتنا مثلها؟”، بالطبع ليست مثلها!، لقد سافرتُ بالطائرة، وفقدتُ حقيبة سفري ومحفظتي أيضًا، لقد كنتُ في وضع مُزرٍ، ربما كان علي تزيين حسابي في الانستغرام بصوري وأنا أبكي، مرتديةً القميص المجاني الكبير المقدم من شركة الطيران، لا لا، بدلاً عن تلك الصورة، ما رأيك بصورة فخيمة ومنمقة لي وأنا أقف في تجويف كهف في أحد جبال واشنطن، حيث تتسلل أشعة الشمس بشكل سحري مضفيةً روعةً وجمالاً على المكان  الصورة وصاحبة الصورة.

5-الطعام:

إنه مجرد طعام، لا يُفترض أن نبالغ في ترتيبه، إن كل ما تفعله مع الطعام هو أنك تحدق فيه لمدة عشر ثوان ٍ – ربما أقل لو كنت أكثر جوعــًا – ثم تلتهمه وينتهي الأمر، إلا إذا كنت طباخًا ماهرًا فمن المحتمل أن طعامك سيبدو مرتبًا. وإذا كنت حقًا تريده يبدو جميلاً، فإنك ستضطر إلى ترتيب كل ما على الطاولة، ليبدو طعامك جميلاً. لذلك توقف عن تقييم مكان عشائك بناء على الصور الباذخة التي تراها في وسائل التواصل.

6-الحِمية:

 هذا يختلف عن الطعام لإنه يتعلق بالناس الذين يحمّلون صورًا لطعام صحي لأسباب معينة، معظم أقرانك لا يكتفون بتناول الأطعمة الصحية الخفيفة، بل يتجاوزونها إلى أطعمة أخر ليست صحية، كلنا نستجدي تقديرًا واستحسانًا من الناس، والصحة لها نصيب وافر من الاستحسان الذي نريده، يُقال إنك لا تستطيع الالتزام بحمية قاسية، وإنك لست الوحيد الذي يثقل كاهله سعر الخضراوات والفواكه والطعام الصحي، بالنسبة لي، فإن موسم التخفيضات في متجر الفواكه كموسم الأعياد.

و إلى جانب ذلك، أراهن أن من يحبون الطعام الصحي يحبون أكل اللحوم أيضًا.

7-اللياقة البدنية:

لا أستطيع تصفح حسابات التواصل الاجتماعي بدون أن أرى صورة لأحدهم تحكي عن لياقتهم، وما إن أرى هذه الصور، حتى تتقافز الأفكار في رأسي “لماذا لستُ مهتمًا بجسمي مثل هذا الشخص؟”، بدايةً أظن أنّ أي شخص يثق حقــًا وصدقــًا بمظهره، لن يكون بحاجة إلى استجداء تأكيد  الآخرين وتقبلهم لذلك، هؤلاء الأشخاص مثلك، ادعمهم، لا تحسدهم ولا تُحبِطهم.

وثانيًا، مقارنة لياقتك بلياقة الآخرين ليست مقارنة عادلة، لكل منا جسد مختلف، حياة مختلفة، ظروف مختلفة، وأولويات مختلفة، ولن يفعلها أحد ويقوم بعرض أسوأ ما فيه على مرأى من العالم.

8-الأطفال، والحيوانات الأليفة:

واردٌ جدًا أن يكون جزئي المفضل في وسائل التواصل هو صور الأطفال والحيوانات الأليفة، إنها حقــًا غاية في اللّطف. وقد تعرض شاشتي صور الحيوانات الأليفة أكثر من غيرها. ضع موضوع اللّطف جانبــًا، إن أي شخص لديه أطفال وحيوانات أليفة قد تكون مزعجة مثل التي عندك تمامــًا. فقطتي مثلاً تبدو خلف الشاشة كأنها نجمة جذابة، أما أمام الشاشة فهي كثة الفراء، تتسلل حول أكياس الطعام المخزنة فوق الرف، وتدفع – عن قصد – الكؤوس الملأى لتسقطها عن المنضدة.

لذا تابع تحميل صور عن حياتك الجميلة، لكن لا تَـنْـسَ أنكَ لستَ الوحيد الذي عنده طفل كثير الصراخ، وحيوان أليف يملأ المكان بأوساخه، كلنا عندنا ذلك.  

9-«خفة الدم»:

بغض النظر عن الوقت التي تضيعه وأنت تفكر في ذلك التعليق الخارق الذي ستكتبه، والذي سينال إعجاب الجميع، وتصفيقهم الحار، فإن الفكرة بحد ذاتها غبية. كلُّنا – إلا قليلاً – نتصرف كالأغبياء في مواقع التواصل، وإذا لا زلت تحاول تقليد أسلوب الآخرين، لتبدو “خفيف دم” مثلهم، فستبدو غبيــًا كذلك الأمر. كل ذلك مبالغ فيه، ولا داعي له.

10-الملابس:

لصور السيلفي، لا أحد ينتقي غير الملابس المناسبة، سوف ترى الناس في أحسن أحوالهم، يلبسون الملابس التي كانت على حبل الغسيل، وينتقون انتقاءً أفضل صورة من بين 50 صورة التقطوها سابقــًا، لا تلتفت إليهم بتلك الملابس، بل التفت إليهم إذا رأيتهم يلبسون ملابس النوم.

11-المثالية:

بادئ ذي بدء، فإننا كلنا خبراء ومحترفون في اختزال حقيقتنا في صور مُنَمّقة ومُتْقنة، صور مليئة بالمثالية المطلقة التي ندّعي أنها تغمر حياتنا، صور كلها أوهام. لن نقلق من وسائل التواصل إذا انتبهنا إلى تلك الحقيقة البسيطة. ولن تؤثر علينا إذا قاومنا ميولنا ورغباتنا في مقارنة حياتنا وانتقادها من خلال تلك الصور المثالية المزيفة، إن حياتنا في صعود وهبوط، يومٌ لنا ويومٌ علينا، ندخل في شجارات تافهة، نُـريق القهوة، نخطئ، ونفعل العجائب، وهذه هي طبيعتنا وسنة الحياة، نحنُ لسنا الأشخاص الذين نزعمهم في شبكات التواصل، والحمد لله أننا لسنا هم.

هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».