نادراً ما تمس قضية المرأة وجدان الكثير من الناس لاسيما الغالبية العظمى من الرجال وتحرك فيهم مكامن أوجاعها ومعاناتها ومشقتها ومشاكلها ولعل ذلك ناتج عن النسيج الثقافي الذي يحكم فكر الكثير من حيث لم تنل المرأة من سُلم التقسـيم في المجتمع سوى الشيء القليل والقليل جداً، والغريب ان انتشار ثقافة الانتقاص من المرأة تسود تصورات الكثير من أبناء المجتمع تحت عنوان صغر عقلها او عاطفتها او مزاجها او ضعف دورها وعدم قدرتها وهذه الأوصاف تصب في خانة الضعف والمهانة ، هذه النظرية الغير منطقية ضد المرأة جنت على المرأة في الوطن وجعلتها أقل قيمة في عين البعض بالرغم من اعتقادنا نحن الطبقة المثقفة الواعية على أن المرأة ليست نصف المجتمع كما تروج الأدبيات البسيطة بل هي كل المجتمع وبالنتيجة يبقى الرجل نتاج امرأة ، فالمرأة هي الزوجة ،والأم ،والأخت ،والعمة ،والخالة ،وابنة الاخ والأخت وهي التي تنجب وتربي وتهيئ وسائل الراحة والسعادة بل الحياة للأسرة والمجتمع ، والمرأة الحاضنة الرئيسية للعاطفة ومنبع الحنان ومصدر الرعاية وهي المعينة للرجل في النوائب والمصائب والمصاعب ! فكيف يغيب حقها ويغيب دورها ، وتركت بعيداً عن صميم الحياة ومعركة الوجود لاسيما وان المجتمع اليوم في هذه الظروف الأكثر قهراً ما أحوجه للمرأة لتكون وتمثل جانب جمال الروح في الاسرة وشد عزيمة الأبناء والإباء وتعمل بكل ما أوتيت من قوة من اجل البناء
وحسب موقعها في الأسرة والمجتمع ، فأنا انظر ايضا للمرأة على انها كائن معطاء وهي اكثر وعيا في الوقوف على الخلل سواء داخل الاسره او في المؤسسة ولها القدرة على وضع الحلول ، والمرأة اليوم هي ليست المرأة التي كانت قبل الاسلام وبعد الاسلام لان جذور الجهل ما قبل الاسلام استمرت حتى بعد الاسلام ، وبالرغم من كل ما يتسبب للمرأة من إجحاف الا انها اليوم كما هو الرجل من حيث الاهمية أن لم تكن اكثر اهمية في كثير من المجالات فمن حيث الإيمان تبقى المرأة المؤمنة كما هو الرجل المؤمن فكلاهما يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ،والمعروف هنا بناء المجتمع الصالح وكل ما هو مفيد للمجتمع والأمة وفي كافة المجالات واذا أردنا ان نقول ان المرأة نصف المجتمع عدداً حسب المفاهيم المتعارفة تبقى هي تمثل وتشكل اكثر المجتمع تأثيراً ، واذا أردنا ان نتوسع في المرأة وفكر المرأة وكيان المرأة فسوف نجدها كلها وطنية وإنسانيه وعطاء ولو فتشنا قلوب نسائنا وبناتنا في موضوع حب العراق ووحدة أراضيه فسوف تكون النتيجة بكل تأكيد على ان المرأة بكل عناوينها ستكون القدوة والمثل الأعلى في الوطنية من خلال نبذ كل ما هو من شأنه ان يقسم ويجزأ العراق وأبناءه وعطاء المرأة بلا شك يفوق عطاء الرجل اذا ما أخذنا بنظر الاعتبار دور المرأة في العمل كموظفة ودورها كمربية في داخل البيت والأسرة وليس بالضرورة ان يكون الرجل كما هي ، وتبقـى المرأة اكثـر من الرجـل أحساسا بالفواجع والمواجع لأنها اكثر حنانا ورحمة وشفقه ،اذن يجب ان تبقى النظرة للمرأة ضمن مشروع وطني وأخلاقي وشرعي ينطلق من هذه الشمولية في الرؤية تجاه المرأة وبالتالي فأن حقوقها لا تتجزأ وكيانها لا ينشطر وعلى المجتمع المتحضر ان يفهم ويعي ويحترم هذه الحقيقة وبخلافها سوف نكون مجتمعاً متخلفاً بكل المقاييس .
.