لندن- يعطي تدني أسعار النفط والآثار الاقتصادية والجيوسياسية الناتجة عن سنوات العقوبات الدولية مؤشرات على أن التصنيف الائتماني لإيران سيكون “عالي المخاطر”، عندما تبدأ طهران في تلمس طريق عودتها إلى سوق الاقتراض.
ومع رفع العقوبات المرتبطة ببرنامجها النووي، من المتوقع أن تبدأ إيران في طرق أبواب سوق السندات خلال ستة أشهر إلى 12 شهرا مقبلة، لمحاولة إعادة ضخ الدماء في شرايين ثاني أكبر اقتصاد بمنطقة الشرق الأوسط.
وستساعد على هذا التصنيفات الائتمانية من الوكالات الثلاث الكبرى ستاندرد آند بورز وموديز وفيتش وإن كانت تلك التصنيفات ليست بالضرورية.
والتصنيف الائتماني أداة قياسية يستخدمها المستثمرون للتكهن باحتمالية استرداد أموالهم وتقدير الحوافز التي يتعين عليهم أن يتوقعوها فيما يتعلق بمدفوعات الفائدة من خلال عقد مقارنة بين الدول الحاصلة على نفس التصنيفات.
وكانت آخر مرة تحصل فيها إيران على تصنيف ائتماني قبل نحو 10 سنوات عندما أعطتها وكالة موديز تصنيف B2 وأعطتها فيتش تصنيف B المعادل لتصنيف الأولى في حين لم تعطها وكالة ستاندرد آند بورز تصنيفا قط بسبب تعقيدات السياسة.
وبالنظر إلى أثر العقوبات وسعر سلعة التصدير الأساسية في إيران وهي النفط بالإضافة إلى انخفاض معدلات النمو وأسعار الفائدة العالمية يبذل المستثمرون قصارى جهدهم للتكهن بالتصنيف الذي ستحصل عليه إيران هذه المرة.
وقالت شيرين محمدي المحللة لدى وكالة موديز والمسؤولة عن تغطية منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى: “تصنيفنا السابق لإيران كان B2 لكن حدثت تغيرات كثيرة منذ ذلك الحين بما في ذلك منهجنا.”
وأضافت: “مستويات الثروة انخفضت في ظل العقوبات ومعدلات التضخم التي انخفضت الآن كانت قد شهدت فترة ارتفاع بسبب سوء إدارة بعض السياسات النقدية.”
وفيما يتعلق بالعوامل الأساسية للاقتصاد فهناك إيجابيات وسلبيات.
وتصنف إيران ذات الثمانين مليون نسمة على أنها دولة متوسطة الدخل ويتمتع سكانها بمستوى تعليم مرتفع للغاية كما أن إنتاجها الاقتصادي السنوي (الناتج المحلي الإجمالي) يبلغ نحو 400 مليار دولار بما يتجاوز الناتج المحلي الإجمالي لدول مستقرة في جوارها مثل تايلاند أو جنوب إفريقيا.
وتتوقع موديز ارتفاع معدلات النمو في إيران إلى ما بين أربعة وخمسة بالمائة هذا العام وأحد العوامل الإيجابية القليلة للعقوبات هو أن دين البلاد لا يتجاوز 15 إلى 16 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وقالت شيرين: “هذا منخفض نسبيا ويشابه الإمارات العربية المتحدة وكازاخستان وروسيا وتشيلي”، وجميعها دول ذات تصنيف يشجع على الاستثمار أو يقترب منه.
مخاطر عالية
لكن إلى جانب هذا هناك سلبيات إذ انخفض الدخل الاسمي للفرد إلى 4900 دولار مقابل 7500 دولار قبل العقوبات ليماثل الدخل الاسمي للفرد في ألبانيا والبوسنة وتصنيفهما B3 عالي المخاطر، كما أن سعر النفط عند نحو 30 دولارا للبرميل.
وقالت فيتش في الآونة الأخيرة إنها تتوقع أن تحتاج إيران إلى سنوات قبل أن يعود إنتاجها من النفط والغاز إلى مستويات الذروة السابقة غير أنها قالت إنها لن تعلق على أي تصنيف سيادي محتمل.
وفيما يتعلق بالاستقرار السياسي والفساد وسيادة القانون قالت شيرين إن إيران مزيج من تايلاند وجواتيمالا وهندوراس والإكوادور ومنغوليا وإندونيسيا وهو ما يعطي إشارة في المتوسط على تصنيف عالي المخاطر.
وأضافت: “من المرجح أن تكون المخاطر السياسية والجيوسياسية الأعلى بالنسبة لإيران”، ملقية الضوء على حرب التصريحات الدائرة مع السعودية.
وتتجنب وكالات التصنيف الحديث عن توقعات مبكرة للتصنيف الذي من المرجح أن يعطوه لإيران خوفا من التأثير على السوق.
ويحبذ بعض المستثمرين شراء السندات منخفضة المخاطر فقط في حين يقدم البعض على المخاطرة بشراء السندات الأقل تصنيفا لكن فقط إذا كانت مرتفعة العائد.
وقد تحتاج عملية وضع التصنيف إلى ما بين أسبوعين وشهرين بحسب الظروف المحيطة على الرغم من أنه ليست هناك إشارة بعد من طهران أو وكالات التصنيف الائتماني على تقديم طلب لبدء العملية.
في الوقت ذاته ينظر إلى العراق على أنه مثال واضح للمقارنة حيث أعطته ستاندرد آند بورز التصنيف B- الذي يبعد بتسع نقاط عن التصنيفات منخفضة المخاطر وذلك في أول تصنيف تعطية الوكالة للعراق في سبتمبر /أيلول.
وتمهد بغداد هي الأخرى الأرض للعودة إلى سوق السندات لكنها أجلت الخطوة في أكتوبر /تشرين الأول بعد أن بدا واضحا أن المستثمرين سيطلبون عائدا كبيرا على السندات يصل إلى 11 بالمائة.
وكميات النفط التي في حوزة كل من البلدين متقاربة نسبيا لكن البلدين مختلفان في عدة جوانب، فحجم الاقتصاد الإيراني مثلي حجم الاقتصاد العراقي على سبيل المثال وإيران على عكس العراق لم يستول مسلحو تنظيم داعش على جزء من أراضيها.
وأجبرت عدة أشكال من العقوبات طهران على تنويع موارد اقتصادها وفرض أنواع من الضرائب مازال آخرون في المنطقة يدرسون تطبيقها.
وقال موريتز كريمر رئيس التصنيفات السيادية لدى ستاندرد آند بورز إن هناك الكثير جدا من التعقيدات القانونية والاقتصادية أمام وكالته لإبداء الرأي بشأن إيران، مضيفا: “تخميني هو أنه لن يكون تصنيفا منخفض المخاطر لكن هذا ليس بالجديد”.