تباينت آراء السياسيين حول الدعوة إلى حوار وطني لمعالجة مشاكل التنمية والتشغيل التي تتخبط فيها تونس منذ سنوات عديدة، وتفاقمت بعد الثورة نتيجة المطالب المشطّة لأكثر من 600 ألف عاطل عن العمل في مختلف جهات البلاد، أكثر من 200 ألف منهم من أصحاب الشهادات العليا.
وإذا كان رئيس حركة النهضة، كما اتحاد الشغل، دعوا إلى ضرورة تنظيم حوار وطني للتشغيل، بينما أشار رئيس حزب الاتحاد الوطني الحر إلى أنّ الحوار الوطني لا يوقف الاحتجاجات، ورفضت وداد بوشماوي رئيسة منظمة الأعراف الدعوة إلى هذا الحوار.
وعاشت تونس احتجاجات عارمة في الأيام الأخيرة حيث طالب المحتجون بالتشغيل والتنمية، واستغل البعض ذلك للقيام بأعمال عنف وتخريب وسرقة وحرق لمؤسسات عمومية وخاصة.
ودعا رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي إلى عقد حوار وطني حول التشغيل بإشراف الحكومة، مشدداً على ضرورة مشاركة مختلف الأحزاب السياسية والمنظمات الاجتماعية في هذا الحوار.
وقال الغنوشي: “ليس أمامنا سوى الحوار أو القتال ولأننا نرفض القتال فلم يبق أمام المجتمع المدني والسياسي إلا الحوار.”، مضيفاً “لقد أنقذنا بلادنا في السابق من خلال الحوار الوطني فكيف لا ننقذها اليوم”.
من جانبه دعا حسين العباسي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية) إلى تنظيم حوار وطني تشرف عليه الحكومة لمعالجة مشكل التنمية والتشغيل.
وأكد العباسي بعد لقائه برئيس الحكومة على ضرورة تشريك مختلف مكونات المجتمع المدني بما في ذلك تشريك المعطلين عن العمل، مضيفاً “الشباب المحتج طال انتظاره والمطالب لم تتحقق لذا لا بد من حوار وطني.” .
في رؤية مغايرة لموضوع إيجاد الحلول الكفيلة بتوفير مواطن الشغل، دعا رئيس الاتحاد الوطني الحر سليم الرياحي، ورجل الأعمال المعروف، الحكومة إلى “تغيير سياسة التواصل والتركيز على المشاريع الكبرى”.
وأضاف الرياحي في تصريح صحفي: “نحن نرى أنّ هذا ليس حلاًّ لأنّ المشاكل معروفة ولا بد من الوقوف عليها.”.
وشدّد الرياحي على ضرورة حلّ الإشكاليات العقارية وتمويل المشاريع، داعياً لاحتضان رجال الأعمال، فهم يملكون مشاريع قابلة للتنفيذ وقادرة على استيعاب عدد كبير من طالبي الشغل.
من جانبها وقفت وداد بوشماوي رئيسة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (منظمة الأعراف) ضد تنظيم حوار وطني حول التشغيل، وقالت: “إنّ الشباب ينتظر إجراءات عاجلة تتعلق بالتشغيل.”.
وطالبت رئيس الحكومة بتسهيل التراتيب الإدارية للنظر في المشاريع المعطلة وتشجيع المستثمرين.
وتقدمت الجبهة الشعبية (ائتلاف من الأحزاب اليسارية والقومية) بأربعة مقترحات تتمثل في فرض ضريبة استثنائية وظرفية على الثروات الكبرى، وتعليق تسديد الديون لثلاث سنوات، والضغط على نفقات الدولة، وحسم مسألة الأملاك المصادرة.
أما رئيس حزب آفاق محمد الوزير فقد أشار بعد لقائه رئيس الحكومة أنّ هذا الأخير اقترح ضمان دخل قيمته 500 دينار شهرياً (300 دولار) لكل عائلة تونسية سواء عن طريق تشغيل أحد أفرادها أو من خلال أي آلية أخرى تضمن ذلك.
وقال الوزير: “على المستثمرين التونسيين الإقبال على الاستثمار في المشاريع الكبرى مع تشجيع بعث المشاريع الصغرى.”.
وقد نظم رئيس الحكومة لقاءات برؤساء الأحزاب والمنظمات الوطنية في إطار سلسلة من المحادثات والاجتماعات التشاورية لتدارس المقترحات والحلول بشأن الوضع العام الذي تمرّ به تونس.
وتطرق الحبيب الصيد إلى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية على ضوء الأحداث الأخيرة التي شهدتها بعض المناطق الداخلية، واستمع إلى المقترحات التي قدمتها الأحزاب السياسية والمنظمات الاجتماعية لتعزيز التوافق الوطني ورفع التحديات القائمة.