مترجم: 7 أسئلة عن الأزمات الكبرى لعام 2016

آخر تحديث 2016-01-03 00:00:00 - المصدر: ساسة بوست

إدارة الصراعات الدولية ليست بالضرورة وظيفة مجزية لذوي العقول المنظمة المرتبة؛ فالخطط المحكمة غالبا ما تتهاوى أمام الأزمات المتلاحقة. وكما لاحظت في أحد فصول كتابٍ حول مجلس الأمن نُشِر في مطلع هذا العام؛ فإن التاريخ الحديث لعمليات حفظ السلام للأمم المتحدة هو أشبه بقصةٍ تتلخص بشكل أساسي في “فشل تلو الآخر”. فقد تم الإمساك بقوات الأمم المتحدة في عدة مواقف على حين غرة أثناء تورطها في أعمال عنف، ودخولها في صراعاتٍ متشابكة، كان من الممكن أن تخفف من حدتها، لكن لم يكن بمقدورها أبدًا حلها. ولا ينطبق هذا فقط على قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة أصحاب الخوزات الزرقاء؛ ففي الولايات المتحدة الأمريكية، ألقى المحللون باللوم على ضعف وتكاسل إدارة الرئيس السابق جورج دبليو بوش في التخطيط لما بعد كارثة حربي العراق وأفغانستان، إلا أنهم الآن لم يعودوا واثقين من ذلك.  

يقول فيليب جوردون مسئول رسمي سابق في مجلس الأمن الوطني، ومستشار رئيس للرئيس أوباما في شئون الشرق الأوسط منذ عام 2013 وحتى هذا العام: “تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية في العراق، واحتلتها وكانت النتيجة كارثة باهظة التكلفة”. ويضيف: مؤخرًا “في ليبيا، تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية، لكنها لم تحتلها، وكانت النتيجة أيضا كارثية باهظة التكلفة. وفي سوريا لم تتدخل الولايات المتحدة الأمريكية، ولم تحتلها، ومازالت النتيجة كارثية باهظة التكلفة”، فمن الواضح أنه ليس من الحكمة أن ننصرف لاستنتاجات جامدة جازمة فيما يخص الصراعات المختلفة.

إلا أنه في تطلعنا للمستقبل، مايزال من الممكن أن نستخلص سلسلة من الأسئلة العظمى، والتي ستشكل تطور إدارة الأزمة بشكل متزايد في 2016؛ إليكم 7 أسئلة:

1.هل ستنتصر روسيا في سوريا أم هي في تخبطٍ ينتهى بالفشل؟

قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالتدخل في سوريا عام 2015 حتما ستكون عواقبه طويلة المدى على تفاعلات القوى العظمى مع الأزمة مستقبلاً.  فإذا كانت موسكو قادرة على تأمين اتفاقية سلام وفق شروطها، ستشكك الصقور من بيكين، وحتى واشنطن في أن قرار بوتين بالتدخل العسكري ما هو، إلا  أداة فاشلة غير صالحة في فن إدارة شئون الدول، متجاهلا الدرس المستفاد من فشل أمريكا في حرب العراق.   

لكن كما تتوقع إدارة الرئيس باراك أوباما، إذا انتهى الحال بروسيا محاصرة في مستنقع من صنع يديها، سيغدو صانعو السياسات بصفة عامة أكثر خجلاً، وليست روسيا فقط، لكن قوى عظمى أخرى ستصبح أقل رغبة في خوض حروب جديدة.

2. هل تدخل العرب السنة بدعة عابرة؟

مغامرة الرئيس بوتين في سوريا طمست جزئيا التدخل العسكري الأهم في 2015، وهو التدخل الذي قادته السعودية للإطاحة بالمتمردين الحوثيين في اليمن. ولهذا، أقامت السعودية ائتلافاً من الحلفاء العرب السنة، ومدعوما من مرتزقة تم الدفع لهم باموال مجزية. وقد اقترح بعض المسئولين في الشرق الأوسط تدخلا مشابها في سوريا. لكن من جانبٍ لم تَجرِ حرب اليمن على نحو سلس، بل عوضا عن ذلك، قَوَت  شوكة تنظيم القاعدة محليًا، وقد يلجا العرب للأمم المتحدة لإرسال قوات حفظ سلام في 2016.   

إذا خلصت السعودية وحلفاؤها إلى أن العملية في اليمن كانت مكلفة، لكنها أيضا كانت تستحق العناء، وعلى الرغم من ذلك، بإمكانهم أن تشن عملية مماثلة، كما يدعونها: بعملية تحقيق استقرار في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في السنوات المقبلة، وتقوض في ذلك المحاولات الخارجية لتهدئة الأوضاع في المنطقة.

3. هل الاتحاد الأوروبي أخيرًا على استعداد لإدارة الأزمات وقت ذروتها؟

كافح الاتحاد الأوروبي كثيرا ليصبح قوة عسكرية مقنِعة طوال عقدين من الزمن. بدايةً كان أداؤه أفضل قليلا في عام 2015 حيث الجدل حول الخيارات البحرية للتصدي لمهربي البشر في البحر المتوسط، لكن أزمة اللاجئين وهجمات باريس، والاضطرابات المستمرة في شمال أفريقيا، كلها تدريجيا أجبرت أعضاء الاتحاد الأوروبي على تحسين مستوى تعاملهم مع الأزمة. حتى ألمانيا الحذرة دائما، تعهدت بتخصيص قوات للمساعدة في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، والعمل على استقرار مالي. وربما تكون هناك فرصة ضئيلة أن الاتحاد الأوروبي يصبح في نهاية المطاف جاد بشأن الأمن في عام 2016.

4 . هل تستطيع قوات الأمن والسلطات في أفريقيا أن تضبط قارتهم أمنياً؟

سيواجه أعضاء الاتحاد الأفريقي اختبارات أكثر شدة من تلك التي تواجه الاتحاد الأوروبي في عام 2016، يعمل الاتحاد الأفريقي حاليا على وضع خطط لنشر قوات تدخل للحيلولة دون انزلاق بوروندي في حالة من الفوضى. إذا نجحت تلك العملية، ستكون خطوة كبرى للأمام من حيث مجهودات القارة في ضبط صراعاتها والاستمرار في مهمتها الطاحنة لتحقيق الاستقرار في الصومال، والتعامل مع انتشار الفوضى في جمهورية أفريقيا الوسطى منذ 2014.

لكن مهمة بروندي يمكن أن تأتي بنتائج عكسية، من حيث مواجهة معارضة جدية أو الوقوع فريسة للفوضى المنتشرة على نطاق واسع، وسوء المعاملة التي صارت مميزة لمهمة حفظ السلام الدولية التي يقودها الاتحاد الأفريقي في جمهورية أفريقيا الوسطى، وفي كلتا الحالتين سيكون اختبارا حاسما لقدرة الاتحاد الأفريقي على إدارة الأزمات على نحوٍ فعالٍ.

5. هل سيتمكن جوزيف كابيلا رئيس جمهورية الكونغو الديموقراطية (زائير سبقا) من إذلال الأمم المتحدة؟

بينما يركز الاتحاد الأفريقي على بروندي، بدأ مسئولو الأمم المتحدة يراقبون ـ بتوتر شديد ـ الأحداث في جمهورية الكونغو الديموقراطية المجاورة، حيث يبحث كابيلا بجدية عن طرق للالتفاف على الدستور للفوز بولاية ثالثة على أكبر دولة تقع جنوب الصحراء الأفريقية، والتي استضافت تحت رعايتها قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة لأكثر من 15 عام. قد يؤدي ذلك إلى أزمة كبيرة، و يحدث ضررا دائما في سمعة الأمم المتحدة في محاولاتها بناء دول فعالة. لكن إذا وافق كابيلا على التنحي، سيكون ذلك نجاحًا منفردًا لأصحاب الخوذات الزرقاء، وخاصة بعد انتكاساتهم مؤخرا في جنوب السودان ومالي.

6. هل بإمكان الولايات المتحدة الأمريكية إنقاذ النظام الدولي الإنساني؟

انتشار الصراعات الكبير من سوريا وصولاً إلى أفريقيا الوسطى خلال العام الماضي وضع ضغطاً هائلاً على وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الأخرى، مهددًا بإغراقهم جميعاً. يوجد الآن حوالي 60 مليون شخص نازح على مستوى العالم، وتريد الأمم المتحدة حوالي 20 مليون دولار للتعامل معهم، وفي حين أن العديد من عمليات الإغاثة الفردية تعوزها السيولة النقدية؟

قبيل احتفالات عيد الميلاد، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية أن الرئيس أوباما جعل حل تلك الأزمة من أولوياته في السنة الأخيرة لولايته. فقد ذكرت أحد الصحف في مقال: “يجب على الرئيس أن يكون واعيا أن سياساته في الشرق الأوسط ساهمت بشكل كبير في محنة بعض المنظمات، مثل: المفوضية وبرنامج الغذاء العالمي”. وأضافت المقالة: “على الرغم من أنها غير مقصودة، ساعدت الولايات المتحدة الأمريكية في إثقال كاهل تلك المنظمات بمزيد من المسئوليات التي تتخطى حدود إمكاناتهم على التعامل مع الأزمات. لذا فهو يدين لهم ببعض الدعم قبل انتهاء ولايته”.  ويبقى لنا أن نرى: هل ما يزال أوباما يتمتع بالنفوذ الكافي لتحقيق ذلك أم لا.

7. هل ستختار القوى العظمى مديراً حقيقياً للأزمة؛ لمنصب سكرتير عام الأمم المتحدة 2017؟

من آخر أعمال الرئيس أوباما، والتي يختتم بها ولايته سيكون المساعدة في اختيار سكرتير جديد للأمم المتحدة يخلف بان كي مون في 2017. لم يكن بان كي مون أبدا متجاوبا بشكل طبيعي مع الأزمات أو اندلاع موجات العنف؛ فهو كان يفضل وتيرة المؤتمرات الدبلوماسية الفخمة، لكن، بينما الأطراف الفاعلة كروسيا والمملكة العربية السعودية، وحتى الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي يقعوا  في المركز من إدارة الأزمة على نحو متزايد، ما تزال الأمم المتحدة هي اللاعب الأكبر في هذا المجال. وماتزال بحاجة إلى قائد يعرف بغريزته كيفية معالجة عمليات الوساطة والعمليات العسكرية ذات المخاطر الكبيرة. فهل ستختار الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من القوى العظمى بمجلس الأمن فرد بتلك المواصفات لاحقًا هذا العام؟ حسناً، لا يسعنا سوى الانتظار لمعرفة ذلك.

هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».