أحمد عصيد: لهذا نرفض عبارة "المغرب العربي".. والأمازيغية والعربية ليستا في حرب

آخر تحديث 2016-02-08 00:00:00 - المصدر: CNN العربية

أحمد عصيد، الذي يحلّ ضيفًا على موقع  CNN بالعربية في حوار من ثلاثة أجزاء، يعدّ كذلك واحدًا من العلمانيين الشرسين في المغرب، وهو معروف بدعوته للفصل الصارم بين الدين والسياسة ونقده لتاريخ الإسلام، ممّا كلّفه حملات متتالية من الشتائم والتهديدات، لدرجة أن اسمه اعتلى قائمة كشفت عنها السلطات الأمنية المغربية، تهّم الشخصيات المهددة بالاغتيال من طرف تنظيم "داعش".

CNN بالعربية: نبدأ معك أوّلًا من ملف الأمازيغية، مرّت أزيد من أربع سنوات على الدستور الجديد الذي نصّ على رسمية الأمازيغية في المغرب، غير أن القانون التنظيمي الخاص بهذه اللغة لم يصدر بعد، ولم يفتح النقاش حوله إلّا مؤخرًا. ما السبب؟

هناك سببان لهذا التأخر، الأول هو أن الأمازيغية ملف سيادي، يصل جزء من قراره إلى المؤسسة الملكية، بينما لا تملك الحكومة أن تبادر في الموضوع إذا لم تتلقّ إشارة أو قرارٍ من الملك. الثاني أن الحزب الذي يرأس الحكومة ليس متحمسًا لهذا الموضوع، فالتعددية الثقافية تزعج حزب العدالة والتنمية الذي يميل إلى الفكر الواحد واللغة الواحدة والدين الواحد، رغم أن الأمازيغية تدخل ضمن الالتزامات الكبرى للدولة.

 مؤاخذتنا على الحكومة لا تتوقف فقط في القانون التنظيمي، بل في عدم متابعتها المسار الذي نهجته الدولة في موضوع الأمازيغية، إذ منذ أن أعلن الملك محمد السادس عام 2001 أن الأمازيغية مسؤولية المغاربة والدولة في مسلسل لمأسستها إلى أن وقع العكس مع هذه الحكومة، حيث عرفت الأمازيغية عددًا من التراجعات، لا سيما في ميدان التعليم والإعلام، والغريب في الأمر أن هذا الحزب بادر إلى اقتراح قانون لحماية اللغة العربية رغم عدم وجود ضغط كبير عليها أو تراجع رسمي.

لكن رئيس الحكومة أعلن مؤخرًا عن بدء المشاورات حول القانون التنظيمي للأمازيغية؟

بعيدًا عن الحديث عن التأخر في الإعلان، فرئيس الحكومة لم يدع الحركة الأمازيغية إلى لجنة تناقش هذا الموضوع، كل ما قام به هو أن وضع بريدًا إلكترونيا وطلب منا إرسال المذكرات، وهو ما نرفضه، فالمقاربة التشاركية توجب خلق لجنة خاصة لها إلمام بهذا الموضوع. ونؤكد فيها هذا الصدد أن الكل متفق حول غرابة تصرف بنكيران، بمن فيهم أحزاب الأغلبية.

لكن لماذا تستمر الحركة الأمازيغية في خطاب المظلومية وتصوير نفسها دائما ضحيةً، لدرجة أن نضالاتها تصلُ أحيانًا إلى أساليب تثير الجدل كإحراق صور بنكيران؟

 السبب في عدم الحسم هم استمرار الميز، فالسياسات العمومية لا تزال تعود إلى ما قبل دستور 2011 في موضوع الأمازيغية. لكن يجب أن نكون واضحين: ليست كل سلوكيات احتجاج الأمازيغ تتبناها الحركة، فإحراق صور بنكيران سلوك غير مقبول تبرأنا منه، فما نعرفه هو أنه لا تُحرق سوى صور العدو الخارجي، وبنكيران ليس عدوا لنا..  صحيح أننا خصوم، ولكننا نتصارع بشكل شريف.

غير أنه في الجانب الآخر، يمكن أن أقول إننا تجاوزنا خطاب المظلومية إلى القوة الاقتراحية، إذ عقدنا بعد الدستور الجديد 14 لقاءً وطنيًا تمخضت عنها عدة اقتراحات، وصلت حد صياغة مشروع قانون للمجلس الوطني للغات.

 لكن ما قد يُعاب على الحركة الأمازيغية هو لهجتها القاسية تجاه العربية لدرجة أن هناك من يتهمكم بالرغبة في محاربة العربية؟

 لا توجد حرب بين الأمازيغية والعربية في المغرب، هناك صراع بين الإيديولوجيات السياسية واللغوية والهوياتية، وهو صراع بين البشر سبّبه غياب الاعتراف الفعلي بالتعددية الثقافية، أما اللغات فهي لا تتصارع ولا تتصادم، فالعربية والأمازيغية شهدتا تاريخًا من التبادل اللغوي، كان نتاجه الدارجة المغربية التي تتوّفر على نسبة من اللغتين معاً، كما أن العربية انتشرت في المغرب بفضل الأمازيغ الذين ساهموا في قواعدها ونشرها، ومنهم عالم النحو ابن آجروم.

 إذا سلمنا بأنكم لا تحاربون العربية، فلماذا ترفضون وصف المغرب بكونه دولة عربية، رغم أن العربية هي لغته الرسمية إلى جانب الأمازيغية؟

 نحن نرفض التسميات الاختزالية، عندما تصف المغرب بالدولة العربية، فأنت تقصي بقية المكوّنات. لذلك ناضلنا وغيّرنا عبارة "المغرب العربي" في الدستور بـ"المغرب الكبير"، ليس رفضا للعربية، ولكن رفضَا لاختزال منطقة متنوعة الثقافات في بُعد واحد. وبهذا الرفض، لا ننادي بأن يسود عرق واحد في المنطقة، فالعرق الواحد أصلًا خرافة، بل ننادي باحترام الحقوق الثقافية وإثبات عراقة الأمازيغية في المغرب الكبير.