تفاقمت أزمة حزب نداء تونس الحاكم،بعد المؤتمر التوافقي الذي خصص لتجاوز الإشكاليات العالقة،ولكنه كشف عن مشاكل أعمق صلب الحزب بين مختلف مكوناته وقياداته.
وبعد تسميتهم ضمن الهيئة السياسية للحزب خلال مؤتمر سوسة الأحد الماضي،استقال العديد من القيادات وخاصة وزراء ضمن حكومة الصيد،على غرار سعيد العايدي وزير الصحة،ووزير الشؤون الاجتماعية محمود بن رمضان،إلى جانب قيادات مؤسسة للحزب وخاصة فوزي اللومي الذي أعلن عن تأسيس تيار إصلاحي داخل الحزب.
وتمّ الإعلان اليوم الجمعة،عن استقالة جماعية لأعضاء اللجنة الاقتصادية والاجتماعية للحزب من جميع الهياكل على خلفية نتائج مؤتمر سوسة،وفق ما أوردت صحيفة “المغرب” التونسية.
كما أنّ 17 نائباً من المستقيلين من حزب نداء تونس،أودعوا اليوم رسمياً طلب تكوين كتلة نيابية في البرلمان،أطلقوا عليها اسم كتلة “الحرّة” برئاسة عبدالرؤوف الشريف.
وفي ظل تفاقم الأزمة الخانقة التي يعيشها الحزب، سرّبت بعض المصادر القريبة منه أنّ الرئيس الباجي قائد السبسي،اتّصل بالأمين العام المتخلّي محسن مرزوق، وطلب منه التراجع عن بعث حزب جديد والتفكير معاً في رؤية جديدة للإصلاح،وتجاوز الأزمة التي جعلت حزب نداء تونس ينشطر إلى حزيبات وتكتلات وتيارات.
وأكد القيادي فوزي اللومي، الذي أعلن عن تأسيس تيار داخل الحزب، أنه “تمّ الاتصال بي من رئاسة الجمهوريّة لحلحلة أزمة نداء تونس”،مشدداً على أنه “قدّم شروطاً لتجاوز الأزمة الحالي”.
وقال اللومي في تصريح صحفي، “مطلبه الأساسي ليس إلغاء نتائج مؤتمر سوسة الذي أعتبره غير قانوني بقدر ما هو إيجاد توافقات حقيقية تضمن التوازنات والديمقراطية داخل الحزب”.
واشترط أن “لا يكون حافظ قائد السبسي على رأس اللجنة التنفيذية أو المسؤول القانوني عن الحزب، وأن يقع تنصيب أشخاص أكفّاء في الحزب وأن يكون النظام الداخلي منفتحاً وليس على المقاس كما هو الحال الآن، وأن يكون على رأس الهياكل شخص محايد، وأن يتمّ اختيار الهياكل على أساس الانتخابات وليس على أساس التعيينات”.
واتّهم اللومي حافظ قائد السبسي بأنه “عطل عمل لجنة الـ13 وأنّ بعض الأسماء اعترضت على ذلك على غرار فوزي الناصفي، لكن لم يتمّ الكشف عن ذلك للإعلام باعتبار صورة رئيس الجمهورية”.
أما القيادي رؤوف الخماسي، والمنتمي إلى شقّ حافظ قائد السبسي، فقد اعتبر في تصريح مثير وخطير أنّ “الاستقالات مؤامرة ضد النداء والحكومة”، مضيفاً أنّ “لقاء محسن مرزوق مع اتحاد الشغل يستهدف الاستقرار في البلاد”.
وقال الأمين العام الوطني المكلف بالخارج في الحزب في تصريح صحفي،”إنهم يتآمرون ضد الحزب وضد تونس”،مشدداً “رغم الصعوبات التي تمرّ بها البلاد،هناك أناس يريدون الهروب من المسؤولية”.
وأضاف الخماسي،”نحن مسؤولون عن البلاد وعن الحكومة ولن نتراجع عن تحمل مسؤوليتنا”،مشيراً إلى لقاء جمع محسن مرزوق بالأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، قائلاً “عندما أعلم أنّ محسن مرزوق لديه اليوم اجتماع مع اتحاد الشغل في مدينة صفاقس،هذا يؤكد أنهم يستهدفون الاستقرار والحكومة”.
وأكد الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي في كلمته يوم أمس بمناسبة الذكرى الخامسة للثورة،أنّه “لا وريث له في الحكم”،ذلك ردّاً على اتّهامه بمحاولة توريث ابنه حافظ قائد السبسي في حزب نداء تونس.
وذكّر السبسي بأنه “أعلن عن استقالته من الحزب بعد فوزه برئاسة الجهورية تطبيقاً للفصل 76 من الدستور الذي يحجّر عليّ القيام بأيّ نشاط سياسي في أي حزب كان، لكنه لا يحجّر عليّ الاهتمام بما أصبح شأناً وطنياً،له تأثير على صورة تونس في الخارج”،في إشارة إلى اتهام بعض الأحزاب له باختراق الدستور عند تدخّله في أزمة نداء تونس.
وكان حزب نداء تونس عقد مؤتمراً توافقياً يوم الأحد الماضي،لكن القرارات التي تمخّضت عنه لم ترض شقّاً كبيراً من الأعضاء، فتعددت الاستقالات داخل الحزب مجددا.