في توقيت مثير للجدل والأسئلة، وبعد يوم واحد من قرار المملكة العربية السعودية وقف الدعم المالي المقدرة قيمته بـ4 مليارات دولار خصصت لتسليح الجيش اللبناني وقوات الأمن، فوجىء مشاهدو "العربية" بعرض القناة لفيلم "حكاية حسن"؛ ممّا يتناقض بشكل واضح مع السياسة التحريرية للقناة التي عرفت بتناغمها مع المواقف الرسمية للمملكة العربية السعودية؛ الأمر الذي أثار غضباً واستياءً شعبياً أظهرته مواقع التواصل الاجتماعي.
في الفيلم الذي يمتد 20 دقيقة، يحكي الراوي "حكاية حسن"؛ أي حسن نصر الله، الأمين العام لتنظيم "حزب الله" اللبناني، المعروف بموالاته وخضوعه للإملاءات الإيرانية ومشاركته الفعالة في سوريا بالقتال إلى جانب قوات الأسد والحرس الثوري الإيراني في مواجهة المدنيين وقوات المعارضة السورية المدعومة من السعودية.
إذا أردنا تحليل محتوى الفيلم والرسائل التي يبثها بشكل مقتضب فيمكن بداية النظر إلى اسم الفيلم، "حكاية حسن"، التي تنزع عن القائد السياسي والعسكري صفته الرسمية وألقابه الكثيرة وتكتفي باسمه الأول؛ ممّا يهدف لتقريب الشخصية الأساسية في الفيلم من المشاهدين وإزالة الحواجز بينهم؛ ممّا يسهل إيصال الرسالة وتضخيم أثرها على المشاعر.
الفيلم من حيث التصنيف ينتمي للفئة الوثائقية، إلا أنك فور مشاهدته ستجده يفتقر لهدفه "التثقيفي"، فهو أقرب للفيلم الترويجي. إذ يتكون من سلسلة مقاطع من أرشيف "حزب الله" والقنوات الإعلامية الداعمة له، فيعرض محطات من حياة حسن نصر الله بدءاً من ولادته وتلقيه التعليم الديني في النجف ومشاركته السياسية ونشاطه في حركة "أمل"، ودوره في الانشقاق عنها وتأسيس "حزب الله"، ومن ثم الحروب التي خاضها "حزب الله" ضد إسرائيل.
يعج الفيلم بالخطابات التي يردد فيها "نصر الله" عبارات ذات دلالات طائفية شيعية، إلى جانب صور تجمع حسن نصر الله ببشار الأسد والرئيس الإيراني السابق، أحمدي نجاد، إضافة إلى لقطات من استقبال نجاد في لبنان في مهرجان يضم فقرات غنائية باللغة الفارسية.
ويظهر الترويج في الفيلم بالنظر إلى العبارات المستخدمة كفواصل قصيرة بين المقاطع المختلفة، فاستخدام عبارة "رجل لكل الحروب" بالحديث عن "نصر الله" تدل على هدف أشبه بـ"أسطرة" شخصه وتعظيم شأنه ودوره، خاصة مع إدراج مقاطع لا تهدف إلا لاستثارة مشاعر المشاهدين، مثل المقطع الذي يسأل فيه الإعلامي اللبناني المغنية المعروفة "هيفاء وهبي"، "لمن يدق قلبك أمام الشاشة" وتجيب: عندما أرى حسن نصر الله، إلى جانب عرض مقطع لطفل يقتدي به ويقلد خطاباته بدقة.
وفي حين يعرض الفيلم بشكل واضح أجزاء من خطاباته التي يصرح فيها بوجود مقاتليه في سوريا إلى جانب الأسد، يتجاهل الفيلم عرض الأثر المدمر الذي يتركه مقاتلو "حزب الله" بمشاركتهم في الحرب في سوريا، ودورهم في حصار المدن السورية وتجويع أهلها بشكل ممنهج.
انتقادات حادة نتجت عن المفاجأة التي تلقاها مشاهدو القناة؛ ممّا دفع المغردين ونشطاء صفحات التواصل الاجتماعي وشخصيات معروفة إلى التعليق على الفيلم ومحتواه ومهاجمة قناة "العربية". إذ اعتبر المغردون الفيلم وتوقيت عرضه دعاية مجانية مقدمة من القناة إلى "حزب الله"، خاصة في ظل الأزمة والتوتر القائم بين السعودية ولبنان على خلفية المواقف الداعمة لإيران والمتأثرة من "حزب الله".
وفي هذا السياق، أثار الداعية السعودي المعروف محمد العريفي السؤال: هل يوجد إعلاميون يخدمون الأعداء؟ في حين انتقد الإعلامي في قناة الجزيرة، أحمد زيدان، بداية الفيلم التي تهدف لتحويل نصر الله إلى أسطورة وتخلق هالة قدسية حوله تشبه هالة الأنبياء. فقال زيدان: "مهزلة أن يبدأ الفيلم ببداية رؤية والده وكأنها رؤية آباء الأنبياء وتختتم بطريقة هزلية فيلم لا يرقى للتوتر الخليجي مع لبنان بسبب الحزب".