"العفو الدولية" في تقريرها السنوي: الحكومات ترد على تهديدات الأمن القومي بسحق حقوق الإنسان

آخر تحديث 2016-02-25 00:00:00 - المصدر: CNN العربية

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- قالت منظمة العفو الدولية (أمنستي)، الأربعاء، إن الحماية الدولية لحقوق الإنسان تتعرض لخطر الانهيار من جراء المصالح الذاتية قصيرة الأجل لبعض الدول والحملات الأمنية القمعية في دول أخرى، مما أدى إلى اعتداء واسع النطاق على الحقوق والحريات الأساسية.

وحذرت المنظمة في تقريرها السنوي لعام 2015 عن أوضاع حقوق الإنسان في العالم من "اتجاه خبيث متصاعد" لتقويض حقوق الإنسان، ومصدره الحكومات التي تتعمد الاعتداء على المؤسسات التي أُنشئت بغرض حماية حقوق الإنسان، أو تتعمد إهمال هذه المؤسسات أو تحجم عن تقديم التمويل الكافي لها".

وقال الأمين العام لمنظمة العفو الدولية سليل شيتي: "حقوقكم تتعرض للخطر: فهي تُعامل باستخفاف تام من حكومات كثيرة في شتى أرجاء العالم". وأضاف: "هناك ملايين الناس يعانون معاناةً شديدة على أيدي الدول والجماعات المسلحة، وهناك حكومات لا تتورع عن تصوير حماية حقوق الإنسان كما لو كانت تشكل خطراً على الأمن أو القانون أو النظام أو القيم الوطنية".

وذكرت المنظمة أن "هيئات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، والمحكمة الجنائية الدولية، والآليات الإقليمية من قبيل مجلس أوروبا ونظم حقوق الإنسان لدول الأمريكيتين، تتعرض جميعها للتقويض على أيدي بعض الحكومات التي تسعى إلى التهرب من مراقبة سجلها المحلي في مجال حقوق الإنسان".

ودعت منظمة العفو الدولية حكومات العالم إلى تقديم الدعم السياسي، وتوفير التمويل الكامل للنظم القائمة المعنية بتعزيز القانون الدولي وحماية حقوق الأفراد. وقال سليل شيتي إن "الخطر لا يهدد حقوقكم فحسب، بل يهدد أيضاً القوانين والنظم التي تحميها. وبعد ما يزيد عن 70 سنة من العمل الشاق، يبدو تقدم الإنسانية محفوفاً بالمخاطر".

وأكدت المنظمة في تقريرها أنها "وثَّقت أقدمت حكومات كثيرة، كلٌ في سياقها المحلي، على انتهاك القانون الدولي بشكل صارخ خلال عام 2015"، وقالت: "تعرض أشخاص للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة السيئة في أكثر من 122 دولة، بينما قامت 30 دولة أو أكثر بإجبار لاجئين على العودة بشكل غير قانوني إلى بلدان قد يتعرضون فيها للخطر، وفيما لا يقل عن 19 دولة، ارتُكبت جرائم حرب أو غيرها من انتهاكات قوانين الحرب على أيدي حكومات أو جماعات مسلحة". وحذرت المنظمة العفو الدولية من "اتجاه يبعث على القلق من جانب بعض الحكومات التي تتزايد اعتداءاتها على النشطاء والمحامين وغيرهم ممن يعملون للدفاع عن حقوق الإنسان". وقال سليل شيتي: "بدلاً من الإقرار بالدور الجوهري الذي ينهض به المدافعون عن حقوق الإنسان في المجتمع، تُقْدم حكومات كثيرة عمداً على خنق أشكال الانتقاد في بلدانها. وقد انتهكت هذه الحكومات قوانين بلدانها نفسها في سياق حملاتها القمعية على المواطنين".

وأضاف: "كان رد الفعل الخاطئ لكثير من الحكومات على تهديدات الأمن القومي يتمثَّل في سحق المجتمع المدني، والحق في الخصوصية، والحق في حرية التعبير، وكذلك في الحملات الصريحة لتشويه حقوق الإنسان وتحويلها إلى كلمات مقيتة، وتصويرها وكأنها تتعارض مع الأمن القومي والقانون والنظام والقيم الوطنية. وبهذا الشكل، انتهكت تلك الحكومات قوانينها ذاتها".

وأكد شيتي أن "العالم اليوم يواجه تحديات جمَّة خلقتها في الأصل أو ساعدت على استدامتها تلك الحكومات التي تتلاعب بأرواح البشر لتحقيق أغراض سياسية. فهناك ملايين اللاجئين يعانون مع استمرار النزاعات وتفاقمها، بينما تشن الجماعات المسلحة هجمات متعمدة على المدنيين، وترتكب انتهاكات أخرى خطيرة".

وقال: "بوسع قادة العالم أن يحولوا دون استمرار تلك الأزمات وانفلاتها خارج نطاق السيطرة. وينبغي على حكومات العالم أن تكف عن اعتداءاتها على حقوقنا وأن تعزز وسائل الدفاع التي أنشأها العالم لحماية هذه الحقوق. إن حقوق الإنسان ضرورة ملحَّة، وليست أمراً ثانوياً أو كمالياً، وقد أصبحت المخاطر التي يواجهها الجنس البشري بأكمله أعظم من أي وقت مضى".

وقدم التقرير عرضا مفصلا لحالة حقوق الإنسان في كل دولة، وانتقد الدول الأوروبية بسبب تعاملها مع أزمة اللاجئين. ورأى التقرير أن "استمرار استخدام معتقل غوانتنامو هو مثال على التبعات الخطيرة التي تخلفها الحرب العالمية على الإرهاب التي تشنها الولايات المتحدة"؛ منتقدا أيضا ما وصفه بـ"تقاعس السلطات الأمريكية عن محاكمة المسؤولين عن حوادث التعذيب والاختفاء القسري".

وعن إسرائيل، قال التقرير إنها واصلت حصارها العسكري لقطاع غزة وما يستتبعه من عقاب جماعي لسكان القطاع البالغ عددهم نحو 1.8 مليون نسمة، كما تقاعست، شأنها شأن فلسطين، عن الاستجابة لدعوة الأمم المتحدة من أجل إجراء تحقيقات تتسم بالمصداقية بخصوص جرائم الحرب التي ارتُكبت خلال نزاع غزة في عام 2014".

وعن مصر، ذكر تقرير المنظمة أنه "قُبض على آلاف الأشخاص، وبينهم منتقدون سلميون للحكومة، في حملة وحشية تحت ذريعة الأمن القومي، وظل مئات الأشخاص رهن الاحتجاز لفترة طويلة بدون تهمة أو محاكمة، وصدرت أحكام بالإعدام ضد مئات آخرين".

وعن السعودية، قالت منظمة العفو الدولية إنه "كان هناك انقضاض وحشي على كل من تجرأ بالدعوة إلى الإصلاح أو انتقاد السلطات، وارتُكبت جرائم حرب في سياق حملة القصف من قبل التحالف بقيادة السعودية في اليمن، كما أعاقت السلطات إجراء تحقيق بقيادة الأمم المتحدة بخصوص الانتهاكات التي ارتكبتها جميع الأطراف في النزاع في اليمن".

وعن سوريا، أشار التقرير إلى أن "آلاف المدنيين لقوا مصرعهم في هجمات مباشرة وهجمات بدون تمييز باستخدام البراميل المتفجرة وغيرها من الأسلحة، وكذلك من جراء التعذيب أثناء الاحتجاز؛ وظل الحصار مفروضاً لفترات طويلة على مناطق مدنية، مما منع وصول المساعدات الدولية إلى المدنيين الذين يتضورون جوعاً".