مرام مجديFollow @marammagdy_
تزداد معاناة المسلمين يومًا بعد يوم لاستيعاب فكرة أن بعضهم يقومون بجرائم القتل باسم المسلمين واسم خالقهم؛ الله سبحانه وتعالى. وليس من الصعب قولنا بأن هؤلاء ما هُم إلا مرضى عقليين، أو أنه كان لديهم بعض المشكلات في مرحلة نشأتهم والطريقة التي تَرَبّوا عليها، أو أن الآخرين يقومون بدفع الأجر لهم مقابل تلك الأفعال البشعة والتي تجعل صورة المسلمين في أسوأ حالاتها أمام العالم أجمع، أو لكي تكون تلك الأفعال هي الدافِع وراء انتهاك واختراق الأراضي التي يكون معظم ساكنيها من المسلمين، أو ببساطة شديدة، يزعم بعضهم كَوْنهم مسلمين ليجعلونا – نحن المسلمون حقًا-، نظهر في أبشع صورة.
والحقيقة هي أن مَن يقوم بدراسة الكتاب المُقَدَّس مِنّا، يعلم بتواجُد هؤلاء المُذْنبين الفاسدين القَتَلَة الخارجين عن دينهم بيننا في مجتمعاتنا ودوائرنا. وقد شَهِد الرسول صلى الله عليه وسلم على نشأة هؤلاء وتصرفاتهم وتطور أفكارهم، وقام الصحابة عليهم السلام بمحاربة الشُعَب المُتَفَرِّقَة مِنهم بعد وفاة الرسول.
ولا شك في أن مِثل هذه الأفعال تندرج تحت كَوْنها عقيدة دموية مُهْلِكَة؛ فهي تُخفي الحُب الخالِص للإسلام وتمنع الريادة الإسلامية والتعاطُف مع كُل ما هو ذو طابِع إسلامي. وعلى الرغم مِن ذَلِك، عندما تقوم بالاستماع إلى بلاغتهم في الحديث وترى الدعوات الواضحة من وراء تلك الأحاديث والتي تدعو إلى التَعَصُّب والرَجْعية، فتتأكَّد أن الدعوة التي تَبَنّوها وتِلك المُعتقدات ما هي إلا انحرافات ضالّة ومفاهيم خطأ ابتدعوها عن الإسلام ومقاصِده. فتجد أنهم يقولون تلك الكلمات التي تبدو في ظاهرها وكأنها تُحاكي الحقيقة، ولَكِن تكتَشِف أن المَقْصَد مِن ورائها الافتراء في الأفعال التي تختلف تمامًا عمّا قيل.
وفيما يلي، بعض العلامات الواضحة لتعريف سلوك المُتَطَرِّف، ولأولئك الذين يعلمون خطورة العلامات، فقد تم تجميعها من أقوال الرسول؛ محمد صلى الله عليه وسلم وتحذيرات الصحابة عليهم السلام.
1. ستكون أعمارهم صغيرة:
قال عليّ رضي الله عنه، سَمِعْت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “يَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ حُدَثَاءُ الْأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ…” صحيح البخاري 1
قد تبدو تِلْكَ المقولة دكتاتورية ومُسْتَبِدّة. ولكنها في الحقيقة غاية في الأهمية. فالكِبار من الأئِمة والعُلَماء هُم حامِلو وناقلو العلوم الكِرام. وعندما ترى مجموعة مِن الناس وقد تَزَاحَموا حول أفراد صِغار في السن وليسوا ذوي ثقة كبيرة ولا مسئولية وخِبرة بالحياة، فاعلم حينها أنهم إن أَجْمَعوا على شيءٍ ما يختلِف ويتجادل جميع من حَوْلهم عليه بدرجة واسعة، فلابُد مِن الجميع أن يعرض ويَنْصَرِف عن أولئك الصِغار السَفَهَة. وعلى الرغم مِن أنه قد تَظْهَر عليهم الفصاحة والصِدق والإخلاص، إلا أن درجة فهمهم وعِلْمهم لا تزال غير ناضِجة وتَفْتَقِد الأساس السليم.
عندما يقوم العلماء مِن جميع أنحاء العالم الإسلامي وأرجائه وفصائله باستنكار قضية أو عَمَلٍ ما، فما يقولونه هو الحقيقة التي لابُد أن تستسلم لها، وتعرض عن الصِغار الآخرين. عندما يكون لديك علماء متخصصون مِن كُل صَوْبٍ وحَدْب، مُعْلِنون استنكارهم للإجرام والمرتدين، إذن لابُد مِن تَجَاهُل تِلك الأصوات الصغيرة القليلة التي تحاول الخروج عن المُجْتَمَع عليه. وهذا هو مِنهاج أهل السنة.
2. ساخِط أحمق
وصف الرسول صلى الله عليه وسلم سلوكهم بأنه فَظّ، مُتَقَلِّب وعُرْضَة للسفاهة والبذاءة. فإنهم يَنْطِقون مِن قبل التفكير فيما يقولونه، يُعارِضون كل شيء مِن دون الحصول على العِلم الكافي مسبقـًا، ويَدَّعون أن الفَهْم الذي تَوَصَّلوا إليه هو الحقيقة المُطْلَقَة، ومن يقتنع بغير ما أَقَرّوه، فلابُد له أن يُغَيِّر مِن قناعاته لكي يحصل على النجاة والفلاح.
ومما لا شَك فيه وما يجعل مِن التَطَرُّف طابعًا خاصًا بهم، أن القضية التي يؤيدونها ويناصرونها شرعية، صحيحة وعادِلة، ولكن سخطهم مِن أجل تلك القضية يفوق حدود القانون والشريعة والأخلاقيات. والشاهِد على ذَلِك، أنهم يقومون بقتل عدد يصل إلى اثنتي عشرة نفسًا بشرية، وتبريرهم لهذا القَتل هو غضبهم على مَن قاموا بالاستهزاء بالرسول صلى الله عليه وسلم والسخرية منه – ذلك الفِعل المُشين الذي أغضبنا جميعًا بالفعل.- ولَكِن، تم توجيه ذلك الغضب في إطار قانوني وشرعي، وليس إطار إجرامي.
ولِذا، فإن الغَضَب الأعمى والتَصَرُّفات المُتَسَرِّعة الحَمْقاء، التي يُحَرِّكها عدم النضوج التام ما هي إلا صِفة وعادَة مُتَأَصِّلة فيهم.
3. الغرور والتَفَاخُر
عنْ أَنَسٍ، قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “إِنَّ فِيكُمْ قَوْمًا يَتَعَبَّدُونَ حَتَّى يُعْجِبُوا النَّاسَ وَتُعْجِبَهُمْ أَنْفُسُهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ “2
عند رؤيتهم للآخرين وهم يناضلون لكي يكون إسلامهم أفضل، يُظْهِرون استنكارهم بطريقة جافّة وفظّة، ويشعرون بشيء مِن الإعجاب بحالهم ويُظْهِرون أنفسهم وكأنهم مِن النُخْبَة المُختارة. يشعرون وكأنهم ليس لهم مثيل وأن لهم الفضل على غيرهم، ويُظْهِرون ذَلِك في جميع أفعالهم؛ كالطريقة التي يتحدثون بها وتِلْك يسيرون بها.
تصنيفهم لغيرهم بالكُفر والنفاق مِن شيمهم الدارِجة والتي يلفظونها في وجه غيرهم بكل سهولة ويُسر، مِن دون التفكير في التَبَعات وفي ما يدل عليه ذلك.
4. كثيرو التَعَبُّد
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “إن هذا وأصحابه يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ثم لا يعودون فيه فاقتلوهم؛ هم شر البرية.”3
قَالَ عَلِيٌّ رضى الله عنه أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: “يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنْ أُمَّتِي يَقْرَؤونَ الْقُرْآنَ لَيْسَ قِرَاءَتُكُمْ إِلَى قِرَاءَتِهِمْ بِشَىْءٍ وَلاَ صَلاَتُكُمْ إِلَى صَلاَتِهِمْ بِشَىْءٍ وَلاَ صِيَامُكُمْ إِلَى صِيَامِهِمْ بِشَىْءٍ..” رواه مسلم 4
يقع أغلب القَوْل على أن مِصداقية وإخلاص هؤلاء الشباب الصِغار في السِن غير الناضجين والحمقى، تقع في دائرة الشَكّ. بالطبع يحبون الله سبحانه وتعالى ولديهم الرغبة في إعلاء كلمة الله وعقيدته. أو دعونا نقول، يؤمنون بما يفعلونه هُم.
وتأتي الفاجِعَة والمأساة الحقيقية في كَوْن صلاتهم أفضل مِنّا، وقراءتهم للقرآن أكثر مِنّا، ولَكِنَّهُم لا يستطيعون الوصول إلى المعنى الحقيقي مِن وراء العِبادات وقراءة القرآن. فتبقى تِلك المُمارسات عالِقة على أطراف ألسنتهم ولا تتعداه إلى قلوبهم. فهم لا يفهمون المعنى مِن وراء الكلمات، ولكن يأخذون بظاهرها فقط، فتكون النهاية الحتمية لذلك هي تحريف المعنى وتشويهه.
5. تحريف القرآن الكريم
قال صلى الله عليه وسلم: ” ..يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم..” 5
إن ترديد الشعارات المختلفة والأناشيد وما إلى ذلك، لا يعدو كَوْنه ثورات عاطفية، وتلك الثورات لا تُقَدِّم التوضيحات الكافية للقناعات والمُعتقدات التي يجب أن تستَقِرّ في القلب. القرآن يقوم بالأساس على تعليم البشرية تلك الرِسالة الساحِرة للحُب والوفاء والرحمة والسلام. بينما في الحقيقة، تغيب كُل تِلك المعاني عند هؤلاء الذين يقومون بالتركيز على جانِب واحد مِن الطاعات.
6. البلاغة في الحديث
قَالَ عَلِيٌّ رضى الله عنه أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: “يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنْ أُمَّتِي يَقْرَؤونَ الْقُرْآنَ لَيْسَ قِرَاءَتُكُمْ إِلَى قِرَاءَتِهِمْ بِشَىْءٍ وَلاَ صَلاَتُكُمْ إِلَى صَلاَتِهِمْ بِشَىْءٍ وَلاَ صِيَامُكُمْ إِلَى صِيَامِهِمْ بِشَىْءٍ..” رواه مسلم 4
قال صلى الله عليه وسلم: “يحسنون القول ويسيئون العمل”. وفي رواية: “قوم يحسنون القيل، ويسيئون الفعل”. وفي رواية: يسيئون الأعمال”6
يَصْعُب دَومًا النِقاش مع الشخص المُتَطَرِّف. فهم من الأشخاص العاطفية، ولا يستطيع أحد إنكار حقيقة أن الأمة في عناء مُسْتَمِر. فدائمًا ما تجدهم على استعداد لتقديم مرجعيات غامِضَة ومُبْهَمَة لبعض الأحداث كتبرير لِمُنْكَر أو فاحِشَة يقومون بالدفاع عنها ومساندتها.
عندما تستَنْكِر جريمة، يسألونك عن الجرائم التي تُرْتَكَب تجاهَهُم. وعندما تستَنْكِر قَتْل الأبرياء، يسألونك عن الطائرات بدون طيار والأزيز الذي تُصْدِره.
والحقيقة هي أننا كُنّا جميعًا شاهدين على قَتْل التلاميذ الأبرياء في “بيشاور”. وبعد جريمتهم تِلْك، يخرجون إلينا قائلين أن أطفالهم قد قُتلوا كذلك، وكأن قَوْلهم هذا شفيعًا لهم.
7. إطلاق الفتاوى بتكفير المسلمين واستحلال دمائهم
قال صلى الله عليه وسلم: “يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان” وفي رواية: “يقاتلون أهل الإيمان ويتركون أهل الأوثان”7
الأمر الذي يثير الدهشة، هو رؤية أولئك الذين يدّعون حبهم للإسلام وهو يقومون بقتل المسلمين أكثر من قتلهم غير المسلمين.
المتفجرات التي يضعونها في الأسواق التجارية، عمليات الاختطاف، اقتحام المدارس، وإطلاق الرصاص على كل من يخالف عقيدتهم وما يؤمنون به.
في “اليمن”، قام تنظيم القاعدة بالهجوم على مستشفى وتَسَبَّب في قتل الجميع. في “بيشاور”، قاموا بضرب مدرسة وكانت النتيجة قتل 146 طفلاً. بالإضافة إلى تفجير المساجد الخاصة بالطوائف الدينية الأخرى، مُعَلِّلين بأن السبب والتبرير لأفعالهم البشعة تِلْك، هو كَوْن تِلْك الطوائف الأخرى غير مؤمنين بما يؤمنون هُم به.
8. الافتراء على العلماء
عندما نأتي إلى ذكر العُلماء والأئمة، يقومون بتلقيبهم بـ “علماء المال” و”علماء البترول” و”علماء الفقه وليس الجهاد”، وغيرها مِن الألقاب الأخرى.
هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».