حماس ومصر …علاقة متأزمة وتوتر مستمر

آخر تحديث 2016-03-07 00:00:00 - المصدر: القدس العربي

غزة - الأناضول - بعد فوز “محمد مرسي”، أول رئيس مدني منتخب في مصر، بالانتخابات الرئاسية في يونيو/حزيران 2012، شهدت العلاقة بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ومصر، تحسنا كبيرًا وملحوظًا، انعكس إيجابا على سكان قطاع غزة.

غير أن المشهد سرعان ما تغير بعد عامٍ واحد فقط، عقب الإطاحة بـ”مرسي” على يد الجيش، بمشاركة قوى وشخصيات سياسية ودينية، في الثالث من يوليو/تموز 2013، إذ أخذت العلاقات بين حماس، والقيادة المصرية بُعْدًا آخرًا اتسم بالتوتر الشديد.

وفي ظل ذلك التوتر، اتهمت وسائل إعلام مصرية مقربة من السلطات، حركة “حماس″ بالضلوع في هجمات وتفجيرات إرهابية تستهدف سيناء (شمال شرق)، وهو ما تنفيه الحركة بشكل متواصل.

وفي مؤتمر صحفي، بث وقائعه، التلفزيون الحكومي المصري، مساء أمس الأحد، اتهم وزير الداخلية المصرية مجدي عبد الغفار، “حماس″، بـ”القيام بالإعداد والتدريب والإشراف على عملية اغتيال النائب العام المصري السابق هشام بركات، أواخر يونيو/ حزيران 2015، ومن نفّذ هم اللجان النوعية التابعة للإخوان”، وهو ما نفته الحركة، وقالت إن “الاتهام غير صحيح”.

وعلى خلفية الاتهامات الأخيرة،تتدرج على النحو التالي، أبرز الاتهامات التي وجهتها مصر لحركة “حماس″، منذ الإطاحة بـ”مرسي” وحتى الآن:

في 28 فبراير/ شباط 2015، أصدرت محكمة “الأمور المستعجلة” بالقاهرة (تفصل في المنازعات التي يخشى عليها من فوات الوقت)، حكماً بإدراج “حماس″ ضمن “المنظمات الإرهابية”، بعد قبولها دعوة من محاميين يزعمان “تورط الحركة في القيام بالعديد من الأعمال الإرهابية داخل الأراضي المصرية”.

إلا أن الحكومة المصرية، طعنت في مارس/آذار 2015 على الحكم، وألغت ذات المحكمة، حكمها بحق “حماس″ في 6 يونيو/حزيران 2015 القرار، وهو ما رحبت به الحركة، واعتبرته دليلًا على “دور مصر التاريخي تجاه القضية الفلسطينية”.

وفي 31 يناير/ كانون الثاني 2015، قضت محكمة “الأمور المستعجلة”، باعتبار “كتائب عز الدين القسام”، الجناح العسكري لـ”حماس″، “منظمة إرهابية”، وهو ما رفضه “القسام”، في بيان له، مؤكدا أنه لا علاقة له بتنفيذ أية هجمات داخل مصر، وأن سلاحه موجه إلى إسرائيل فقط.

وفي أواخر العام الماضي، نقلت حركة حماس، على لسان قادتها، أنها “تلقت إشارات إيجابية لتحسين علاقتها مع مصر”.

إلا أنه في 18 سبتمبر/أيلول الماضي، بدأت العلاقة بين الحركة والسلطات المصرية، في “التدهور” مجددا، بعد أن شرع الجيش المصري،، في اتخاذ إجراءات على الحدود مع غزة، تمثلت في ضخ كميات كبيرة من مياه البحر في أنابيب عملاقة، مدّها في وقت سابق على طول الحدود، في محاولة لتدمير أنفاق التهريب أسفل الحدود، من خلال إغراقها.

 ومنذ أكتوبر/ تشرين أول الماضي، تعمل السلطات المصرية على إنشاء منطقة خالية من الأنفاق على الشريط الحدودي مع قطاع غزة، وتحديدا في مدينة رفح، البالغ مساحتها 2 كيلومترًا من أجل “مكافحة الإرهاب” كما تقول السلطات المصرية.

وفي 19 أغسطس/آب 2015، شهدت العلاقة بين “حماس″ ومصر، فصلًا جديدًا من التوتر، عقب اختطاف مسلحين مجهولين، 4 شبان فلسطينيين، ينتمون للحركة، في منطقة “شمال سيناء” المصرية (شمال شرق)، بعد مداهمة حافلة كانت تقلهم مع مسافرين آخرين، من معبر رفح البري، على الحدود بين غزة ومصر، إلى مطار القاهرة الدولي.

ولم يتم الكشف حتى اللحظة عن مصير الشبان الأربعة.

وأصدرت حركة حماس، عدة بيانات صحفية، منذ حادثة الاختطاف، طالبت فيها مصر بالعمل على إطلاق سراح المختطفين، وأوضحت أنها وجهت عدة رسائل لمسؤولين دوليين، وعرب، ومصريين، وهيئات حقوقية، أبلغتهم فيها صور وتفاصيل حادثة الاختطاف.

ألقى توتر العلاقة بين مصر وحماس، بظلالها على سكان قطاع غزة، وأثر عليهم سلبًا، خاصة فيما يتعلق بمعبر رفح البري.

وبحسب هيئة المعابر بغزة (تديرها حماس)، فإن السلطات المصرية فتحت معبر رفح البري 21 يوما فقط، خلال العام 2015، للحالات الإنسانية، في “أسوأ إحصائية يشهدها عمل المعبر منذ عام 2009.

 وفي ظل هذا التوتر، تقول حماس إنها تسعى إلى تحسين العلاقة بينها وبين النظام المصري، وزار موسى أبو مرزوق، عضو مكتبها السياسي، العاصمة المصرية، القاهرة، في 14 سبتمبر/أيلول 2015، في زيارة رسمية لعقد لقاء مع مسؤولين هناك، لمناقشة عدة ملفات وقضايا فلسطينية.

وكشف “أسامة حمدان”، مسؤول “العلاقات الدولية”، في حركة “حماس″، عن وجود اتصالات، تجريها حركته مع السلطات المصرية، لتطوير “العلاقة الثنائية” بين الجانبين.

وقال “حمدان” في 27 فبراير/ شباط الماضي: “هناك تحسن ملموس في علاقتنا مع مصر، ونأمل تطوير هذه العلاقة، وأن تسير نحو الأفضل، وفي الاتجاه الذي يخدم القضية الفلسطينية”.

وأكد أن دور مصر، “أساسي وفعّال”، وأن أي علاقة مع أي دولة، أو أية طرف لن يكون على حساب العلاقة مع مصر.

وتعتبر مصر، الراعي الرئيس لملف المصالحة الفلسطينية، واستضافت عدة لقاءات بين حركتي فتح وحماس.

وكان “إسماعيل هنية”، نائب رئيس المكتب السياسي لـ”حماس″، قد قال في تصريحات له مؤخرا إن حدود قطاع غزة مع مصر، “آمنة بقرار سياسي”.

وأضاف قائلا:” لا دور عسكري ولا أمني لنا في سيناء، أو رفح المصرية، لم نسمح بالعبث في أمن مصر في الماضي، ولن نسمح بذلك في المستقبل”.

وشدد على التزام حركته بـ”حسن العلاقة مع مصر”، مجدداً عدم تدخل حماس في الشأن الداخلي لمصر أو لأية دولة عربية”.

 وتعتبر مصر الراعي الرئيس لمفاوضات التهدئة بين الفلسطينيين والإسرائيليين بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة في السابع من يوليو 2014، كما أنها الراعي الرئيس لملف المصالحة الفلسطينية، واستضافت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مؤتمرا لإعادة إعمار غزة.