ويكيليكس بغداد:
كشفت دانيا عقاد في تقرير بموقع “ميدل إيست آي” البريطاني، عن أن وزير الخارجية الأمريكية، جون كيري، حمل المعارضة السورية مسؤولية فشل عملية السلام، وحذر من أن فشل محادثات جنيف يعني استمرار القصف لثلاثة أشهر حتى “تفنى” المعارضة.
ويقول التقرير : إنه بعد ساعات معدودة من انهيار محادثات جنيف، أخبر وزير الخارجية الأمريكي جون كيري عاملين في مجال الإغاثة والمساعدات الإنسانية لهما علاقة بسوريا بأن على البلد أن تتوقع ثلاثة شهور أخرى من القصف الذي “سيُفني” المعارضة.
فخلال حوار دار على هامش مؤتمر المانحين في لندن هذا الأسبوع، وبحسب ما أوردته بعض المصادر، وجه كيري اللوم إلى المعارضة السورية وحملها المسؤولية لانسحابها من المحادثات على تمهيد الطريق أمام هجوم مشترك تشنه قوات الحكومة السورية والقوات الروسية على حلب.
وبحسب ما صرحت به لموقع “ميدل إيست آي” ناشطة في مجال الإغاثة، طلبت عدم الكشف عن هويتها حماية للمنظمة التي تعمل فيها، قال كيري بالحرف الواحد: “لا تلوموني – اذهبوا ولوموا المعارضة”.
وذكر التقرير أنه بينما كان عشرات الآلاف من السوريين يلوذون بالفرار من حملة القصف التي تشنها على حلب قوات الحكومة السورية والقوات الروسية، أخبر كيري الصحفيين، الجمعة، بأن روسيا وإيران، وكلاهما حلفاء للنظام في سوريا، أخبراه بأنهما على استعداد لوقف إطلاق النار في سوريا.
وقال إنه سيعرف “ما إذا كانت هذه الأطراف جادة” بعد اجتماع مجموعة دعم سوريا الدولية – والمكونة من 17 بلدا بما في ذلك الولايات المتحدة وروسيا – والذي من المفروض أن ينعقد في ميونيخ الأسبوع المقبل.
إلا أن كيري ترك انطباعا واضحا لدى العاملين في منظمات الإغاثة والعون الإنساني بأن الولايات المتحدة ماضية في تخليها عن الجهود لدعم قوات الثوار.
وكانت محادثات جنيف برعاية الأمم المتحدة قد علقت في وقت مبكر من هذا الأسبوع بعد أن رفض وفدا الحكومة والمعارضة الاجتماع معا، حيث اشترط موفدو المعارضة وقف القصف تماما قبل الشروع في أي محادثات، بينما صرحت الحكومة بأن الثوار لم يكونوا “جادين” بدفع جهود السلام إلى الإمام.
وكان من تداعيات الرسائل المختلطة التي بعث بها كيري بعد انهيار عملية جنيف أن فاقمت الضغوط على تركيا والمملكة العربية السعودية، بحسب ما صرح به مصدر تركي لموقع “ميدل إيست آي”.
وأشار تقرير الموقع البريطاني إلى تحذير رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، مؤتمر المانحين، الخميس، بأن عشرات الآلاف من الناس بدؤوا بالنزوح من حلب والسير باتجاه الحدود التركية. في اليوم نفسه، صرحت المملكة العربية السعودية أنها قد تساهم بنشر قوات تابعة لها كجزء من قوة متعددة الجنسيات بهدف محاربة تنظيم الدولة.
وبحسب مصدر تركي رفيع المستوى، تشعر كل من تركيا والمملكة العربية السعودية بانزعاج شديد إزاء احتمال انهيار الجيش السوري الحر، وهو الفصيل المعارض الذي تعترف بشرعيته الولايات المتحدة الأمريكية.
وقالت ناشطتان سوريتان تعملان في مجال الإغاثة، إنهما اقتربتا من كيري أثناء حفل استقبال نظم على هامش مؤتمر المانحين في لندن وأخبرتاه بأنه لم يقم بما فيه الكفاية من أجل حماية المدنيين السوريين، فما كان منه إلا أن قال لهما إن عليهما أن تلوما المعارضة.
وقالت إحدى هاتين الناشطتين، والتي اشترطت أيضا عدم الكشف عن هويتها: “لقد قال كيري بشكل واضح إن المعارضة لم ترغب في التفاوض، ولم ترغب في وقف إطلاق النار، وأنها أدارت ظهرها وانسحبت”.
وأضافت هذه الناشطة أن كيري قال لهما: “ماذا تريدان مني أن أفعل؟ أن أخوض حربا ضد روسيا؟ هل هذا ما تريدانه مني؟”.
وأوضحت كلتا الناشطتين أن كيري أخبرهما بأن يتوقعا ثلاثة شهور من القصف سيتم خلالها “القضاء على المعارضة قضاء مبرما”.
وأشارت الناشطة الثانية إلى أن أقصى ما بدا كيري على استعداد لتقديمه هو إنزال المساعدات جوا على البلدات المحاصرة، وهو الأمر الذي قال إنه ناقشه مع الروس.
وفي حديث مع موقع “ميدل إيست آي”، قال مصدر ثالث ادعى أنه قام بدور ضابط الاتصال ما بين الحكومتين السورية والأمريكية خلال الشهور الستة الماضية، إن كيري مرر رسالة إلى الرئيس السوري بشار الأسد في تشرين الأول/ أكتوبر مفادها أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تريد له أن يخلع من منصبه.
وادعى المصدر أن كيري أصر، بدلا من ذلك، على أنه يتوجب على الأسد التوقف عن استخدام البراميل المتفجرة، والتي ترعب السكان المدنيين.
وأوضح المصدر أن كيري قال إنه فيما لو توقف الأسد عن استخدام البراميل المتفجرة فإن كيري بإمكانه أن “يسوق القصة” لدى الجمهور.
ويقال بأن الأسد رد على كيري بأن الولايات المتحدة تحتاج في المقابل لأن “تتوقف عن مساندة المتمردين”، بحسب ما صرح به المصدر.
وقد جاء فتح خط للتواصل ما بين كيري والأسد بعد سلسلة من المراجعات للسياسة الأمريكية عقب فشل برنامجها لتدريب وتسليح قوات الثوار السوريين.
وكان هذا البرنامج قد انتهى إلى فشل تام في آب/ أغسطس الماضي حينما تعرضت مجموعة من المقاتلين الذين أنهوا تدريباتهم، فيما يعرف بالفيلق 30، وعادوا لتوهم من الولايات المتحدة الأمريكية، إلى الاعتقال بعد أن جرى رصدهم وهم يعبرون الحدود إلى سوريا للمرة الأولى. وبعد شهر من ذلك، تمكنت جبهة النصرة من إلقاء القبض على مجموعة أخرى من المقاتلين واستولت على أسلحتهم، وقيل حينها إنهم سلموا للقاعدة في سوريا.
وادعى تقرير نشر في صحيفة “ذي لندن ريفيو أوف بوكس”، أعده سيمور هيرش، بأن برنامج التدريب إنما أفسده القادة العسكريون داخل البنتاغون لعدم قناعتهم بأنه سينجح، وادعى التقرير، أيضا، أن هؤلاء القادة العسكريين سربوا معلومات للأسد حول تحركات القوات على الأرض.
وكان كيري مؤخرا قد تعرض للنقد بسبب ممارسته الضغوط على المعارضة لكي تشارك في محادثات جنيف، وبسبب ما قيل عن تصريحه بأن المعارضة سوف تخسر دعم الولايات المتحدة إذا لم تحضر إلى جنيف.
كما انهمرت الانتقادات على الإدارة الأمريكية لأنها قبلت بأن يبقى الأسد زعيما لسوريا، وهي الخطوة التي يرى بعض الخبراء بأنها ساهمت في إضعاف نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية في علاقتها مع روسيا، وأنها في الوقت نفسه خلقت توترات مع حلفائها داخل الجيش السوري الحر والذين يجزمون بأن ذلك خط أحمر ما كان ينبغي أن تتخطاه الإدارة الأمريكية.
وحينما توجه موقع “ميدل إيست آي” إلى وزارة الخارجية الأمريكية سائلا إياها عن تعليقها على ما صرح به نشطاء الإغاثة وعلى ما زعمه المصدر الذي كان يعمل ضابط اتصال بين الحكومتين في سوريا وأمريكا، أشارت الخارجية على موقع “ميد إيست آي” بالعودة إلى تصريحات كيري، الجمعة، وإلى المؤتمر الصحفي الذي عقدته وزارة الخارجية الأمريكية في اليوم ذاته، ولكنها لم تصرح بشيء تجاه التقرير بعد نشره.