المحلل السياسي / باسم العوادي المحلل السياسي / محمود المفرجي تباينت الآراء داخل التحالف الوطني حول موضوع التغيير الوزاري الذي يراد تحقيقه ، ولعل أخطر صور التباين قد حصل بين الحليفين المجلس الأعلى والتيار الصدري ، اللذين كان لكل منهما رأي مختلف عن الآخر جذريا. فالتيار الصدري وزعيمه مقتدى الصدر تفاعلوا مع إصلاحات رئيس الوزراء حيدر العبادي ، بشكل كبير، وأطلق الصدر حزمة من الأفكار والأوراق المؤيدة للإصلاح وطالب العبادي بتنفيذها ، فضلا عن أن تياره خرج في تظاهرات بعدد من المحافظات لدعم هذه الإصلاحات وكجزء من الضغط . بعكس هذا يقف المجلس الاعلى وزعيمه السيد عمار الحكيم تماما ، الذي طالب بأن يشمل الإصلاح والتغيير الوزاري حيدر العبادي نفسه . هذا الأمر يشير الى إمكانية تأثير هذا التقاطع على علاقتهما مستقبلا ، وإمكانية صنع تحالفات جديدة لكل منهما مع أقطاب أخرى في داخل التحالف الوطني أو خارجه ، وربما يؤثر أيضا على علاقتهما في عدد من المحافظات المهمة التي شهدت تحالفا كبيرا شكلا من خلاله أغلبية سياسية ساعدتهم في إدارة محافظات عديدة . إن المجلس الأعلى كان يراهن على قدرته على تحشيد الآراء داخل التحالف الوطني وخارجه من إدل تثبيت مطلبه بتغيير العبادي ، والتي قُرأت كردة فعل على نية العبادي بتغيير جميع وزراء المجلس الاعلى باخرين غيرهم. لكن دخول التيار الصدري بهذه القوة المؤيدة للعبادي مقدما أنهى هذا الرهان بصورة كاملة ، بل بالعكس لعله يقربه من قوى سياسية اخرى داخل التحالف الوطني كانت تمثل قوى لا يمكن الإلتقاء بها. هذا يظهر أن طريقة التفكير في إنتاج الإصلاح مختلفة جذريا بين التيار والمجلس، في الوقت الذي يحتفظ فيه العبادي بطريقة تفكير مختلفة أيضا عن الأثنين، قد تلتقي مقدما مع نزعة التيار وأطروحاته لكنها قد تختلف في النتائج كليا. وبالرغم من إختلاف مشروعي التيار والمجلس في المقدمات لكن الغريب أن نهاياتهما تقريبا متشابة، ففي الوقت الذي طالب فيه المجلس الأعلى أن يشمل الإصلاح أيضا رئيس الورزاء، طرح الصدر مشروعه الإصلاحي بطريقة الإلزام والإجبار على العبادي، وأمهله عدة أسابيع للتنفيذ وان لم يستجب فأن الصدر ستكون له طريقه أخرى؟! بمعنى ان المجلس والتيار قد صاغا أفكارهما على وقع الإستغناء عن العبادي فيما اذا لم يتفاعل معهم؟! وحدد الصدر حتى أسماء اللجنة التي على العبادي أن يتعامل معها من أجل إنجاز مشروع إعادة هيكلة الحكومة تحت يافطة الإصلاح، وهذا ما لم تقدم عليه حتى “المرجعية الشيعية العليا”، الأكثر تأثيرا في أن تلزم رئيس الوزراء بأسماء وتطلب منه ان يتعامل معهم وإلا !!!. وفي الوقت الذي لايمكن لرئيس الوزراء العبادي ان يقبل بهذه الطريقة وبهذا الأسلوب، وسيتضامن معه بقية أطراف التحالف الوطني في عدم التسليم بقبول وجهة نظر أو مشروع طرف معين على حساب الأطراف الأخرى، تبدو الصورة النهائية للموضوع برمته ضبابية وغير منتجة. العبادي سوف لن يجد بعد تفويض البرلمان له يوم أمس، ومشاريع الإصلاح المتضاربة التي وضعت أمامه والتي يفكر بها شخصيا، إلا أن يرجع الى المربع الأول، في التوافق، وهو ان يطلب من كل كتلة ان ترشح وزراء جدد تحت يافطة التكنوقراط، ويختصر الوزارة، فتكون العملية برمتها عملية إستبدال وزراء بآخرين جدد، لكي يضمن تجانس الحكومة وبقائها، ويتخلص من عبء مشاريع الإصلاح التي تحولت من كونها حل الى مشكلة هي بحاجة الى حل. ولعل الإشارات التي صدرت من شخصيات حزبية وبرلمانية مقربة من العبادي، تؤكد هذا الحل الوسطي، إلا باستثناء في أن يختار العبادي لنفسه طريقا خاصا في الإصلاح ويصر عليه، مما يقود الى تقاطع كامل بينه وبين حلفاءه، وهذا غير متوقع.